أبناء الفقراء ليس لهم مكان.. “التعليم” تعترف بالفشل في مواجهة الدروس الخصوصية

- ‎فيتقارير

مع تصاعد أزمة الدروس الخصوصية وتأثيرها السلبي على تكافؤ الفرص التعليمية بين الفقراء والأغنياء وفشل حكومة الانقلاب في القضاء على هذه الظاهرة، حذر خبراء التربية من انهيار المنظومة التعليمية، مؤكدين أن هذا النظام يعمل على إلغاء مجانية التعليم خضوعا لإملاءات صندوق النقد الدولي دون اعتبار لعدم قدرة الفقراء الذين يتجاوز عددهم أكثر من 90 مليونا في مصر على الإنفاق على التعليم، ما يعني أن أبناء الأسرة الفقيرة سيكون مصيرهم الجهل والأمية .

وقال الخبراء: إن "الدروس الخصوصية أصبحت ظاهرة شائعة، وتحظى بشعبية كبيرة بين الطلاب وأولياء الأمور، ومع ذلك تنطوي على مجموعة من المشاكل التي يجب معالجتها بشكل جدي" .

وحذروا من أن الدروس الخصوصية تؤدي إلى تقليل الثقة في نظام التعليم العام، وتشعر المواطنين بعدم الرضا عن جودة التعليم في المدارس العامة، وبالتالي يعتمدون على الدروس الخصوصية كوسيلة لتعزيز تحصيل أبنائهم الأكاديمي".

 كان رضا حجازي وزير التربية والتعليم بحكومة الانقلاب قد اعترف بفشل تعليم الانقلاب في مواجهة ظاهرة الدروس الخصوصية .

وقال حجازي في تصريحات صحفية: إن "الدروس الخصوصية تعد أحد التحديات الخطيرة التي تهدد استراتيجية التعليم الجديدة" وفق تعبيره.

 

الجودة والكفاءة

من جانبها أكدت الخبيرة التربوية الدكتورة ولاء شبانة ، أن الدروس الخصوصية تؤثر على تكافؤ الفرص والعدالة في التعليم، موضحة أنه عندما يتمكن بعض الطلاب من الوصول إلى دروس خصوصية ذات جودة عالية، يمكنهم تحقيق نتائج أفضل والحصول على فرص أكبر للتعليم الجامعي والمستقبل المهني، وبالتالي، يزداد الانقسام بين الطلاب الذين يمتلكون القدرة على الحصول على الدروس الخصوصية والطلاب الذين لا يمتلكونها، مما يؤثر على فرص المساواة في التعليم.

وقالت د. ولاء شبانة في تصريحات صحفية : "لا يمكننا تجاهل التأثير المالي للدروس الخصوصية على الأسر، ففي العديد من الحالات، تصبح الدروس الخصوصية عبئا ماليا ثقيلا على الأسر، خاصة إذا كان لديها أكثر من طفل يحتاجون إلى الدروس الخصوصية، وهذا يزيد من الضغط المالي على الأسر ويمكن أن يؤثر على استقرارها المالي وحياتها اليومية".

وطالبت بضرورة التفكير في حلول لمشاكل الدروس الخصوصية وتحجيم تأثيرها على العملية التعليمية، مقترحة بعض السبل التي يمكن أن تسهم في تحقيق هذا الهدف ومنها :

–    تحسين جودة التعليم العام، يجب تعزيز الجودة والكفاءة في المدارس العامة لتلبية احتياجات الطلاب وتقليل الحاجة إلى الدروس الخصوصية.

–    توفير دعم إضافي في المدارس، يمكن تعزيز الدعم الفردي والتعليم التكيفي في المدارس العامة بطرق مثل تخصيص المعلمين المساعدين وإنشاء برامج تعليمية متخصصة للطلاب الذين يحتاجون إلى دعم إضافي.

–    التوعية والتثقيف، يجب على حكومة الانقلاب والمؤسسات التعليمية تعزيز التوعية حول أهمية التعليم العام وتأثير الدروس الخصوصية السلبي على التكافؤ والعدالة التعليمية.

وشددت د. ولاء شبانة على أن تحسين العملية التعليمية وتقليل تأثير الدروس الخصوصية يتطلب جهودا من حكومة الانقلاب والمجتمع والمؤسسات التعليمية، ويجب أن يكون الهدف هو توفير فرص تعليمية عادلة ومتساوية لجميع الطلاب وتعزيز جودة التعليم في المدارس العامة.

