لم يجرؤ فيه الحكام المشاركون فى قمة الرياض التى عقدت اليوم على اتخاذ اجراءات حاسمة ومحددة لوقف العدوان الصهيونى وجرائم الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين فى قطاع غزة واكتفت القمة كما هو معتاد بالشجب والإدانة والاستنكار، ومطالبة المجتمع الدولى بالعمل على وقف الحرب وايصال المساعدات الإنسانية، بينما وصف مؤرخون وحاخامات يهود ما ترتكبه اسرائيل فى قطاع غزة بأنه حرب إبادة جماعية وجرائم حرب مشددين على ضرورة محاكمة قادة الكيان الصهيوني على تلك الجرائم ومن دعمهم من الأمريكان والأوربيين.
وحذر المؤرخون اليهود من أن ما تفعله إسرائيل إرهاب دولة، وهو أخطر بكثير من الهجوم على إسرائيل وهذا سيؤدي إلى مزيد من المواجهات والصراعات، وقالوا: من غير المقبول أن يقتل الكيان الصهيوني الأطفال والنساء العزل في انتهاك للدين اليهودي معتبرين ما يحدث مذبحة وحشية يتعرض لها الشعب الفلسطيني المظلوم في غزة، الواقع تحت الحصار والمحروم من أبسط الاحتياجات الإنسانية، على يد الكيان الصهيوني ، وهذه التصرفات تتعارض مع التعاليم اليهودية.
وفي نفس يوم العجز العربي الواضح تظاهر 300 ألف محتج على الإجرام الصهيوني في وسط لندن، اليوم السبت، في مسيرة مؤيدة للفلسطينيين هي الأضخم في بريطانيا منذ بدء الحرب على غزة، بينما أطلقت الشرطة عملية أمنية كبيرة تخللها توقيف 82 يمينياً خرجوا ضمن حشد مضاد، واشتبك بعضهم مع عناصر الشرطة في وقت سابق اليوم. يأتي ذلك في وقت تحيي فيه بريطانيا ذكرى قدامى المحاربين.
وقالت الشرطة البريطانية إن نحو 300 ألف شخص شاركوا في التظاهرة، رفضاً للعدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة، لليوم الـ36، والذي تخللته مجازر إبادة وحشية استهدفت تجمعات النازحين والمستشفيات والأحياء السكنية المكتظة، وأسفرت عن أكثر من 11 ألف شهيد، معظمهم من النساء والأطفال، منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ونُظمت التظاهرة بالتزامن مع احتفال بريطانيا بيوم الهدنة، وهو اليوم الذي انتهت فيه الحرب العالمية الأولى، تكريماً لذكرى قدامى المحاربين.
غطرسة ووحشية
من جانبه قال زعيم الطائفة اليهودية في إيران الحاخام لاله زار، إنهم يعتبرون أنفسهم من أتباع النبي إبراهيم.
وأضاف لاله زار فى تصريحات صحفية: صفات النبي إبراهيم هي الخير والعبودية والتقوى، ويجب الدفاع عن المظلومين، ومن واجبنا أن نحتج على جرائم الكيان الصهيوني.
وشدد على أنه من غير المقبول أن يقتل الكيان الصهيوني الأطفال والنساء العزل في انتهاك للدين اليهودي.
وأكد لاله زار أن الكيان الصهيوني أصبح أكثر غطرسة وأكثر وحشية بدعم من الدول الغربية .
وادان المذبحة الوحشية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني المظلوم في غزة، الواقع تحت الحصار والمحروم من أبسط الاحتياجات الإنسانية، على يد الكيان الصهيوني الإسرائيلي، مؤكدا أن تصرفات هذا النظام تتعارض مع التعاليم اليهودية .
ولفت لاله زار إلى أن تصرفات إسرائيل مدانة من قبل جميع الأديان والشعوب الحرة في العالم، مؤكدا أن دعم الدول الإمبريالية للكيان الصهيوني يجعلها شريكة في جرائم الحرب التي يرتكبها الكيان، وهم مسؤولون عن جرائم القتل المرتكبة ضد الأبرياء.
وطالب بعدم استهداف الأماكن المقدسة، ووقف المجازر بحق المدنيين، وإعلان وقف إطلاق النار فورا داعيا إلى رفع الحصار عن غزة وإيصال المساعدات الإنسانية الأساسية مثل الوقود والأدوية والغذاء إلى المنطقة.
إرهاب دولة
وأكد المؤرخ اليهودي المناهض للصهيونية آفي شلايم، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة “سانت أنطوني” التابعة لجامعة أكسفورد أن الحرب الإسرائيلية المتصاعدة ضد قطاع غزة لا معنى لها، ولن تؤدي إلى نتيجة، منتقدا التعامل الغربي مع الأزمة، الذي يطبعه النفاق وازدواجية المعايير.
وقال شلايم فى تصريحات صحفية إن مقاربة “الانتقام من حماس” التي تشتغل بها حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لن تؤدي إلى أي نتيجة مؤكدا أن نتنياهو لن يتمكن من النجاة من الناحية السياسية، بعد الحرب.
