بسبب الإهمال والفوضى التي تشهدها مصر في زمن الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي، يواجه قطاع الثروة الحيوانية كوارث تهدد بتدميره خاصة انتشار الأوبئة والأمراض بين المواشي نتيجة تراجع دور الأمن الوقائي ومكافحة الأمراض الوبائية التي تحتاج لمجهودات كبيرة للسيطرة عليها لمنع انتشارها.
ومع تقليص المخصصات من جانب حكومة الانقلاب توقفت عمليات تطوير التحصينات رغم أن الفيروسات نفسها تتطور وينتج عنها أجيال وأنواع جديدة من العترات لا يستطيع التحصين القديم الموجود مواجهتها، وبالتالي أصبحت اللقاحات بلا جدوى وتواصل الأمراض الانتشار بين الحيوانات.
حمى الثلاثة أيام
حول ما يواجهه مربو المواشي من إهمال الانقلاب قال محمد عبدالله السيد، من محافظة الغربية: “لدى عجل أصيب بحمى الثلاثة أيام فذهبت للوحدة البيطرية بأبيج ولم أجد طبيبا هناك، وقالوا لي إن هذا المرض لا يوجد له تحصين”.
وأضاف، بحثت عن طبيب بيطري خاص لعلاج الحيوان، لكن لم نتمكن من اللحاق به ومات، وطلبت معاينة الحيوان النافق وإعطائي تعويضا، فقالوا إنه ليس لي تعويض لعدم إشتراكي في صندوق التأمين.
وقال محمد إبراهيم فياض، مربي مواشي صغير: “عندي عجل مصاب بحمى الثلاثة أيام، رغم أن الأحوال كانت بمعلفي جيدة مع متابعة طبيب الوحدة البيطرية السابق، لكن فوجئنا أنهم غيروه وجاءوا بطبيبة متخصصة في الكلاب والقطط”.
وأضاف فياض، لجأت إلى طبيب خاص لإنقاذ الحيوان المريض الذي عاد لتناول الطعام باعتدال بعد علاجه، مطالبا بوجود طبيب بيطري متخصص في الماشية بالوحدة البيطرية مع توفير العلاجات واللقاحات الضرورية لجميع الأمراض وتوفير التحصينات في مواعيدها.
وأشار إلى حدوث إصابة سابقة لديه من حمى الثلاث أيام، لكنها أصابت كل الماشية التي كانت عنده فذبح أحداها بشكل اضطراري وحرر محضرا بذلك، موضحا أنه كان من المفترض أن يكون له تعويض عن هذا الحيوان، لكنهم في مديرية الزراعة قالوا إنه لا يوجد بأذن هذا الحيوان «دبلة» رغم أن أطباء الوحده جاءوا وعاينوه وحرروا محضر إثبات حالة، لكن لم أتقاضَ مليما كتعويض رغم أني أدفع التأمينات التي لم تفدني في شيء.
تحصينات مضروبة
وقال عبد الوهاب رمضان عدس، مربي مواشي: “أُصيبت ماشيتي بسخونة وارتفاع في درجات الحرارة فجأه، ولم أستطع إنزالها رغم أنه تم تحصينها بتحصينات حكومة الانقلاب”.
وأشار إلى نه سأل الطبيبة البيطرية عن خطورة تحصين الماشية العُشُر «الحامل» فقالت: إنه “لا ضرر ثم أيام وظهر المرض الذي أصاب حوالي 10 بهائم سعرها 500-600 ألف جنيه، مطالبا بالتحقيق في سبب ظهور هذه الأمراض”.
وتساءل عدس، إذا كنت قد حصنت بتحصينات حكومه الانقلاب، ثم ظهر المرض فلماذا أستعمل هذه التحصينات مره أخرى؟ ولماذا أُحصن مع الطب البيطري ثم بعد موت ماشيتي لا آخذ تعويضا؟ ولماذا أدفع الآلاف سنويا للتعويض ثم عند المطالبة به لا أخذ شيئا؟ ولماذا أشتري علاجا لماشيتي مرات ومرات ولا أجد طبيبا متخصصا بالوحدة البيطرية وأضطر للذهاب لطبيب خاص وفي النهايه أخسر عشرات الآلاف؟
وأكد، إن تحصين حكومة الانقلاب الذي تم لماشيته من الوحدة البيطرية تسبب في موت الماشية وكان الأفضل شراء تحصين من الخارج، مشيرا إلى أنه بعد التحصين ظهر المرض وارتفعت درجات حرارة الماشية ولم نعرف طريقه لإنزالها ولم تستطع الحيوانات الوقوف على قدميها.
وأعرب عدس عن أسفه لأنه لا يوجد بالوحده غير طبيب بيطري واحد غير متخصص ونضطر لاستدعاء طبيب خاص لعلاج ماشيتنا ومتابعتها.
تهديدات للفلاحين
حول دور وحدات الطب البيطري في مواجهة هذه الكارثة قال الدكتور عمرو صالح، طبيب بيطري بإدارة كفر الزيات البيطرية: “مركز كفر الزيات من أقل مراكز محافظة الغربية إصابة بالأمراض لقلة تعداد الماشية به مقارنة بالمراكز الأخرى في المحافظة التى تشهد إصابات كثيرة جدا.
