يواصل الجيش الصهيوني حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة، بعد فشل جهود الوسطاء في تمديد الهدنة الإنسانية، ومنحت الإدارة الأمريكية مجلس الحرب الإسرائيلي الضوء الأخضر لاستئناف الحرب على أن ينتهي جيش الصهاينة من مهمته وتحقيق أهدافه خلال أسابيع وفق تعبير الأمريكان.
لكن ما لم يعلن أن الصهاينة استأنفوا الحرب بعد رفض المقاومة الفلسطينية إملاءات الحلف الصهيوأمريكي لتحديد مستقبل قطاع غزة بعد الحرب واستبعاد حركة حماس من الخريطة الفلسطينية والاستعانة بقوات دولية لفرض الأمن في القطاع وفق التصور الصهيوأمريكي.
يشار إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت قد اقترحت تشكيل لجنة من مصر والأردن والسلطة الفلسطينية لإدارة غزة، لكن هذه المسودة رفضت، وقال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي: إن “بلاده ترفض أي حديث عن إدارة غزة ما بعد الحرب، عبر قوات عربية أو غير عربية”.
كان مجلس الحرب الصهيوني قد حدد في بداية الحرب ثلاثة أهداف لعمليته العسكرية تتمثل في : تحرير المحتجزين الإسرائيليين، وتدمير قوة حماس، وإنهاء حكمها في قطاع غزة، ووافقت الولايات المتحدة على ذلك، وقال حينها المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي : “لا أعتقد أن حركة حماس يمكنها المشاركة في حكم قطاع غزة”.
في المقابل اتهمت حركة حماس حكومة الصهاينة بأنها تسبب في انهيار الهدنة الإنسانية بعد رفضها كل العروض التي طرحتها الحركة للإفراج عن المحتجزين الصهاينة، وكذلك جهود التوصل إلى وقف لإطلاق النار من شأنه إيقاف الحرب في قطاع غزة .
وأكدت الحركة أن مستقبل قطاع غزة يحدده أهالي القطاع وليس الصهاينة أو الأمريكان معربة عن رفضها لكل الإملاءات، التي تأتي من الأمريكان والأوروبيين الذين يعملون لمصلحة الصهاينة .
خلافات كبيرة
من جانبها قالت صحيفة “هآرتس” الصهيونية: إن “التباين في المواقف بين إسرائيل والولايات المتحدة والسلطة الفلسطينية والدول العربية في شأن وقف إطلاق النار ومستقبل الحكم في قطاع غزة، من شأنه أن يؤثر سلبا في فرص الوسطاء التي بدت قوية وتهدف إلى التوصل إلى وقف إطلاق نار نهائي”.
وكشفت الصحيفة أن هناك خلافات كبيرة ونقاشات عميقة في الوقت نفسه حول الجهات الأمنية التي ستتولى الحكم في غزة، والتوصل إلى اتفاق من شأنه الكشف عن هوية من يتولى مسؤولية القطاع بعد إصرار دولة الاحتلال الصهيوني على الإطاحة بحكومة حماس .
تسيير المعاملات
فيما قال حازم قاسم ألمتحدث باسم حركة حماس أن هناك فصلا بين الفصيل السياسي والسلطات على الأرض، وأنهم في الحركة غير مسؤولين عن الجهات الحكومية ولا يوجد لهم أي سلطة عليهم .
وأشار قاسم في تصريحات صحفية إلى أنه قبل القتال الذي بدأ في السابع من أكتوبر الماضي، كانت هناك لجنة إدارية حكومية مسؤولة عن تسيير معاملات سكان غزة.
انفلات أمني
وقال أستاذ العلوم السياسية جهاد الحرازين: “من الواضح أن هناك نوعا من الانفلات الأمني، وبرز ذلك في بيانات الأمم المتحدة التي أكدت أنها تخشى من زيادة الانفلات بعد أن تعرضت مستودعاتها للسرقة”.
وأضاف الحرازين في تصريحات صحفية أن الانفلات الأمني يعني غياب الجهات الحكومية على الأرض، وهذا يدلل على أن حماس قد فقدت السيطرة على السلطة، لكن ذلك ينطبق على فترة الحرب وليس على ما بعدها، لأن الموظفين الحكوميين ما زالوا موجودين.
وأوضح أنه مع بدء العد التنازلي لمهلة أمريكا لإسرائيل في تنفيذ أهدافها في غزة خلال أسابيع عدة فقط، بدأت تظهر مقترحات لإدارة أمن غزة، وبحسب المعلومات المتوافرة فإن هذه المسودات جميعها لدى الوسطاء المصريين والقطريين الذين يجلسون مع قيادات حركة حماس ويطلعونهم عليها.
وكشف الحرازين أن من بين المقترحات، أن ألمانيا قدمت وثيقة للدول الأوروبية تنص على تشكيل تحالف دولي تديره الأمم المتحدة ويشرف على قطاع غزة، ويكون مهمة التحالف تفكيك أنظمة الأنفاق وتهريب الأسلحة إلى القطاع، فيما الأمم المتحدة تتولى مهمة شؤون السكان.
مخططات فاشلة
من جانبها رفضت حركة حماس المقترحات التي قدمت لها عن إدارة غزة، وقال القيادي في الحركة أسامة حمدان: “لا نسمح بمشاركة أي قوات دولية أو عربية في إدارة غزة، مؤكدا أن هذه المخططات فاشلة”.
وأكد حمدان في تصريحات صحفية أن مصير القطاع مرتبط فقط بقرار ديمقراطي من سكان غزة موضحا أن قرار ترتيب البيت الفلسطيني هو قرار الشعب القادر على تحديد مصيره ومستقبله ومصالحه، ويكون عبر الانتخابات، ولا يمكن أن نقبل بأي مقترحات أمريكية ترسلها لنا وتأتي على أهواء إسرائيل.
وشدد على أن إسرائيل فشلت في قرار إنهاء حماس، والدليل أنها تفاوضت عبر الوسطاء بطريقة غير مباشرة ووصلت إلى هدنة موقتة بقرار من قياداتنا، وهذا أثار جدلا في داخل دولة الاحتلال حول أهداف الحرب التي تريد القضاء على الحركة.
وأشار حمدان إلى أن حركة حماس سمعت أصواتا من قيادات الصهاينة تتحدث عن كيف تريدون القضاء على حماس ثم تجلسون على طاولة التفاوض معها لتبادل المحتجزين من الأطفال والنساء؟.
إدارة دولية
وقال عبدالفتاح دولة المتحدث باسم حركة فتح: “لن نقبل بإدارة دولية لحكم غزة، مؤكدا أن الشعب الفلسطيني يناضل ويضحي من أجل حريته وتقرير مصيره ومن ثم لا يعقل أن يجد في النهاية بعد كل هذا النضال الطويل تحالفا دوليا وقوات أجنبية تحكمه”.
وكشف دولة في تصريحات صحفية أن السلطة الفلسطينية تقدم لغزة نحو مليار دولار سنويا وتوفر لها جميع الخدمات، موضحا أنه في حالة الاتفاق على منظمة التحرير واندماج الجميع داخل إطاراتها، يمكن للسلطة تولي مسؤولياتها في غزة مثل ما هو الحال في الضفة الغربية.