رغم إعلان حكومة الانقلاب مبادرة لخفض أسعار السلع الأساسية والتي من ضمنها السلع الأساسية مثل السكر والأرز والمكرونة والزيت، إلا أنه بعد إطلاق المبادرة بأيام شهد السوق ارتفاعات غير مسبوقة في الأسعار خاصة مع تراجع قيمة الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي ليسجل الدولار 52 جنيها في السوق السوداء .
وارتفع سعر السكر، ليصل إلى 52 جنيها بدلا من 27 جنيها في المبادرة، بينما وصل سعر الأرز إلى 44 جنيها بدلا من 20 جنيها في المبادرة.
واعتبر الخبراء استمرار ارتفاع أسعار السلع الأساسية وعدم التحكم في السوق، فشلا للمبادرة، خاصة مع عدم توافر بعض السلع واختفائها من الأسواق .
كان مصطفى مدبولى رئيس مجلس وزراء الانقلاب قد أعلن في منتصف أكتوبر الماضي، عن تفعيل مبادرة خفض أسعار السلع الأساسية، مشيرا إلى تحديد 7 سلع رئيسية، سطرح بأسعار مخفضة بنسب تتراوح بين 15 و25%، لمدة ستة أشهر وفق تعبيره.
وزعم مدبولي أن المبادرة، تضمنت اتفاقا بين حكومة الانقلاب وممثلى التجار والصناع، على تقديم عدة حوافز للصناع والتجار لضمان مشاركتهم فى المبادرة، مثل إعفاء تلك السلع من أية جمارك أو رسوم لمدة 6 أشهر، وتوفير الدولار اللازم لدخول مستلزمات الإنتاج.
ارتفاع يومي
حول الارتفاع الجنوني في الأسعار قال أحمد الغمري مهندس : “هناك ارتفاع يومي في أسعار السلع بشكل مخيف، خاصة السلع الأساسية منها البيض واللبن والجبن، وهو أبسط المأكولات التي لا غني عنها في أي بيت”.
وأضاف الغمري، أصبحنا نرى سعر البيض كل يوم في ازدياد حتى وصل سعر البيضة إلى 5 جنيهات، فيما وصل سعر اللبن إلى 28 جنيها للكيلو والجبن الأبيض وصل سعر الكيلو إلى 120 جنيها، ويعتبر هذا أقل سعر في أنواع الجبن فكل أنواع الجبن المستوردة ارتفعت بشكل جنوني.
وقالت سلوي صبحي ربه منزل : “نواجة ارتفاعا كبيرا في أسعار اللحوم والدواجن، وكل يوم في زيادة حتى وصل سعر اللحوم إلى 350 جنيها بالنسبة للحوم البلدية، أما اللحوم التي توجد في المجمعات الاستهلاكية فهي بـ 200 جنيه ولا تتوافر بشكل دائم في حين هناك منافذ بيع وزارة الزراعة وصل سعر كيلو اللحم إلى 220 جنيها والمخصوص 230 جنيها”.
وأشارت إلى أن أسعار الدواجن ارتفعت بشكل مستفز للمستهلك، حيث وصل كيلو البانيه إلى 190 جنيها وكان منذ شهور بـ 100 جنيه، وذلك أدى إلى ارتفاع أسعار السمك، حيث وصل سعر الكيلو البلطي إلى 80 جنيها، ويعتبر هذا النوع أرخص أنواع الأسماك.
الأسعار ولعت
وقالت روفيدة إبراهيم، ربة منزل 39 عاما: “أي شخص يذهب للشراء يندهش من ارتفاع الأسعار” .
وأضافت: أسعار الخضروات ارتفعت خلال الأيام الماضية، الكوسة وصلت إلى 25 جنيها للكيلو بعد ما كانت بـ ٧ أو ١٠ جنيهات فقط .
وأكدت روفيدة إبراهيم أنه بسبب الارتفاع الكبير في الأسعار، لن نستطيع شراء الضروريات، مشيرة إلى أن الفقير لن يستطيع شراء أي شيء وهيعيش على الماء والخبز والملح .
وأكد ياسر سعيد، موظف حكومي 43 سنة أن أغلبية السلع زادت بصورة غير عادية، مشيرا إلى أنه لم يعد يستطيع شراء العديد من السلع مثل اللحوم والأرز والدقيق.
