بعد فشل مفاوضات سد النهضة.. ماذا ينتظر السيسي لاستعادة حقوق مصر التاريخية في نهر النيل؟

- ‎فيتقارير

انتهت مفاوضات سد النهضة التي جرت الأسبوع الماضي بالفشل ودون التوصل إلى نتيجة لتعنت إثيوبيا ورفضها التوقيع على اتفاق قانوني ملزم بمشاركة مصر والسودان في ملء وتشغيل السد، ورغم الفشل إلا أن نظام الانقلاب لم يعلق على المفاوضات وتناسى قضية السد ومخاطرها، رغم أنها تهدد بضياع حقوق مصر التاريخية في نهر النيل .

فشل المفاوضات وتجاهل السيسي القضية برمتها آثار انتقادات المراقبين وخبراء المياه، وتساءلوا ماذا ينتظر السيسي ؟ ولماذا لا يدافع عن الحقوق التاريخية لمصر في مياه نهر النيل قبل فوات الآوان ؟

وحذر الخبراء من أن اكتمال سد النهضة وتشغيله بقرارات انفرادية من أثيوبيا، يعني تعطيش مصر وتبوير ملايين الأفدنة من أراضيها الزراعية، ما يهدد بانتشار المجاعة بين المصريين .

وطالبوا بضرورة اتخاذ موقف قوي يقوم على التهديد باستخدام القوة ضد السد والضغط على أثيوبيا في الكثير من الملفات الآخرى، خاصة ملف الانشقاقات الداخلية ودعم الحركات المناهضة للنظام الأثيوبي.

 

جولة فاشلة

 كانت جولة المفاوضات الثلاثية التي عقدت في القاهرة بمشاركة كل من مصر والسودان وإثيوبيا، قد انتهت بالفشل في التوافق حول الخلافات القائمة بشأن قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، بالتزامن مع شروع إثيوبيا في الملء الرابع للسد دون التفات لاعتراضات نظام الانقلاب، ورغم عدم التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم ونهائي حول قواعد الملء التشغيل خاصة في سنوات الجفاف والجفاف الممتد.

يشار إلى أن جولة المفاوضات انتهت دون الإعلان عن أية نتائج أو ما تم التوافق عليه، وذلك قبل إنعقاد جولة جديدة في أديس أبابا بعد شهر من الآن، ضمن الإطار الزمني المحدد بأربعة أشهر من المفاوضات الثلاثية.  

 

وتعد هذه المحادثات هي أول مفاوضات رسمية بين الأطراف المعنية بقضية سد النهضة منذ عام 2021، عندما انهارت جولة محادثات كان يرعاها الاتحاد الأفريقي دون اتفاق ملزم وانتقادات ساخنة من الجانبين لعدم إلتزام إثيوبيا باتفاق حول كيفية تشغيل سدها للحد من تأثيره على الدول المجاورة وتصر أديس أبابا على أن التوصيات، وليس التوصل إلى اتفاق ملزم، ينبغي أن تكون كافية ورفضت مرارا وتكرارًا الجلوس إلى طاولة المفاوضات وتجاهلت مخاوف مصر والسودان .

وقالت إثيوبيا في مارس الماضي: إن "90% من أعمال بناء السد اكتملت وفي يوليو الماضي، بدأت عملية الملء الرابعة للسد خلال موسم الأمطار السنوي".

كما أعلنت إثيوبيا العام الماضي أنها بدأت إنتاج الكهرباء من السد.

 

تعنت إثيوبي

حول فشل المفاوضات أكد الدكتور محمد محمود مهران، الأمين العام للجنة الدولية للدفاع عن الموارد المائية ICDWR انتهاء مفاوضات سد النهضة بالقاهرة بمشاركة وفود الأطراف الثلاثة، دون أية نتائج أو أي جديد، مشيرا إلى أن المفاوضات لم تحلحل أزمة السد نتيجة التعنت والتعسف الإثيوبي.

وقال مهران في تصريحات صحفية: إن "جولة المفاوضات الآخيرة لم يكن ينتظر منها أي جديد، محذرا من أن إثيوبيا تسعى بشكل دائم لكسب المزيد من الوقت حتى يتم الانتهاء من الملء الرابع للسد، ولباقي المراحل دون إبرام اتفاق قانوني يلزمها بالتعاون".

وطالب الحكومة الإثيوبية بوقف التعنت وإثبات حسن النوايا، وإبداء الرغبة في التعاون بالجلوس على مائدة المفاوضات بإرادة سياسية حقيقية تهدف إلى تسوية النزاع، بإبرام اتفاق قانوني ملزم يسطر فيه بنود التفاوض يكون ملزما لكافة الأطراف بشأن مواعيد ملء وتشغيل السد ليتم إنهاء النزاع بشكل سلمي، وحتى يتحقق التوازن، والاستخدام العادل والمعقول لكل الأطراف.

