منذ الانقلاب العسكري، تتعمد وسائل الإعلام التابعة للعسكر عدم ذكر اسم الرئيس الشهيد محمد مرسي مسبوقا بوصف الرئيس، كما تتعمد ذكر اسم عائلته "العياط" كنوع من التنابز بالألقاب، وعند اغتياله داخل قاعة المحكمة، نشرت الصحف خبرا صغيرا عن الوفاة باسمه المجرد.
وبات من المعتاد في مصر حاليا عدم ذكر اسم الرئيس الشهيد مرسي عند الحديث عن رؤساء مصر السابقين، رغم ذكر الرؤساء المؤقتين مثل المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس العسكري الذي أدار البلاد بعد خلع مبارك عام 2011 وحتى تولي الرئيس الشهيد محمد مرسي الرئاسة عام 2012، وعدلي منصور رئيس المحكمة الدستورية الأسبق الذي عينه السيسي رئيسا مؤقتا بعد الانقلاب العسكري عام 2013 وحتى جلس السيسي بنفسه على المقعد المغتصب عام 2014.
وقدم وزير الاستثمار الأسبق، يحيى حامد، شهادة مثيرة للاهتمام، عن تعامل السيسي مع الرئيس الشهيد محمد مرسي قبل الانقلاب عليه، وقال في منشور له على حسابه الرسمي في فيسبوك: إن "السيسي وصل به الأمر في محاولة التزلف، وإظهار الولاء، إلى حمل حذاء الرئيس مرسي بعد خروجه من المسجد، في تصرف كان يثير دهشة الأخير، ويطلب منه عدم القيام به؛ تواضعا منه".
ونشر تحت عنوان "من داخل القصر.. كنت شاهدا" بعد الانتهاء من الصلاة، وجدنا السيسي يذهب ليحمل حذاء الرئيس ليضعه أمامه، نظر الرئيس مرسي له مستغربا، وقال له: (إيه اللي بتعمله ده يا عبد الفتاح)".
وأضاف حامد: "لقد كان هذا السلوك متكررا من طرف السيسي في أكثر من موقف، ولعل الصور الواردة في أثناء لقاءاته بالسيد الرئيس وهو ينظر دائما إلى الأرض أو يجلس على حافة المقعد، تؤكد أنه كان أبعد ما يكون عن هذه الهالة التي يريد أن يرسمها لنفسه بعد كل هذه السنوات لعلاج مركب النقص الذي يعاني منه".
ويقصد بذلك حامد مسلسل "الاختيار 3"، الذي يدعي نظرات غاضبة باستمرار من السيسي إلى مرسي، وإظهاره بمظهر القوي، وكأنه أيضا يعامله بعدم احترام وتقدير، على عكس ما كانت توثقه الكاميرات في عهد الرئيس الراحل، الذي توفي في سجون الانقلاب.
يذكر انه في الثالث من يوليو 2013 انقلب وزير الدفاع في ذلك الوقت الفريق عبد الفتاح السيسي على أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر الشهيد محمد مرسي، وأعلن عزله، واحتجزه في مكان غير معلوم، وعطّل العمل بالدستور، وصدرت أوامر باعتقال المئات من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين أحيلوا لاحقا إلى المحاكمة، وصدرت أحكام بإعدام العديد منهم.
وقبل إعلان الانقلاب بأيام، ألقى الرئيس الشهيد مرسي خطابا امتد لساعتين ونصف الساعة دافع فيه عن شرعيته، ودعا للحوار وتشكيل لجنة لتعديل الدستور والمصالحة الوطنية، لكن المعارضة رفضت الاستجابة لدعوته، وتلا محمد البرادعي بيان جبهة الإنقاذ المعارضة، وقال: إن "خطاب محمد مرسي عكس عجزا واضحا عن الإقرار بالواقع الصعب الذي تعيشه مصر، بسبب فشله في إدارة شؤون البلاد منذ أن تولى منصبه قبل عام" وتمسكت الجبهة بالدعوة إلى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة.
رفض الرئيس الشهيد محمد مرسي قرارات الجيش، واصفا إياها بـ "الانقلاب الكامل"، داعيا المصريين للالتزام بالدستور، وقال بيان الرئيس مرسي، بصفته رئيسا للجمهورية والقائد الأعلى للقوات المسلحة، يشدد على جميع المواطنين مدنيين وعسكريين قادة وجنودا الإلتزام بالدستور والقانون وعدم الاستجابة لهذا الانقلاب الذي يعيد مصر إلى الوراء والحفاظ على سلمية الأداء وتجنب التورط في دماء أبناء الوطن، وعلى الجميع تحمل مسئولياتهم أمام الله ثم أمام الشعب والتاريخ.
يقول شاران جريوال، الباحث غير المقيم في معهد بروكينغز ومؤلف كتاب منتظر عن الجيوش العربية وثورات الربيع العربي، لموقع Middle East Eye البريطاني: إن "السبب الرئيسي لانهيار الانتقال الديمقراطي في مصر هو الجيش".
وذكر جريوال كيف دأب الجيش في مصر على إثارة المخاوف الشعبية من حكم مرسي المضطرب، إذ إن الرئيس مرسي، المدعوم من جماعة الإخوان المسلمين والذي فاز في الانتخابات الرئاسية بفارق طفيف، نُظر إليه بحذر من جانب المعارضة العلمانية في البلاد، وبعض رجال الأعمال، وكثيرين من الأقلية المسيحية الكبيرة في مصر.
اضطلع الجيش بدور مهيمن في مصر منذ إطاحة الملكية في عام 1952 وكان جميع الرؤساء السابقين، جمال عبد الناصر ومحمد أنور السادات ومحمد حسني مبارك، من رجال الجيش.
قال جريوال: "مجرد وجود جيش مسيس مثل جيش مصر، جعل المفاوضات أكثر صعوبة بين الحكومة والمعارضة، بالنسبة للمعارضة، كانت المسألة كما لو أنهم يقولون، لماذا نعمل مع مرسي في حين أننا قادرون على العمل مع الجيش والتخلص منه؟" وأوضح "في مصر، منح هذا الجيش سلطات واسعة، وفي نهاية المطاف أنهى التحول الديمقراطي".
