تأجير رفح للمستثمرين وحرمان الأهالي من العودة لقراهم.. لماذا يعبث نجل السيسي والعرجاني بسيناء؟

- ‎فيتقارير

بعد أن وعد السيسي أهالي سيناء بإعادتهم إلى أراضيهم وبيوتهم بعد تطهيرها من مزاعم الإرهاب وتطويرها، يقوم حاليا بتسليم أراضي رفح التي تمتد من البحر المتوسط شمالا، وحتى جنوب الشيخ زويد، للمستثمرين لاستثمارها، رغم وقوف أهلها على أطراف القرى المجاورة في انتظار إعادتهم إلى بيوتهم وأراضيهم.

يأتي ذلك من أجل الأموال والبزنس الذي يشرف عليه واجهة السيسي الاقتصادية، تاجر المخدرات وصاحب الميلشيات المسلحة إبراهيم العرجاني، وسط صرخات أهالي تلك الأراضي.

وبلا أي مراعاة للحقوق أو التاريخ أو الإنسانية، شهدت مدينة رفح خلال الأيام القليلة الماضية حركة مكوكية لمجموعات من المهندسين الزراعيين والشركات الاستثمارية التي حصلت على موافقات أمنية، للتحرك داخل مدينة رفح التي باتت منطقة عازلة تخلو من السكان الذين تم تهجيرهم على مدار السنوات الماضية، إذ يجري التخطيط لإنشاء منطقة زراعية كبرى، بعد تأجير أرض مدينة رفح للمستثمرين.

 

بداية الجريمة 

بدأت الجريمة في عام 2015، حيث أعلنت حكومة الانقلاب نيتها هدم المدينة بأكملها بهدف توسيع المنطقة العازلة مع حدود قطاع غزة، بعدما بدأت القوات المسلحة في تجريف أجزاء من رفح في أكتوبر 2014.

وبعد إنجاز مشروع ترحيل جزء كبير من ركام المنازل المهدمة في مدينة رفح، وتجريف المناطق الزراعية التي كان يستخدمها سكان رفح في ممارسة مهنة الزراعة على مدار العقود الماضية، بدأت الجهات السيادية بتسليم أرض مدينة رفح لمجموعة من الشركات الاستثمارية لتنفيذ مشاريع كبرى، جزء كبير منها زراعي، وآخر يتعلق باستزراع الأسماك، ومشاريع أخرى للطاقة الشمسية، برغم أن هذه الأراضي هي ملك للمواطنين وليست ملكا للدولة.

ويأتي ذلك في حين أن من حصل على التعويض من سكان المدينة كان على المباني السكانية، كما أنه تم دفع مبالغ مالية زهيدة لعشرات المواطنين مقابل التنازل عن أراضيهم، بالإكراه ، في ظل منع قوات الجيش أي مواطن من دخول مدينة رفح منذ عام 2017.

وجاء تركيز المستثمرين  على رفح لعدة أسباب، أهمها الموقع الجغرافي، حيث إنها تقع بجوار قطاع غزة الذي يستورد أطنانا من الفواكه من مصر بشكل يومي عبر معبر رفح البري الرابط بين مصر وقطاع غزة، وكذلك توافر خزان جوفي غني بالمياه على امتداد المحافظة التي تبلغ مساحتها 456.9 كيلومتر باتت المتصرف فيه قوات الجيش فقط، وكذلك المناخ المناسب لزراعة كل أنواع الخضروات والفواكه، بخلاف كل مناطق سيناء الأخرى، في ظل قربها من ساحل البحر المتوسط، ومناخ فلسطين المعروف بملاءمته للزراعة.

وتشتهر رفح بإنتاج الخوخ والزيتون والموالح والتفاح والبلح والعنب والخضروات الورقية والفلفل، وتنتشر فيها بعض مناطق الرعي.

 

العرجاني وبزنس السيسي

ويقوم المشروع على حفر 1500 بئر مياه في كافة مناطق المدينة، من ساحل البحر شمالا وحتى منطقة البرث، جنوب رفح، ومن جنوب مدينة الشيخ زويد وحتى مسافة 500 متر قبل الحدود مع قطاع غزة، وذلك بعد الانتهاء من تجريف ما تبقى من منازل ومزارع، ورفع الركام خلال الأيام القليلة المقبلة، من ثم تسليم الأراضي للشركات الاستثمارية التي ستعمل في مجال الزراعة والطاقة الشمسية واستخراج المياه، وبالتالي تتوافر كل مقاومات المشروع، دون الحاجة لتوريد أي مستلزم للإنتاج.

