الدولار الأمريكي يسجل 45 جنيها في السوق السوداء..صفعة جديدة من صندوق النقد لنظام الانقلاب

- ‎فيتقارير

 

 

تصاعدت أزمة الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية، وسجل الدولار الأمريكي 45 جنيها في السوق السوداء لأول مرة في تاريخه، مقابل نحو 39 جنيها في أغسطس الماضي. 

جاء ذلك عقب ارتفاع العقود الآجلة للجنيه المصري، وغير القابلة للتسليم، أمام الدولار الأمريكي، إلى رقم قياسي جديد، ما هبط بالجنيه إلى مستوى تاريخي، بالتزامن مع تأجيل مراجعة برنامج تمويل مصر، من قبل صندوق النقد الدولي . 

وكان بنك مورجان ستانلي الأمريكي، قد قام بتخفيض تقييمه لأدوات الدين لحكومة الانقلاب، من “الموقف المحايد”، إلى “عدم التفضيل”. 

ولفت مورجان ستانلي، إلى أن انتخابات الرئاسة المقبلة، في ديسمبر، ستضعف قدرة مصر، على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة، بما فيها الانتقال إلى نظام صرف مرن للعملة، والذي يعد أحد الشروط الأساسية لبرنامج قرض صندوق النقد الدولي لمصر، بقيمة 3 مليارات دولار.  

وخضع تقديم الدفعات ضمن البرنامج، البالغ مدته 46 شهرا، لثماني مراجعات، وكان المقرر إجراء المراجعة الأولى في مارس الماضي لكنها لم تجر، وسط تقارير تؤكد عدم رضا الصندوق عن الأوضاع الاقتصادية في مصر، للوفاء بشروط الاتفاق. 

يشار إلى أن المراجعة تم تأجيلها للربع الأول من العام القادم مقابل تعهد نظام الانقلاب بقيادة عبدالفتاح السيسي باعتماد سعر صرف مرن بعد اتفاق القرض مع صندوق النقد الدولي أواخر العام الماضي، لكن السعر الرسمي ظل دون تغيير تقريبا منذ حوالي ستة أشهر عند نحو 30.93 جنيها للدولار. 

 

العقود الآجلة 

 

ومع استبعاد السيسي تخفيض سعر الجنيه، زادت كلفة الديون الدولارية لمصر خلال هذا العام بما ساعد في تراجعها بحوالي 11%، وهو أداء يعتبر الأسوأ بين جميع الأسواق الناشئة، وتحديدا بعد بوليفيا والإكوادور، وفقا لبيانات “بلومبرج” وأغلب سنداتها دخلت في منطقة التعثر، حيث بلغت العوائد الإضافية التي طالب بها المستثمرون لشراء سنداتها الدولارية مقارنة بسندات الخزانة الأمريكية 1176 نقطة أساس يوم الجمعة الماضي. 

وظل سعر الصرف الرسمي ثابتا عند حوالي 30.90 جنيها للدولار، بينما تتراجع العملة المصرية في السوق السوداء إلى مستويات تتراوح بين 38 إلى 40 جنيها للدولار خلال الأيام القليلة الماضية. 

يشار إلى أن العقود الآجلة هي عقود تتم بين طرفين، حيث يضع كل طرف رهانه في هذا العقد على السعر الذي سيصل إليه الجنيه بعد عام من الآن، إذا كانت لأجل 12 شهرا، ولهذه السبب سميت آجلة. 

وكان بنك “جي بي مورغان”، قد حذر من شطب مصر من مؤشره بعد وضعها تحت رحمة المراجعة ما بين 3 إلى 6 أشهر، بسبب وجود عراقيل أمام الحصول على عملات أجنبية، وتراجع الوزن النسبي لها من 1.85 بالمئة إلى 1 بالمئة فقط، . 

فى سياق متصل سجلت السندات السيادية المصرية بالدولار هبوطا بعد أن خفضت وكالة موديز التصنيف الائتماني للبلاد إلى منطقة عالية المخاطر، وهو ما يزيد الضغط على البلد الذي يعاني من ضائقة مالية، مع اقتراب موعد انتخابات الرئاسة في ديسمبر المقبل. 

