رغم التطبيل الإعلامي، والرهانات التي عقدها البعض من الشعوب العربية على قمة الرياض الطارئة التي جاءت بعد أكثر من شهر على الحرب الصهيونية على غزة، إلا أن نتائج تلك القمة، جاء مخيبا للشعوب العربية والإسلامية، التي كانت تراهن على قرارات رادعة للصلف الإسرائيلي تتناسب مع حجم الكوارث الإنسانية في فلسطين الجريحة.
واستبقت القمة خلافات عدة بين البلدان العربية، فيما يتعلق بالتشدد في قرارات رادعة لإسرائيل، وهو ما أدى إلى دمج القمتين العربية والإسلامية، لتوسيع دائرة النقاشات ومن ثم تفويت الفرصةعلى أطراف عربية تريد بالفعل ردع إسرائيل.
ودعا زعماء الدول العربية والإسلامية في البيان الختامي للقمة العربية الإسلامية المشتركة التي انعقدت أمس السبت، في العاصمة السعودية إلى وقف الحرب على قطاع غزة، ورفضوا توصيف الحرب الانتقامية الإسرائيلية على أنها دفاع عن النفس أو تبريرها تحت أي ذريعة.
كما دعا الزعماء إلى كسر الحصار الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي على غزة، وفرض إدخال قوافل مساعدات إنسانية عربية وإسلامية ودولية إلى القطاع.
إدانات وشجب
وأدانت القمة في بيانها الختامي العدوان الإسرائيلي على غزة، وجرائم الحرب والمجازر الهمجية الوحشية واللا إنسانية التي ترتكبها حكومة الاحتلال الاستعماري.
ودعا زعماء العالمين العربي والإسلامي جميع الدول إلى وقف تصدير الأسلحة والذخائر إلى إسرائيل.
وطالب زعماء وقادة دول عربية وإسلامية بوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، وذلك في كلمات ألقوها خلال القمة.
وانطلقت القمة العربية الإسلامية المشتركة الطارئة في الرياض لبحث التطورات التي تشهدها غزة والأراضي الفلسطينية والحرب الإسرائيلية على غزة التي دخلت يومها الـ36.
من جهته، قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس: إن “قوات الاحتلال بدأت حرب إبادة لا مثيل لها بحق شعبنا وتخطت كل الخطوط الحمراء، متهما سلطات الاحتلال ومن يساندها بتحمل المسؤولية عن قتل كل طفل وامرأة في هذه الحرب الظالمة.
وفي كلمته، قال أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني: “المجتمع الدولي فشل في اتخاذ ما من شأنه وقف المجازر ووضع حد لهذه الحرب العدوانية، لاحظنا قبل الحرب ارتفاع مناعة بعض الدول تجاه قتل المدنيين وقصف المستشفيات والملاجئ“.
وتساءل “من كان يتخيل أن المستشفيات ستقصف علنا في القرن الـ21؟ وإلى متى يظل المجتمع الدولي يعامل إسرائيل وكأنها فوق القانون الدولي؟”، وقال أيضا “النظام الدولي يخذل نفسه قبل أن يخذلنا بالسماح بقصف المستشفيات والأحياء والمخيمات، موقفنا ثابت في دعم صمود الشعب الفلسطيني الشقيق وقضيته العادلة“.
من جانبه، دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لمحاسبة إسرائيل على جرائمها في غزة، وقال: إن “على مجلس حقوق الإنسان والمحكمة الجنائية الدولية النظر في تلك الجرائم”.
وقال أردوغان: إن “الكلمات تعجز عن وصف ما يجري في غزة من استهداف للمدنيين والمستشفيات ودور العبادة والمدارس بشكل وحشي، متهما إسرائيل بمحاولة الانتقام، لأحداث السابع من أكتوبرتشرين الأول الماضي، بقتل الأبرياء والأطفال والنساء”.
وأضاف “غزة التي حرمت من المساعدات الإنسانية تشبه جهنم، ويجب أن نبذل جهودا لمحاسبة إسرائيل على جرائمها، رأينا أمهات يحضن أطفالهن وقد فارقن الحياة وآباء يبحثون عن أفراد عائلاتهم بين الركام والحطام، 73% ممن فقدوا أرواحهم في غزة والضفة من النساء والأطفال، وحالة الجنون هذه لا يمكن تفهمها.”.
وانتقد الرئيس التركي الموقف الغربي حيال الحرب الإسرائيلية على غزة، وقال: إن “الدول الغربية لم تدعُ حتى لوقف إطلاق النار، وأكد أن من يسكت على الظلم هو شريك فيه“.
وقال أيضا: إن “الولايات المتحدة والغرب يدّعيان حقوق الإنسان، لكنهما للأسف نسيا ذلك أمام ممارسات إسرائيل”.
