قفز سعر الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصرى في السوق السوداء، بصورة غير مسبوقة ليتخطى حاجز الـ47 جنيهًا خلال الساعات القليلة الماضية فى مقابل سعر 30.95 جنيهًا في البنوك .
وكشف متعاملون في السوق الموازي، إن سعر الدولار بالسوق السوداء تراجع بعد هذا الارتفاع بقيمة 2 جنيه وسجل 45.50 جنيهًا بعد قرار البنك المركزي بفتح حدود الاستخدام بالكامل للبطاقة الائتمانية بالخارج لأي عميل دون حاجة لتقديم أي مستندات بمجرد قيامه بالاتصال بخدمة العملاء بالبنك المصدر للبطاقة أو قيامه بزيارة أحد الفروع لهذا الغرض.
وأكدوا أن الفترة الماضية شهدت حالة من التخبط بسبب ندرة المعروض من الدولار، موضحين أن تعاملات البيع والشراء لا تتم بشكل سريع؛ نتيجة التغيرات المتسارعة في الأسعار.
وقال المتعاملون إن سعر صرف الجنيه جرى تداوله بين 43 و44 جنيها للدولار في السوق الموازية مقابل 48 جنيها قبل ساعات مؤكدين وجود إقبال على شراء العملات الأجنبية بعدما بدأ البنك المركزي الأسبوع الماضي في مطالبة العملاء بتقديم إثبات السفر قبل المغادرة للسماح لهم باستخدام بطاقات الائتمان في دول أخرى.
وأشاروا إلى أن هناك حالة ترقب في السوق الموازي مع استمرار تثبيت سعر الصرف في البنوك الرسمية عند نحو 30.90 جنيها، مؤكدين أن الفجوة بين الرسمي والموازي بلغت نحو 48% وهو أكبر فرق منذ مدة طويلة، وهو مؤشر على زيادة الفجوة مستقبلا وضرورة تحريك سعر الصرف قريبا.
كانت وكالة “موديز”، قد خفضت التصنيف الائتماني لدولة العسكر من “B3” إلى “Caa1″، وأرجعت هذا إلى تدهور قدرة البلاد على تحمل الديون، وسط توقعات أن تحذو وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني حذو وكالتي “موديز” و”ستاندرد آند بورز” وتخفض تصنيف مصر أيضا، حيث من المقرر أن تعلن الوكالة عن قرارها مطلع الشهر القادم.
كما خفضت وكالة “ستاندرد آند بورز” تصنيف مصر الائتماني بالعملات الأجنبية والمحلية إلى “B-” من “B” مع نظرة مستقبلية مستقرة؛ بسبب التأخير المستمر في تنفيذ الإصلاحات النقدية والهيكلية في البلاد، بالإضافة إلى عوامل أخرى.
وأشارت الوكالة في بيان لها إلى استمرار الضغوط التضخمية على نحو مرتفع، وتوقعت المزيد من الضعف في سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية، مؤكدة أن تداعيات أزمة العملة الأجنبية ستتسبب في تباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي بشكل أكبر في السنة المالية 2024.
موقف صعب
من جانبه قال زياد داود، كبير اقتصاديي الأسواق الناشئة لدى “بلومبرج إيكونوميكس”، ان حكومة الانقلاب تواجه موقفًا صعبًا، لأنه بسبب شح الدولار الأمريكي يتجه صناع السياسات إلى تقييد الوصول إلى العملات الأجنبية.
وأشار داود فى تصريحات صحفية الى أن هذا ظهر في أحدث القواعد الخاصة بتقييد استخدام بطاقات الائتمان في الخارج. محذرا من أن هذه القيود قد تدفع الأفراد إلى اكتناز الدولارات، مما يزيد من شح العملة الأجنبية، ويضعف الجنيه بصورة أكبر في السوق السوداء.
مأزق حقيقي
وقال الخبير الاقتصادي محمد رزق إن حكومة الانقلاب تركت الباب مواربا على سعر صرف الدولار بسبب توقيعها على خطاب النوايا مع صندوق النقد والتزامها بسعر مرن للدولار، موضحا أن انخفاض تصنيف مصر الائتماني يرجع إلى عدم قيام صندوق النقد بمراجعاته في مواعيدها وعدم وضوح الرؤية بشأن تعويم الجنيه.
وتساءل رزق فى تصريحات صحفية : هل ستستمر حكومة الانقلاب في السير في التعويم المدار بالسماح للدولار بالصعود بنسبة 20% إلى 30% (37 و39 جنيها) من سعر صرفه الحالي كما أشارت بذلك مؤسسات مالية دولية، أم ستترك الدولار يفترس الجنية لحين الوصول إلى نقطة الاستقرار التي تعكس القيمة الحقيقية والفعلية للجنية المصري؟.
وأكد أن حكومة الانقلاب في مأزق حقيقي؛ مع شح الدولار وغموض الرؤية من جانب صندوق النقد فيما يتعلق بالمراجعات المؤجلة وحتمية تدبير حكومة الانقلاب لـ 29 مليار دولار بنهاية عام 2024 منها 6 مليارات فوائد وخدمات أقساط الدين، ناهيك عن تغطية قيمة فاتورة الواردات بالدولار بمعدل 6 مليارات دولار شهريا للسلع الأساسية فقط .
وتوقع رزق أن تتخذ حكومة الانقلاب إجراءات مالية صارمة بعد انتخابات رئاسة الفنكوش بغية السيطرة على الدولار والتي سوف تدفع للأسف في الاتجاه المعاكس وارتفاع سعر الدولار ونظل في هذه الحلقة المفرغة وكأننا نحرث فى مياه البحر.
التصنيف الائتماني
وحذر الخبير الاقتصادي الدكتور إبراهيم نوار من أن استمرار تخفيض التصنيف الائتماني للديون السيادية يضغط بقوة على حكومة الانقلاب ويجعلها تحت ضغط زيادة الحاجة لتمويل متطلباتها المتزايدة، وبالتالي فإن التدفقات بالعملة الصعبة سوف تتلاشى، مؤكدا أن الأمر برمته قرار سياسي انقلابى وليس اقتصاديا وبانتظار اللحظة المواتية والمناسبة.
وأكد نوار فى تصريحات صحفية أن خفض العملة المحلية، وهو آت لا محالة، سيؤدي إلى نتائج سيئة سواء على صعيد ارتفاع معدلات التضخم التي وصلت إلى مستوى قياسي، أو زيادة تكلفة الواردات وخدمة الديون، والتي سوف تنعكس بالسلب على الإنتاج المحلي وبالتالي ارتفاع الأسعار مجددا، ما يحتم على حكومة الانقلاب إجراء مراجعات عاجلة وكاملة لسياساتها الاقتصادية وكبح جماح الإنفاق .
وتوقع أن تتلاشى آثار تحريك سعر صرف الجنيه؛ لأن حكومة الانقلاب لن تقدم على تحريره بشكل كامل خشية أن يهوي إلى مستويات أو قاع غير معروف قراره، لكنها سوف تلجأ إلى تخفيض قيمة العملة المحلية بنسبة تتراوح بين 15% إلى 20% ما بين 37 جنيها و38 جنيها، وهو أقل بكثير من سعر صرف الجنيه في السوق الموازي، لأنها لا تمتلك مقومات التعويم المتمثلة في وجود احتياطي نقدي يمكن استخدامه إذا تدهورت الأمور .