وناشد مهران المجتمع الدولي بضرورة التدخل لإعلان موقفه من الأزمة وتحمل المسئولية بالتأثير على الجانب الإثيوبي والضغط عليه، ودعم حقوق دولتي المصب المشروعة، للحفاظ على الأمن المائي المصري والعربي، خاصة بعد أن أصبح معلنا للجميع انتهاك إثيوبيا للاتفاقيات وقواعد القانون الدولي، معتبرا أن تركيز نظام الانقلاب فقط على مطالبة أثيوبيا بالالتزام بقواعد القانون الدولي وتمسكها بالتسوية السلمية للنزاع بإبرام اتفاق قانوني ملزم للكافة، جعل أثيوبيا تتجرأ أكثر وتواصل بناء السد وملء الخزانات دون اعتبار لحقوق مصر التاريخية التي لا يدافع عنها أحد.

وشدد على ضرورة ممارسة كافة الضغوط لوقف التصرفات الأحادية من الجانب الإثيوبي والالتزام بالتفاوض والتعاون، وعدم فرض سياسة الأمر الواقع، والعمل بما جاء من مبادئ باتفاق السودان عام 2015، وبالقواعد المقررة بالقانون الدولي للمياه بشأن الاستخدامات غير الملاحية للمجاري المائية الدولية الواردة باتفاقية الأمم المتحدة لعام 1997، وذلك لعدم الإضرار بالدول المشتركة معها في النهر الدولي، ولأهمية إدارة نهر النيل بالتشارك للاستفادة من ثرواته واستغلاله الاستغلال الأمثل، ومنع أقل الضرر عن الكافة، محذرا من آثار التعنت الإثيوبي ومساس الأمر بالأمن القومي المصري والعربي.

 

مراقبون دوليون

وأكد الدكتور نصر الدين علام وزير الموارد المائية والري الأسبق، على ضرورة وجود مراقبين دوليين خلال جولات التفاوض الحالية بين الدول الثلاث، وذلك لإيضاح وإعلان ما تم خلال التفاوض وإظهار الحقيقة أمام دول العالم.

وأعرب علام في تصريحات صحفية  عن عدم تفاؤله بجولات المفاوضات الحالية والتي تستمر في إطار زمني مدته أربعة أشهر، مشيرا إلى أن ما يجري هو بمثابة إهدار للجهد وإظهار لوجه أثيوبي كاذب بأن أديس أبابا تسعى لاتفاق يرضي دولتي المصب، وتأكيدا على استمرار التعنت الإثيوبي في الوصول إلى إتفاق قانوني ملزم ونهائي.

وطالب بضرورة أن يكون المفاوض المصري حائط صد ضد أي مساس بحقوق مصر المائية أو الانتقاص من حصتها، رغم التعنت الإثيوبي المستمر منذ سنوات، محذرا من أنه لا أحد يعلم نوايا أديس أبابا من استمرار المفاوضات دون نتيجة أو الوصول إلى اتفاق.

 

سد جيلجل

واعتبرت ميريت مبروك، مديرة برنامج مصر بمعهد الشرق الأوسط، أن القضايا المحيطة بالسد في المفاوضات الحالية هي نفسها كما كانت خلال السنوات السابقة من المفاوضات الفاشلة، مؤكدة أنه لم يتغير شيء ولن يتغير طالما الأمور تسير بهذه الطريقة، وهذا البطء وتلك الليونة والميوعة من الأطراف المتضررة .

وقالت ميريت مبروك في تصريحات صحفية:  إن "أهداف مصر لا تزال تتمثل في الحصول على اتفاق ملزم قانونا بشأن السد، فضلا عن طريقة مماثلة للتحكيم الدولي موضحة أنه فى المقابل تشعر إثيوبيا أن بإمكانها ملء السد بنجاح بمفردها".

وأشارت إلى أن سياسات أثيوبيا إزاء سد النهضة هي تكرار لممارساتها إزاء سد جيلجل جيبي الثالث الذي تم افتتاحه في عام 2016 ، مؤكدة أن إثيوبيا قامت ببناء هذا السد على الرغم من مخاوف كينيا من أن المشروع سيخفض مستويات المياه في البلاد على نهر توركانا .

وأضافت  ميريت مبروك، بسبب تجاهل نظام الانقلاب لما يجري في مشروع سد النهضة وعدم دفاعه عن الحقوق التاريخية لمصر في نهر النيل فإن إثيوبيا تعتقد أنها ستفلت من العقاب، حيث تتعمد السيطرة الأحادية على تدفق نهر النيل وتتقدم إثيوبيا في مشروع السد على الرغم من سنوات من الجهود للبحث عن حل، كما أن أهمية جميع الدول بالنسبة للقوى الدولية أعاقت التقدم نحو التوصل إلى اتفاق.

وأوضحت أن الدول الثلاث مصر والسودان وأثيوبيا مهمة للغاية للاعبين الخارجيين وعلى رأسهم الصين والولايات المتحدة، ولهذا السبب لم يحرص أحد على الضغط بشدة على أي من تلك الدول بطريقة أو بأخرى.

وتوقعت ميريت مبروك ألا تصل المحادثات الجارية إلى أي نتيجة ما لم يتم التوصل إلى اتفاق قانوني بشأن السد، مؤكدة أن الجميع بحاجة إلى نوع من الاتفاق الملزم قانونا، وإلا فإن الأمر لا يستحق الورق الذي كتب عليه.