وفي كلمته بالقمة، طالب الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي المجتمعين في القمة باتخاذ قرار تاريخي وحاسم بشأن ما يحدث في الأراضي الفلسطينية، مؤكدا ضرورة أن تلعب منظمة التعاون الإسلامي دورا صحيحا يجسد معاني الوحدة والانسجام.
وقال رئيسي “نجتمع اليوم بالنيابة عن الأمة الإسلامية لنجدة الشعب الفلسطيني، وهذا يوم تاريخي للدفاع عن المسجد الأقصى“.
وأشار إلى أن المظاهرات المليونية في مختلف أنحاء العالم تؤكد أن الدفاع عن فلسطين في ضمير الشعوب، مؤكدا أن غزة باتت أكبر سجن في العالم بسبب الحصار الذي تتعرض له.
وأكد الرئيس الإيراني أن الكيان الصهيوني ينتهك القوانين الدولية في حربه الشاملة على غزة.
ودعا رئيسي للفت الانتباه إلى برنامج إسرائيل النووي، وقال: إن “الحل المستدام هو إقامة دولة فلسطينية من البحر إلى النهر، إذا لم يسفر اجتماعنا اليوم عن اتخاذ خطوات سيؤدي ذلك إلى خيبة أمل لدى الشعوب الإسلامية“.
خلافات ما قبل القمة
وأدت الخلافات بين قادة عرب حول مشروع البيان الختامي للقمة، إلى إعلان دمج القمتين العربية والإسلامية، مساء الجمعة الماضية.
وجاء في بيان للخارجية السعودية “استجابة للظروف الاستثنائية التي تشهدها غزة، وبعد تشاور المملكة العربية السعودية مع جامعة الدولة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي؛ فقد تقرر عقد قمة عربية إسلامية مشتركة غير عادية بشكل استثنائي في الرياض يوم السبت عوضا عن القمة العربية غير العادية والقمة الإسلامية الاستثنائية اللتين كانتا من المُقرر أن تُعقدا في التاريخ نفسه“.
وأرجعت مصادر دبلوماسية لوسئل إعلام عربية، أن سبب القمة المشتركة، أي دمج القمتين، يعود لعدم وجود توافق على قرارات هامة ضد الاحتلال الإسرائيلي، حيث حالت دول متنفذة وازنة في الجامعة العربية دون تبني مقترحات جادة تحمل إجراءات ضاغطة على الاحتلال الإسرائيلي لوقف عدوانه، حيث ضغطت هذه الدول المتنفذة لصالح استبدال الإجراءات بفقرات باهتة.
ويعتبر هذا الأمر مناقضا لطلب القيادة الفلسطينية التي أصرت على أن تكون القمة العربية الطارئة بمعزل عن قمة منظمة التعاون الإسلامي، وذلك حتى يكون هناك اهتمام أكبر بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وليتسنى للقمة الخروج بتوصيات هامة.
ووفق المصادر الدبلوماسية، فإن ليبيا طلبت إضافة 8 مقترحات لمشروع البيان الختامي للقمة، مجددة التعبير عن تضامنها الدائم والكامل مع الشعب الفلسطيني في مواجهة العدوان الإسرائيلي ووقوفها معه في كل ما من شأنه إنهاء هذا العدوان.
ومن بين المقترحات الليبية “تأكيد حق الشعب العربي الفلسطيني في مقاومة الاحتلال الصهيوني الغاشم والدفاع عن نفسه وعرضه ووطنه ورفض إعادة احتلال قطاع غزة، والتصدي لمحاولات الكيان الصهيوني المعتدي للانحراف في تحديد مفهوم الدفاع الشرعي“.
كذلك شددت ليبيا على ضرورة اتخاذ خطوات عملية ناجزة لملاحقة إسرائيل دوليا على جميع جرائمها في حق الشعب الفلسطيني.
وفيما حثت طرابلس على العمل من أجل توفير الدعم المادي والعاجل لتوفير كل احتياجات الشعب الفلسطيني في غزة مع إيصال إمدادات الطاقة والماء والدواء والمستشفيات المتنقلة بشكل عاجل، اقترحت تشكيل لجنة وزارية عربية مصغرة لتوظيف أدوات وإمكانات الاقتصاد العربي للضغط على الدول المؤثرة لحمل إسرائيل على وقف عدوانها على الفلسطينيين وإلزامها بقرارات الشرعية الدولية، إضافة إلى توسيع قائمة التدابير الاقتصادية ضد تل أبيب، لتشمل إغلاق المجال الجوي العربي أمام الطيران الإسرائيلي إلى حين توقف العدوان على الشعب الفلسطيني.