وكشف صالح في تصريحات صحفية أنهم يقومون بإبلاغ المسؤلين عن وجود إصابات بالمحافظة، وعندما نفعل ذلك أو نلجأ للإعلام يتم تحويلهم للتحقيق بدلا من التعامل مع المشكلة، مؤكدا أنه تم نقله من وحدته البيطرية رغم أنه الطبيب البيطري الأقدم في المنطقة وجاءوا بدلا منه بطبيبة تخصصها اللحوم ولديها عيادة لعلاج الحيوانات الأليفة كالقطط والكلاب، وهذا إرهاب لي حتى لا أتكلم أو أبلغ عن وجود المرض.
وأوضح أن من أعراض حمى الثلاث أيام المنتشرة بالمحافظة السخونه وانخفاض معدلات أكل الحيوان جدا، وربما لا يأكل أصلا ثم يصاب بـ«إمساك» قوي مؤكدا أن هذه الحمى يمكن السيطرة عليها لكن يجب توفير تحصيناتها في الوحدات البيطرية خاصة أنها موجودة في معهد اللقاحات بالعباسية، ومن الممكن شراء هذه التحصينات عبر صندوق اللقاح الاقتصادي والجرعة منها لا تتعدى الـ 10جنيهات.
وشدد صالح على ضرورة توفير كل التحصينات، مطالبا الوحدات البيطرية بأخذ عينات من الحيوانات المصابة، لأن هناك حمى الدم والكلوستيريديا التي فوجئنا بها عند التحصين ضد الحمى القلاعية فوجدنا إصابات الحمى تزداد انتشارا، لأنهم حصنوا في أوقات كانت مناعة الحيوانات قد انتهت بسبب حمى الثلاث أيام.
وأشار إلى وصول تهديدات للفلاحين بعدم الكلام وسحب شكاواهم بعدما وصل الأمر أن قام مسئولو الطب البيطري برفع قضايا ضده، بسبب ما كشفه ونشره على الفيس بوك وهكذا أصبح مهددا بالسجن لأنه بشهادة الجميع يدافع عن حقوق الفلاحين.
وأكد صالح أن الخسائر في كفر الزيات وصلت إلى 5 % نفوق والمشكله ليست في الموت فقط فالحيوان بعد الإصابة يقطع لبنه ويطرح حمله إجهاضا وموت العجل الذي كان في بطنه، كما أن هناك إنفاقا كبيرا على العلاج وانخفاض نصف وزن الحيوان المصاب، مطالبا بإغلاق الأسواق لوقف انتشار المرض لأن الخسائر يمكن أن تتعدى الـ 30 % كما حدث العام الماضي.
وكشف عن تواجد 3 محاجر وسط الكتل السكنية للفلاحين الذين يربون الماشيه مع أنه ممنوع وجود محاجر في المحافظات، محذرا من أن التأخر في غلق هذه المحاجر يتسبب في تدمير الثروة الحيوانية بالمنطقة التي أصبحت موبوءة.
وطالب صالح بتعويض المزارعين الذين خسروا ماشيتهم حتى يتمكنوا من العودة للتربية وسداد ما عليهم من ديون وقروض خاصة هؤلاء الذين أمنوا على ماشيتهم.
عترات جديده
وقال الدكتور محمد البراوي طبيب بيطري: إن “التحصينات الموجودة لم يتم تطويرها منذ أخر عزل لها ولم يتم مراعاة أن الفيروسات نفسها تتطور وينتج عنها أجيال وأنواع جديده من العترات لا يستطيع التحصين القديم الموجود مواجهتها، موضحا أن الفيروس يقوم بإنتاج مضادات لهذه اللقاحات فتصبح بلا جدوى، وبالتالي لا يتم منع انتشار الأمرض في المنطقة المصابة.
وأضاف البراوي في تصريحات صحفية: لو كان هناك تحصين سليم لتوقف انتشار الأمراض ولتوقفت هذه الخسائر الاقتصادية الكبيرة، مشيرا إلى أن الطب البيطري يطالب جميع المربين بالحرص على تحصين ماشيتهم حتى نستطيع السيطرة على المرض، لكن للأسف يجتهد الأطباء في الانتشار وتوزيع التحصينات في كل مكان ورفع الوعي لدى المربي بأهمية التحصينات التي أصبحوا يقبلون عليها بعدما كانوا يرفضونها ويقولون إننا نأتي لهم بالمرض في الحقن.
وأكد أن العترات الحالية أقوى من السابقة كثيرا ولا يوجد فيروس يمكن أن يظل على قوته 20 عاما لكنه أيضا لا يسمح للإنسان بالقضاء عليه وهذه قدرة منحها الله له فيتحور لسلالات أو عترات جديدة يجب أن نتابع تغيرها وننتج التحصينات الحديثة القادرة على التصدي لها لحماية ثرواتنا الحيوانية.