وحول النفاق الغربي، ازاء حرب الإبادة الجماعية فى قطاع غزة، أشار الى ما حدث في يناير 2006، عندما فازت “حماس” في انتخابات حرة وشفافة، لكن إسرائيل رفضت الاعتراف بحكومة حماس، وقرر الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة دعم إسرائيل في قرارها، عبر فرض عقوبات اقتصادية من أجل إضعاف “حماس” وإجبارها على التخلي عن السلطة على نحو طوعي.
وأضاف شلايم : في سنة 2007، فرضت إسرائيل حصارا على قطاع غزة، وهذا الحصار غير قانوني وغير شرعي، لأنه يعتبر شكلا من أشكال العقاب الجماعي ضد المدنيين مؤكدا أن إسرائيل تتخذ الآن خطوات أخطر شبيهة بالحصار في القرون الوسطى عندما تقول إنها ستمنع الماء والغذاء والأدوية والوقود عن أكثر من 2.4 مليون شخص في قطاع غزة .
وأعرب عن أسفه لأن القوى الغربية ما تزال حتى الآن متحيزة تماما لطرف واحد، فهم من جهة يدينون حماس ويصفونها بالمنظمة الإرهابية، لكنهم في المقابل لا ينظرون إلى ردة الفعل الإسرائيلية، ولا يوجهون لها أي انتقاد، ولهذا فهم متواطئون في الهجوم على غزة وعلى المدنيين.
وانتقد شلايم منح أمريكا والغرب إسرائيل الضوء الأخضر للقيام بأبشع الأشياء، بدلا من الدعوة إلى وقف إطلاق النار مؤكدا أن الصراع لم يبدأ في 7 أكتوبر والناس لا تسأل لماذا قامت حماس بهذا الهجوم، والجواب سنجده في السياق التاريخي، والجواب لكل ما يحدث هو في التاريخ، الذي يعود بنا لسنة 1967 تاريخ احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية.
ولفت إلى أن الاهتمام الإعلامي انصب حول هجوم حماس، رغم أن رد الفعل الإسرائيلي غير متكافئ إطلاقا.. متابعا أنا أدين الأمرين معا، أدين هجوم حماس، لأنه استهدف مدنيين أيضا، وقتل المدنيين هو أمر خاطئ، لكن في المقابل، فإن رد الفعل الإسرائيلي كان قاسيا ووحشيا وغير متكافئ إطلاقا.
ووصف شلايم ما تفعله إسرائيل بأنه إرهاب ترعاه الدولة، وهو أخطر بكثير من الهجوم على إسرائيل متوقعا أن ما يحدث سيؤدي إلى مزيد من المواجهات والصراعات، لأن العداء اليهودي للعرب في إسرائيل لم يعد كما في السابق، بل تزايد على نحو ملحوظ خلال الـ 20 سنة الماضية، منذ أن بدأت إسرائيل تتجه أكثر نحو اليمين من الناحية السياسية.
حكومة متطرفة
وأضاف: الحكومة الحالية التي فيها قوى من الصهيونية الدينية، هي أكثر حكومة يمينية متطرفة والأكثر شوفينية وأكثر حكومة عنصرية في تاريخ إسرائيل، وكنتيجة للحرب الحالية في غزة، فإن الجمهور سينحو نحو اليمين أكثر، ويصبح أكثر عداء للعرب.
وحول محاولات إسكات الأصوات المنتقدة للاحتلال بدعوى معاداة السامية، قال شلايم، إن إسرائيل وأصدقائها حول العالم يخلطون بين معاداة السامية ومعاداة الصهيونية، أنا أعرّف (معاداة السامية) بكونها كراهية اليهود فقط، لأنهم يهود، وهذا أمر لا علاقة له بإسرائيل أما (معاداة الصهيونية)، فأمر مختلف تماما، فهو انتقاد ومعارضة الأيديولوجية الصهيونية، التي هي الأيديولوجية الرسمية لدولة إسرائيل، خصوصا فيما يتعلق بسياسات التعامل مع الفلسطينيين، من احتلال ونظام فصل عنصري (الأبارتايد)، والاستعمال القاسي والعنيف للقوة كما نعيشه هذه الأيام في غزة.
دور الضحية
وكشف المؤرخ اليهودي “ياكوف رابكين” أنه رغم تصاعد الحملة العسكرية الإسرائيلية على الفلسطينيين في قطاع غزة، لكن دولة الاحتلال تصور نفسها على أنها ضحية وليس الجاني والطرف الأقوى في الصراع.
وقال رابكين فى تصريحات صحفية أن الاعتداءات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين تم تجاهلها على الساحة الدولية، وتم التركيز على حق إسرائيل في الدفاع عن النفس.
وطالب إسرائيل بالتوقف عن التفكير في أنك الضحية.. في هذه العملية، أنت لست ضحية، أنت الجاني مشددا على ضرورة أن يكون للفلسطينيين الحق في الدفاع عن أنفسهم، لكن ليس لديهم الوسائل الكافية لذلك.
وشدد رابكين على ضرورة إلزام إسرائيل بالامتثال للمعايير الدولية في الأماكن التي تسيطر عليها.. بكل بساطة.