وخفضت وكالة موديز تصنيف مصر درجة واحدة من B3 إلى Caa1، وهو المستوى السابع للتصنيف عالي المخاطر، وعزت قرارها إلى تدهور قدرتها على سداد ديون. 

 

صندوق النقد 

 

من جانبها قالت كريستالينا جورجيفا المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي: إن “مصر سوف تنزف احتياطاتها الثمينة ما لم تخفض قيمة عملتها مرة أخرى”. 

وأضافت جورجيفا في تصريحات صحفية أن نظام الانقلاب يؤخر ما لا مفر منه، وكلما طال الانتظار، أصبح الأمر أسوأ، موضحة أنه كلما تمكن صندوق النقد من التوصل إلى اتفاق بشأن خارطة الطريق لهذا الأمر بشكل أسرع؛ كان ذلك أفضل.  

وتابعت، إن المسألة هنا بسيطة للغاية، سوف تنزف مصر الاحتياطي المخصص لحماية الجنيه، لكن المشكلة أنه لا البلد ولا البيئة بشكل عام في وضع يسمح بذلك . 

 

أزمة حقيقية 

 

وأعرب الخبير الاقتصادي ممدوح الولي عن عدم تفاؤله فيما يخص استقرار سعر الصرف، وقال: إن “المرونة في السوق ابتدأت الآن ويحدث تحريك للسعر داخل الجلسة أكثر من مرة”. 

وأشار الولي في تصريحات صحفية إلى أن تحريك للسعر مقصود لتوصيل رسالة للمضاربين أن السعر الموجود في السوق السوداء ليس عادلا، ويجب أن يكون أقل من ذلك، موضحا أن الدفاع عن سعر الصرف مرهون بتوافر الدولار في الجهاز المصرفي.  

وكشف عن وجود أزمة حقيقية في الدين الخارجي، مؤكدا أنه لا يتوقع حل مشكلة التضخم في شهر أو شهرين، فكل التوقعات تشير إلى زيادة في معدلات التضخم وليس العكس، وبيانات صندوق النقد أفادت بأن بيانات العجز التجاري سيزيد خلال السنوات المقبلة. المشكلة كبيرة . 

 

انهيار الجنيه  

 

وأكدت الدكتورة عالية المهدي الأستاذة في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، أن التقلبات والتغييرات في سعر الصرف لن تنتهي قريا، وستأخذ وقتا حتى تدخل دولارات جديدة للقطاع المصرفي. 

وقالت عالية المهدي في تصريحات صحفية: إن “الدولارات التي حصل عليها البنك المركزي من الأفراد مقابل عوائد بقيمة 25% بلغت 4 مليارات دولار، وهناك توقع لدخول ودائع عربية بأرقام ليست كبيرة، لكن هذا لن يمنع اضطراب سعر الصرف لفترة”. 

وأشارت إلى أنه لا فائدة قريبة وسريعة على الاقتصاد المصري من وجود سعر صرف مرن، موضحة أن هذه الإجراءات تأخذ وقتا طويلا حتى تظهر نتائجها. 

 

ارتفاع الأسعار 

 

في المقابل قال الدكتور هشام إبراهيم أستاذ التمويل والاستثمار: إن “صندوق النقد لم يفرض شروطا على مصر، إنما كانت هناك تفاهمات بين الأطراف على المرحلة المقبلة مقابل القرض الأخير”. 

وأضاف إبراهيم في تصريحات صحفية أن صندوق النقد من الطبيعي كمؤسسة اقتصادية وتمويلية، أن تكون حريصة ومطمئنة قبل أن تمنح التمويل، وأن يكون الاقتصاد المقترض قادرا على تسديد الالتزامات. 

ووصف ما يجري اليوم بـالعملية الجراحية لضبط تشوهات موجودة في سوق الصرف، مشيرا إلى وجود حساسية بما يتعلق بسعر الصرف، حيث إنه ليس العامل الوحيد وراء ارتفاع الأسعار في الأسواق المصرية .