زيادة مصروفات المدارس الخاصة والدولية وإتاوات بالحكومية.. خطوات نحو مجتمع الجاهلين

- ‎فيتقارير

في ظل التوحش الرأسمالي العسكري الغاشم الذي لا يراعي أية ظروف مجتمعية أو أزمات معيشية يكتوي بنارها المواطن، الذي ضج الملايين منه من الغلاء الفاخش، الذي لا يتوقف يوميا.

في ظل ذلك، كشر العام الدراسي الجديد على أنيابه للمواطنين، الذين باتوا قليلي الحيلة، حيث بدأ موسم حلب المواطنين على مسمع ومرأى من الحكومة وجميع الهيئات والمؤسسات الرقابية والمحاسبية، التي باتت كالأصنام لا تسمع ولا ترى ولا تتكلم.

 

إتاوات المدارس الحكومية

ووفق شهادات من مواطنين ومعلمين بعدد من الإدارات التعليمية، تواصل معهم مراسل "الحرية والعدالة"  فقد توسعت إدارات المدارس في تحصيل التبرعات والرسوم غير المنصوص عليها من أولياء الأمور، كشرط لقبول أوراق التحاق الأبناء بالمدارس أو التحويل إليها، وسط علم من الإدارات التعليمية نفسها، والتي  أعطت الإدارات المدرسية الضوء الأخضر، لجمع أكبر قدر من الأموال ، للإنفاق على المدرسة، حيث باتت ميزانيات الصيانة أو المستلزمات الكتابية صفر، وفق ما يقوله "أ ب" المدير بإحدى مدارس الإسكندرية، حيث تجمع مدرسته من كل طالب يريد التحويل إليها نحو 3 آلاف جنيه، ومن يريد الالتحاق بالمدرسة لأول مرة، عليه دفع نحو 1400 جنيه، وذلك لشراء أدوات مدرسية وأوراق ومستلزمات تشغيل وصيانة المقاعد الدراسية والفصول.

بينما وصل الأمر في إحدى مدارس المنوفية لإجبار الأهالي على عمل صيانة كاملة للمدارس، تضمنت أعمال سباكة وكهرباء وإصلاح المقاعد الدراسية ودهانات الأبواب، وهو ما جمعه الأهالي من بعضهم البعض، نظرا لأن ميزانية المدارس  لاتسمح ولا توفر الإدارة التعليمية أية أموال لتلك البنود.

وفي محافظة القليوبية، بات مسئولو الصيانة في المدارس ضيوفا دائمين على الجمعيات الخيرية ومنازل الأثرياء في قراهم، لشحاتة أموال باسم الاستعداد للعام الدراسي الجديد، لعمل الصيانة وتوفير الأدوات المكتبية والكشوف ودفاتر الإدارة.

وتسبب خفض موازنة التعليم والصحة إلى عجز كبير في المدارس انعكس على الطلاب، حيث بات عدد المعلمين غير كاف تمام بما يتناسب مع أعداد الطلاب وزحام الفصول وقلة الأدوات وغياب الصيانة، وذلك تماشيا مع سياسة التقشف التي يطبقها السيسي مع الشعب المصري، أما هو وبطانته فالإنفاق البذخي هو السائد في العلمين الجديدة والمنتجعات، بل وإقامة مؤتمرات عالمية للسكان والصحة بلا عائد ، تتكلف أكثر من مليار جنيه، دون مساءلة أو كلمة نقد واحدة من إعلام البغال.

 

ارتفاع كبير بمصروفات المدارس الخاصة والدولية

وفي خطوة مفاجئة، أصدرت وزارة التربية والتعليم منشورا جديدا، أمس الثلاثاء، حول مصروفات المدارس الخاصة والدولية للعام الدراسي الجديد 2023-2024. وأثار هذا الإعلان الجديد تعديلات كبيرة على المصروفات التي يتوجب على أولياء الأمور تحملها، تضمن المنشور زيادة نسبية في تكاليف التعليم تصل إلى 25% لبعض المدارس.

ويتضمن المنشور تعديلا على قرار وزير التعليم رضا حجازي رقم 23 لسنة 2023، الخاص بزيادة مصروفات المدارس الخاصة (عربي – لغات – مناهج ذات طبيعة خاصة دولية)، وذلك استنادا إلى القرارين الوزاريين رقمي 420 و422 لسنة 2014، والكتب الدورية المنظمة لهما.

ونص المنشور على تحديد زيادة نسبة 6% للمدارس الخاصة أو الدولية التي تتجاوز مصروفاتها السنوية 35 ألف جنيه ، بينما تم تخصيص زيادة 7% لتلك التي تتراوح مصروفاتها بين 25 و35 ألف جنيه. 

وفي تطوير مثير، ستتعرض المدارس التي تقدم تعليما بتكلفة تتراوح بين 20 و25 ألف جنيه لزيادة نسبتها 10%، بدلاً من 5 إلى 10 آلاف جنيه، و12% للمدارس التي تتراوح مصروفاتها ما بين 15 و20 ألف جنيه.

كما نص المنشور على زيادة مصروفات المدارس التي تتراوح مصروفاتها ما بين 10 و15 ألف جنيه سنويا بنسبة 15%، بدلا من 3 إلى 5 آلاف جنيه، والمدارس التي تتراوح مصروفاتها ما بين 5 و10 آلاف جنيه بنسبة 20%، بدلاً من ألفين إلى ثلاثة آلاف جنيه، و25% للمدارس التي تقل مصروفاتها عن 5 آلاف جنيه بدلا من ألفي جنيه.

 

رسوم إضافية

ولكن هذه ليست نهاية القصة، حيث تتوجب على الأهالي أيضا تحمل تكاليف إضافية تشمل "رسوم التحاق" و"رسم قبول" و"رسوم اختبارات قبول" و"رسوم فتح ملفات للطلاب بالمدرسة" و"رسوم زي مدرسي" و"رسوم أدوات مدرسية ومستلزمات تعليم"، بالإضافة إلى "رسوم التأسيس" التي تبلغ متوسطها 5 آلاف جنيه عند الالتحاق بالمدرسة.

تلك الزيادات تحول المدارس لمجرد بيزنس لجمع المال على حساب التعليم.

يرى البعض أن هذا الارتفاع في التكاليف يضاعف أسعار اشتراكات باصات  التلاميذ ويزيد من أعباء الأسر، مما يجبر الأهالي على إبقاء أبنائهم في هذه المدارس نظرا لغياب البدائل في المدارس الحكومية والازدحام في الفصول الدراسية.

 ولكن مع استمرار الأزمة الاقتصادية المتفاقمة وعجز الأهالي عن تلبية احتياجات أسرهم، قد يتجه مثير من الأهالي لتقليص إنفاقهم على التعليم ، سواء بالتحويل لمدارس أقل أو مدارس حكومية لا تقدمم خدمة تعليمية حقيقية، ويكون الاعتماد على الدروس الخصوصية، وهو ما يزيد من فرص التسرب التعليمي أو الاكتفاء من الحد الأدنى من التعليم، لمحو الجهالة فقط، وهو ما يجر المجتمع المصري نحو مزيد من الجهل والعجز، ومن ثم البطالة والجرائم وتهديد الاستقرار المجتمعي.