في ظل التخاذل المصري الكبير عن إغاثة الفلسطينيين والضغط على الصهاينة، لوقف جرائمهم ضد الشعب الفلسطيني، يتعرض الأمن القومي المصري لمخاطر جمة، تطيح بموقف مصر وقدراتها ومستقبلها ، فمن تهجير قسري على أبوابها في سيناء ، إلى انهيار عائدات قناة السويس، على إثر صواريخ الحوثيين التي تستهدف السفن العابرة بالبحر الأحمر نحو إسرائيل.
ومع استمرار العدوان الصهيوني ضد الفلسطينيين وعدم الردع العربي أو الدولي لإجبارها على وقف عدوانها على غزة، باتت إيرادات قناة السويس في خطر، بعد تعليق شركات شحن عالمية كبرى مرور سفنها في البحر الأحمر، بعد عمليات الهجوم التي شنتها جماعة الحوثي في اليمن على السفن المتجهة نحو الموانئ الإسرائيلية، ردا على الحرب الحالية على قطاع غزة.
وتسلك حوالى 20 ألف سفينة كل عام هذا المسار البحري الذي يربط البحر الأبيض المتوسط بالمحيط الهندي، حيث تمر نسبة كبيرة منها عبر قناة السويس التي تُعَدّ أحد مصادر الدخل الرئيسية لمصر.
وقالت وكالة “بلومبيرج” الأميركية، الشهر الماضي: إن “للتطورات الأمنية في مضيق باب المندب تأثيرات بحركة الملاحة العابرة للبحر الأحمر، وبالتالي قناة السويس”.
ورغم أن إيرادات القناة لم تتأثر الشهر الماضي، إلا أن قرار شركات شحن كبرى الجمعة، وقف المرور عبر البحر الأحمر، سيؤثر مباشرة بإيرادات القناة، حيث يمر بها نحو 30% من حاويات الشحن في العالم يوميا.
كذلك يمر نحو 10% من تجارة النفط، و8% من تجارة الغاز المسال، ونحو 12% من إجمالي التجارة العالمية من جميع السلع.
وبلغت إيرادات القناة خلال نوفمبر الماضي، نحو 854.7 مليون دولار مقابل 710.3 ملايين دولار خلال نوفمبر 2022.
وفي يونيو الماضي، قال رئيس هيئة قناة السويس، أسامة ربيع: إن “القناة حققت في السنة المالية المنتهية في 30 يونيو 2023، إيرادات بقيمة 9.4 مليارات دولار، بزيادة 35% عن السنة المالية الماضية”.
ورغم أن الحوثيين هددوا السفن المتجهة نحو الموانئ الإسرائيلية فقط، إلا أن شركة البحر الأبيض المتوسط للشحن (MSC) وهي أكبر شركة شحن حاويات في العالم من حيث حجم الأسطول وسعة الشحن، قالت في بيان على موقعها الإلكتروني، أمس السبت: إن “سفنها لن تعبر قناة السويس شرقا وغربا”، مشيرة إلى أنه: “سيتم إعادة توجيه بعض الخدمات لتمر عبر رأس الرجاء الصالح بدلا من ذلك”.
وقالت: إن “القرار يعود إلى حادث الهجوم الذي تعرضت له إحدى سفنها الجمعة الماضية ، وحفاظا على حياة وسلامة البحارة، وإلى أن يصبح الممر بالبحر الأحمر آمنا”.
وأكدت أن السفينة “MSC Palatium III” تعرضت للهجوم يوم الجمعة في البحر الأحمر، مؤكدة تقارير سابقة، ولم تقع إصابات في صفوف طاقم سفينة الحاويات، رغم أن أضرار الحريق محدودة وخرجت السفينة من الخدمة.
وقالت شركة فليكسبورت، وهي منصة للشحن مقرها في سان فرانسيسكو، في تدوينة: إن “اتخاذ الطريق حول أفريقيا يطيل الرحلة بمقدار سبعة إلى 10 أيام مقارنة باستخدام قناة السويس”.
ووفق تقديرات اقتصادية، فإن تغيير مسار أسطول الحاويات العالمي حول منطقة الصراع خلال الحرب التي تشنها إسرائيل ضد حماس في غزة يهدد بزيادة أسعار الشحن ويتسبب في تأخيرات تمتد عبر سلاسل التوريد العالمية، مشيرة إلى أن شركة MSC، ومقرها جنيف، تسيطر على نحو خمس القدرة الاستيعابية في سوق الحاويات العالمية.
ويعتمد نحو 5% من التجارة العالمية على قناة بنما، و12% على قناة السويس، بحسب ماركو فورجيوني، المدير العام لمعهد التصدير والتجارة الدولية.
كما أعلنت شركتي “ميرسك” الدنماركية و”هاباغ-لويد” الألمانية للنقل البحري، الجمعة الماضية ، تعليق مرور سفنهما في البحر الأحمر، في ظل هجمات ينفذها الحوثيون في اليمن على خلفية الحرب في غزة.
وقالت شركة “ميرسك” في بيان، وفقا لوكالة فرانس برس: إنه “عقب الحادث الذي استهدف سفينة ميرسك جبل طارق والهجوم الجديد على حاملة حاويات اليوم، طلبنا من كل سفن ميرسك في المنطقة التي يجب عليها عبور مضيق باب المندب، تعليق إبحارها حتى إشعار آخر”.
بدورها، أعلنت شركة “هاباغ-لويد” تعليق مرور سفنها عبر البحر الأحمر حتى الاثنين على الأقل، مشيرة في بيان إلى تعليق حركة حاملات الحاويات عبر البحر الأحمر حتى الاثنين، وسنقرر في وقت لاحق بشأن المرحلة المقبلة”.
وأوضحت الشركة أن إحدى السفن العائدة إليها كانت هدفا لهجوم في أثناء إبحارها قرب سواحل اليمن، مؤكدة أن ذلك لم يؤدِ إلى سقوط أي ضحايا”.
تكلفة اضافية
وأظهرت بيانات لشركات الشحن ارتفاعا في تكلفة تأمين السفن العابرة للقناة، بسبب التطورات الأمنية على مضيق باب المندب.
كذلك أعلنت شركة الشحن البحري الإسرائيلية “زيم”، الأربعاء الماضي، تحويل سفنها عن قناة السويس المصرية، بدعوى الأوضاع في بحر العرب والبحر الأحمر.
التخاذل المصري
وقد جاءت صواريخ الحوثيين ضد المصالح الصهيونية في ظل تخاذل عربي وعجز مصري، عن الضغط على إسرائيل لوقف هجوومها القاتل الذي خرب قطع غة وحولها إلى مباني مهدومة بلا أية خدمات ، موقعا نحو 20 ألف قتيل ونحو 50 ألف مصاب، أغلبهم من النساء والأطفال.
ويراهن السيسي على عدم إغضاب الصهاينة وحلفائه الأمريكيين والغربيين، حيث ينتظر بموقفه المتخاذل مساعدات مالية وقروضا من صندوق النقد والاتحاد الأوربي، من أجل قبول مخطط التهجير لسكان غزة إلى سيناء أو داخل المدن الفلسطينية.