 

الفجوة الاقتصادية

وقال الخبير التربوي الدكتور علاء الغندور: إن "ظاهرة الدروس الخصوصية لها تأثيرات ضارة على الاقتصاد والتعليم" مشيرا إلى بعض التأثيرات السلبية المحتملة:

–    تعزيز الفجوة الاقتصادية: قد يؤدي الاعتماد على الدروس الخصوصية إلى تعزيز الفجوة الاقتصادية في المجتمع فالحصول على دروس خصوصية يعتمد على القدرة الشرائية للأسر والطلاب. وبالتالي، فإن الأسر ذات الدخل المحدود قد يكون لديها صعوبة في تحمل تكاليف الدروس الخصوصية، مما يؤدي إلى تفاقم الفجوة بين الطلاب ذوي الدخل المرتفع والطلاب ذوي الدخل المحدود.

–    تأثير على نوعية التعليم العام: قد يؤدي التركيز الزائد على الدروس الخصوصية إلى تقليل الاهتمام والدعم للنظام التعليمي العام إذا كان الطلاب يعتمدون على الدروس الخصوصية لتلبية احتياجاتهم التعليمية، فقد يكون هناك تقليل في الاهتمام والاستثمار في تحسين نوعية التعليم العام، مما يؤثر سلبًا على تجربة التعلم للطلاب في المدارس العامة.

–    انعدام العدالة التعليمية: قد يزيد انتشار الدروس الخصوصية من الفجوة التعليمية بين الطلاب، إذا كان الطلاب ذوو الدخل المرتفع هم الوحيدون القادرون على تحمل تكاليف الدروس الخصوصية، فسيكون لديهم فرصة أفضل لتحقيق أداء أكاديمي جيد والوصول إلى فرص أعلى في المستقبل، وبالتالي، يمكن أن يزيد ذلك من انعدام العدالة التعليمية ويعزز التفاوت في الفرص التعليمية.

–    تأثير على مهنة التدريس، قد يؤدي الطلب العالي على الدروس الخصوصية إلى تأثير سلبي على مهنة التدريس في المدارس العامة، إذا كان الطلاب يعتمدون على الدروس الخصوصية، فقد ينخفض الطلب على المدرسين، مما يؤثر على مستوى الرواتب والتحفيز وجودة التدريس في المدارس العامة.

وشدد الغندور في تصريحات صحفية على ضرورة أن نفهم أن هذه التأثيرات ليست مطبقة بشكل قطعي على كل الحالات، وقد يكون للدروس الخصوصية أيضا بعض الفوائد، مثل تلبية احتياجات التعلم الفردية وتعزيز الثقة والتحفيز، محذرا من تفاقم التأثير السلبي للدروس الخصوصية خاصة  عدم التكافؤ وتأثيرها السلبي على النظام التعليمي والاقتصادي في مصر .

 

نوعية التعليم

وأشار إلى أن حل هذه المشكلة يتطلب توجيه الاهتمام لتحسين نوعية التعليم العام وتوفير فرص متساوية للجميع وتقليل الاعتماد على الدروس الخصوصية كوسيلة للتعليم.

وأوضح الغندور، أنه للتغلب على تأثيرات الدروس الخصوصية السلبية يمكن اتخاذ عدد من الحلول المقترحة التالية:

–    تحسين نوعية التعليم العام: يجب أن يكون التركيز على تحسين نوعية التعليم العام من خلال تطوير المناهج الدراسية، وتدريب المعلمين، وتوفير الموارد التعليمية اللازمة. وتوفير بيئة تعليمية مشجعة ومحفزة في المدارس العامة لتلبية احتياجات التعلم للطلاب.

–    تعزيز المساواة في الفرص التعليمية: ينبغي العمل على تقليل الفجوة التعليمية بين الطلاب من خلال توفير فرص متساوية للتعليم، ويمكن تنفيذ ذلك عن طريق توفير برامج دعم إضافية للطلاب ذوي الدخل المحدود، وتوفير المنح الدراسية والتمويل للطلاب المتفوقين، وتحسين الوصول إلى الموارد التعليمية بما في ذلك التكنولوجيا.

–    تعزيز دور المعلمين: دعم وتحفيز المعلمين في المدارس العامة، عن طريق توفير فرص التطوير المهني والتدريب المستمر، وتحسين ظروف العمل والرواتب، لأن المعلمين هم عماد التعليم، وتحسين ظروف عملهم وتشجيعهم يعزز جودة التعليم العام ويقلل الحاجة إلى الدروس الخصوصية.

–    الشراكات بين القطاعات: يجب تعزيز التعاون والشراكات بين القطاعين العام والخاص في مجال التعليم، حيث يمكن للجهود المشتركة بين المدارس العامة ومقدمي الدروس الخصوصية أن تساهم في توفير الدعم الإضافي للطلاب وتقليل الاعتماد على الدروس الخصوصية كوسيلة أساسية للتعلم.

وطالب بتعزيز التوعية بأثر الدروس الخصوصية السلبي والفوائد المحتملة لتحقيق التوازن في الاستخدام، مشددا على ضرورة توعية الأهالي والطلاب بأهمية النظام التعليمي العام والاستفادة منه، وتوفير الموارد والدعم اللازمين لتحقيق نجاحهم في التعليم العام.