بعد سنوات من وقف إصدار التراخيص في المدن للبناء، انتظارا لصدور قانون البناء الموحد، ومحاولات السلطة لتحصيل أكبر عوائد من جيوب المواطنين الراغبين في الحصول على مأوى لهم، ومع اقتراب مسرحية انتخابات السيسي، يراهن عقاريون ومواطنون على فتح باب ترخيص البناء، بل يذهب البعض إلى احتمال تغاضي السلطات عن شروط البناء.
ويرى مراقبون السماح بالبناء مجددا وتطوير المشاريع العقارية سيساهم في تحفيز النمو الاقتصادي، ويوفر فرص عمل، ويحسّن الجودة المعيشية للمواطنين، في ظل معاناة معظم المدن من نقص في الوحدات السكنية، ويعيش ملايين فيها على مساحة ضيقة.
ونتيحة لفرض قيود صارمة على البناء وعدم توفر فرص ملائمة لتطوير مناطق جديدة بالمدن وامتداداتها، ارتفعت نسب البطالة وأسعار الوحدات السكنية.
كما أن استمرار وقف إصدار التراخيص أو تأخيرها يزيد معاناة المواطنين، ويؤثر سلبا في عدد كبير من العاملين بقطاع المقاولات، ويتسبب في ارتفاع نسبة البطالة خاصة لدى أصحاب المهن الحرفية اليومية، أو غير المنتظمة التي تعتمد مباشرة على قطاع التشييد والبناء، ما يزيد حجم معاناة آلاف الأسر.
ووفق خبراء، فإن تأخير إصدار تعديلات قانون البناء الموحد، والاكتفاء بتعديل بعض ضوابط وشروط التخطيط والبناء، يزيد معاناة المواطنين، ويفاقم مخالفات البناء العشوائي والتشوّه العمراني في أنحاء مصر، وقد تراجع عدد التراخيص الممنوحة للمواطنين على مستوى الجمهورية رغم استيفاء المستندات المطلوبة لإصدار التراخيص، وذلك بسبب صعوبة تطبيق الشروط على أرض الواقع، واستحداث إجراءات جديدة مجحفة، مثل الحصول على موافقة جهات متخصصة بإصدار تراخيص، وتأخير إصدار بيانات لصلاحية المواقع.
وتشير إحصاءات رسمية إلى أن عدد المباني الآيلة إلى السقوط في مصر يبلغ نحو 97 ألفا و535 مبنى.
ومع ما يمثله هذا العدد من خطورة، لا تتوفر إجراءات صارمة ضد أصحاب هذه المباني لترميمها أو إعادة بنائها، للحيلولة دون سقوطها فوق رؤوس ساكنيها في أحيان كثيرة.
ولعل أزمة البناء التي يعانيها المصصريون، راجعة إلى إصرار السيسي على البناء عبر شركات الجيش مباني كثيفة العدد وفارهة في قلب المناطق الصحراوية دون توفير وسائل معيشة أو نقل للموظفين والسكان، علاوة على أسعارها المرتفعة ، وهو ما فاقم مشكلات البناء المخالف، ومن ثم وقف التراخيص وتصعيب الإجراءات وتفشي الفساد، ومن ثم تعاظم أزمات البناء والمساكن.
ويرى متابعون أن السيسي يتبع سياسة خلق الأزمة ثم تفاقمها بصورة كبيرة، حتى يقوم بحلها بنفسه رغبة في إنقاذ شعبيته المنهارة بسبب الغلاء وإخلاف كافة الوعود التي قطعها على نفسه خلال السنوات الماضية، وهو ما سبق أن تم في أزمات ألبان الأطفال والسكر والأرز وغيرها.