وقال سعيد : “الأسعار ولعت، كيلو الأرز ارتفع من 20 إلى 44 جنيها وكيلو اللحمة ارتفاع إلى 350 جنيها مقابل 250 قبل 3 شهور” .
غياب الرقابة
في هذا السياق أكد أميل درياس عضو الاتحاد الأقليمي للجمعيات بالإسكندرية أن ارتفاع الأسعار بشكل يومي أصبح أمرا مألوفا لنا، بل إننا نتسوق بعض أصناف الفاكهة والخضراوات في الصباح بأسعار، وفي المساء بأسعار أخرى أغلى.
وقال درياس في تصريحات صحفية : “لا توجد رقابة على التجار والبائعين، لذلك يتم استغلال المواطنين ونكون أمام الأمر الواقع، فلا يمكن أن نتراجع عن شراء الحاجات الأساس مهما ارتفع سعرها، وما نستطيع تنفيذه هو تقليل الكميات”.
المسئول الأول
وقال خبير أسواق المال الدكتور وائل النحاس: إن “فشل مبادرة انخفاض أسعار السلع الأساسية، يرجع إلى عدة أسباب أهمها غياب رقابة حكومة الانقلاب وجشع التجار الذين يحاولون الاستفادة من الأزمات، بالإضافة إلى سوء الإدارة في وزارة تموين الانقلاب”.
وأضاف «النحاس» في تصريحات صحفية أن حكومة الانقلاب هي المسئول الأول عن توريد السكر للشركات، ولدينا اكتفاء ذاتي يصل إلى 80%، لافتا إلى أن هناك شركات جديدة دخلت إلى السوق منذ شهرين استحوذت على الإنتاج مع غياب الرقابة.
وأشار إلى أن الأمر حدث أيضا في الأرز، ظهرت شركات جديدة، بدأت في تخزين المعروض ما تسبب في ارتفاع سعره، لافتا إلى أن الحل ليس في التسعير الجبري، لأنه يؤدي إلى ظهور السوق السوداء.
وأوضح «النحاس» أن وزارة تموين الانقلاب لم تستطيع القيام بدورها في زيادة المعروض وضبط الأسواق، متابعا: يجب أعطاء جميع أدواتها إلى حماية المستهلك لحل أزمات السلع.
وأكد أن السوق يشهد حالة من العشوائية وأي تاجر يريد التربح على حساب المستهلك البسيط، قائلا: “التاجر لو متربحش من الدولار يتربح من السكر واللي متربحش من السكر يتربح من الأرز، وهكذا”.
جشع التجار
وأرجع المحلل الاقتصادي الدكتور خالد الشافعي، ارتفاع الأسعار إلى سببين أولهما: الحرب الروسية والأوكرانية وتأثيراتها على الاقتصاد العالمي، مما أدى إلى ارتفاع النفط والقمح والزيوت.
وقال الشافعي في تصريحات صحفية: إن “مصر تستورد من أوكرانيا القمح والذرة والزيوت وسلع غذائية أخرى، مؤكدا أن الحرب الدائرة أثرت على واردات مصر في العديد من هذه السلع، مما تسبب في رفع أسعارها”.
وأضاف : أما السبب الثاني، فهو جشع التجار واستغلالهم ، متوقعا أن يشهد العالم بصفة عامة ومصر بصفة خاصة مزيدا من ارتفاع الأسعار خلال الأيام القادمة.
وطالب الشافعي حكومة الانقلاب بضرورة تشديد الرقابة على الأسواق وحماية المستهلك.
مبررات وهمية
وقال محمود العسقلاني، رئيس جمعية مواطنون ضد الغلاء: إن “زيادات الأسعار تأتي تحت مبررات وهمية مكذوبة بل ومفضوحة، وفيها من التبجح والحماقة ما يستدعي موقفا موحدا من دولة الععسكر والمستهلكين لوقف هذا الجنون”.
وأضاف العسقلاني في تصريحات صحفية: الدليل على ذلك زيادة أسعار الأرز وهي سلعة لا يتم استيرادها لا من أوكرانيا أو روسيا وهي إنتاج مصري خالص ولا مبرر للزيادة سوى النهم وجني الأرباح ومص دماء المواطنين.