ويستهدف المشروع القائم على زراعة هذه المنطقة إلغاء التفكير بالوجود السكاني فيها من ناحية، ومن أخرى تهدف إلى مدّ سوق سيناء وقطاع غزة على حد سواء بالفواكه والخضروات على مدار العام، مع الإشارة إلى أن إحدى شركات رجل الأعمال إبراهيم العرجاني ، المقرب من السيسي، حصلت على عدة امتيازات في رفح، تمثلت في إنشاء شبكة طرق جديدة، ممتدة من ساحل البحر وحتى مناطق وسط وجنوب سيناء، وكذلك امتياز رفع الركام مقابل الحصول على كميات كبيرة من حديد التسليح في المنازل.

كما تعمل إحدى شركات العرجاني في  نقل الفواكه بشكل شبه يومي إلى قطاع غزة عبر منفذ رفح البري، بينما يتم الحصول على هذه الفواكه وبعض الخضروات من مزارع العرجاني في محافظتي الإسماعيلية والإسكندرية والتي تقدر بمئات الأفدنة الزراعية.

فيما  تجري مشاورات سيادية لتحويل المنطقة من اسم مدينة رفح التاريخية إلى مسمى استثماري سيتم التوافق عليه خلال الأيام المقبلة، بعد انتهاء فرق المفرقعات التابعة للقوات المسلحة من إزالة ما تبقى من ألغام ومخلفات الحرب على الإرهاب.

 

غضب ومظاهرات المهجرين

وإزاء ذلك سادت حالة من الغضب في أوساط المواطنين سكان مدينة رفح التاريخية التي يجري تحويلها لمزرعة جديدة تابعة لشركات استثمارية، وسط مطالبات بضرورة السماح للمواطنين بالعودة إلى منازلهم وأراضيهم، لا سيما أولئك الذين لم يحصلوا على أي تعويضات منذ تهجيرهم من رفح قبل ست سنوات، ويقدر عددهم بالآلاف، من مناطق غرب رفح وشمالها، حيث لا يزالون يكابدون مرارة البعد عن أرضهم في محافظات أخرى، في انتظار قرار التعويض أو العودة.

وتظاهر الآلاف من المهجرين عند مدخل المقاطعة، يوم السبت الماضي، وأمهلوا الجيش وقائد الجيش الثاني الميداني اللواء محمد ربيع أسبوعا واحدا، للسماح لهم بالعودة لمناطقهم، وإلا سيعودون قسريا رغم كمائن الجيش التي تحوط بقراهم.

وهكذا يستغل  السفاح السيسي الإرهاب ، كوسيلة لإخلاء الأراضي والبيوت،  من أجل استثمارها لصالحه ولعساكره ، بعيدا عن ميزانية الدولة.

وهو ما سيدمر حياة أكثر من 100 ألف سيناوي تم تهجيرهم، عليهم أن يعيشوا في الشتات بقية حياتهم.

ويعبر ما يجري من السيسي ونظامه عن جريمة كبيرة لدى القانون والأعراف السيناوية، إذ يعد تجاوزا واضحا لملكية المواطنين لأراضيهم ومزارعهم، ومنعهم من الوصول إليها.

يُشار إلى أن أغلب المناطق التي يُمنع المواطنون من الدخول إليها، تتبع لقبيلتَي الأرميلات والسواركة، في حين أن القرى التي تنحدر منها قبيلة الترابين التي يقودها رجل الأعمال إبراهيم العرجاني المُقرب من دوائر المخابرات  ومحمود السيسي نجل عبد الفتاح السيسي، عاد إليها سكانها. وتشمل هذه القرى مناطق جنوب رفح والشيخ زويد، كالبرث ونجع شيبانة والعجراء.

في المقابل، لا يزال سكان المقاطعة والخرافين وجوز أبو رعد والظهير والوفاق والمطلة وبلعا وقرى ساحل البحر، ينتظرون قرارا بالعودة إلى ديارهم منذ سنوات.