بعد اعتماد تخريج دفعات من المعلمين والمعلمات حديثي التعيين من الكلية الحربية، ومن قبلها دورات عسكرية لموظفي النقل والدبلوماسيين ووكلاء النيابة، الأمر الذي بات مقننا من قبل نظام السيسي، بتخريج الموظفين الجدد من الكلية الحربية بعد اجتياز دورة تدريبية قبل استلام العمل، من أجل تأميم العقل الجمعي للمصريين، وفق رغبات وأهواء العسكر وسيسيهم، خرّجت الكلية العسكرية يوم الأحد الماضي، دفعة جديدة من الأئمة والخطباء.
حيث خرّجت كلية الضباط الاحتياط في مصر الدفعة الأولى من الأئمة المرشحين للعمل بوزارة الأوقاف؛ وذلك بعد إتمام دورتهم التدريبية بالكلية.
وهذه هي المرة الأولى التي تخرّج كلية عسكرية، أئمة وخطباء مرشحين للعمل في وزارة الأوقاف، إلا أنها تأتي في إطار سياسة الحكومة بإخضاع كافة التعيينات والترقيات داخل مؤسساتها لسيطرة الجيش، عبر دورات تدريبية في الكليات العسكرية كشرط أساسي لها.
وجاء تدريب أئمة الأوقاف، بعد التنسيق والتعاون القائم بين القوات المسلحة ووزارة الأوقاف، لتأهيل الكوادر العاملة بالوزارة، وهو ما يتم بنفس النمط مع باقي الوزارات والهيئات.
وشهدت فعالية التخرج عرض فيلم تسجيلي من إنتاج إدارة الشؤون المعنوية للقوات المسلحة، تناول مراحل إعداد وتنفيذ الدورة التدريبية بدءا من استقبال الدارسين، مرورا بالتدريب التخصصي، وفقا لأحدث الأساليب العلمية المتبعة بالمنشآت التعليمية بالقوات المسلحة.
وفي كلمته خلال احتفالية التخرج، أكد اللواء بهاء السيد عبد الرحيم، مدير كلية الضباط الاحتياط، أهمية تنفيذ تلك الدورات لبناء الوعي المجتمعي وتحصين الأجيال القادمة ضد الفكر المتطرف والهدام وتحقيقا لرؤية الدولة، وفق تعبيره.
من جانبه، وجّه الدكتور هشام عبد العزيز علي، وكيل أول وزارة الأوقاف الشكر للقوات المسلحة ولكل أجهزتها على دعمها المستمر وإسهامها في تدريب وتأهيل الدارسين وفقا لأحدث النظم التدريبية الحديثة.
شراء ولاءات
ووفق مراقبين، فإن الهدف من قرار الحكومة ربط التعيينات والترقيات بدورة الكليات العسكرية ماليا وسياسيا، أي إضافة مصدر للدخل وضمان ولاء الموظفين الجدد.
و سبق أن حضر السيسي بنفسه مقابلات في الكلية الحربية مع المتقدمين لشغل وظائف في وزارتي التربية والتعليم والنقل.
ولا يشترط قانون الخدمة المدنية على المتقدمين للوظائف الحكومية إكمال الدورات التدريبية العسكرية في الأكاديمية العسكرية أو اجتياز الامتحانات والدورات التأهيلية، وبالتالي فإن الإجراء الرئاسي الأخير يعد انتهاكا للقانون وغير دستوري.
وسبق أن امتدح السيسي، عقب انقلابه العسكري، إعلام الرئيس جمال عبد الناصر، وهو إعلام الصوت الواحد الذي لا يقول إلا ما يراه النظام، مُخفيا الحقائق والسلبيات عن الرأي العام، والذي كان أحد أسباب هزيمة 1967، وهو ما يتكرر حاليا من هزائم سياسية واقتصادية واجتماعية لعموم المصريين.
ولعل ثورة التكنولوجيا والمعلوماتية، ووسائل التواصل الاجتماعي والإعلام البديل، هو أكثر ما يؤرق السيسي ونظامه العسكري، إذ يريد السيسي تأميم عقل المصريين وفق مقاس الحكم العسكري، الذي لا يريد أن يقول أحد إلا ما يراه السيسي نفسه.
وهو أمر بات مستحيلا في القرن الحادي والعشرين، حتى وإن سيطر السيسي على كل وسائل الإعلام والصحف وأنشأ لجانا إلكترونية لتشوية العقل المصري، فلن يستطيع، بدليل فشله في تسويق برامجه التدميرية، وهو ما يدفع المصريين نحو الانفجار المجتمعي.