«يحيى عياش».. كيف استشهد المطلوب رقم واحد المهندس بعبع إسرائيل؟

- ‎فيلن ننسى

“بإمكان اليهـود اقتلاع جسدي من فلسطين، غير أنني أريد أن أزرع في الشعب شيئا لا يستطيعون اقتلاعه”.. قبل أيام حلت الذكرى الـ28 لاستشهاد قائل هذه العبارة يحيى عياش.. “المهندس” أبرز قادة كتائب الشهيد عز الدين القسام، الذراع العسكرية لحركة المقاومة الإسلامية “حماس”، والذي تصفه الصحف الصهيونية بأنه أول من أدخل أسلوب العمليات الاستشهادية للداخل المحتل.

لم تكن صفات مثل: ( الثعلب ، العبقري ، الرجل ذو الألف وجه ، الأستاذ ، المهندس ، أبو القنبلة البشرية ) لم تكن هذه النعوت و الصفات مما جادت به قريحة محب و لكنها من إعداد وإخراج العدو نفسه ، نعم كانت قيادات الجيش الإسرائيلي معجبة أشد الإعجاب بعدوها الأول ، كما كانوا يطلقون عليه ، حتى قال عنه أحد قادتهم: “إنه لمن دواعي الأسف أن أجد نفسي مضطرا للاعتراف بإعجابي وتقديري لهذا الرجل الذي يبرهن على قدرات وخبرات فائقة في تنفيذ المهام الموكلة إليه، وعلى روح مبادرة عالية وقدرة على البقاء وتجديد النشاط دون انقطاع.!

” وُلِد يحيى عيَّاش في السادس من مارس 1966، في قرية “رافات” جنوب غرب مدينة نابلس في الضفة الغربية المحتلة، كان معروفا عنه دقة حفظه، وذكاؤه الحاد هذا مع هدوئه وخجله الشديد، ولكنه على ما يبدو كان الهدوء الذي يسبق العاصفة.

 حفظ القرآن الكريم في السادسة من عمره، وتخرج من الثانوية العامة بتقدير 93% تقريبا، التحق بجامعة بيرزيت وتخرج من كلية الهندسة قسم الهندسة الكهربائية في العام 1988، ولكنه نبغ كذلك في الكيمياء، حاول بعد تخرجه السفر إلى الأردن لإتمام دراسته العليا، ورفض الاحتلال طلبه، وعلق على ذلك “يعكوف بيرس” رئيس المخابرات حينها قائلاً: “لو كنا نعلم أن المهندس سيفعل ما فعل لأعطيناه تصريحًا بالإضافة إلى مليون دولار”!!.

تزوَّج المهندس بعد تخرجه من ابنة عمته، ورزقه الله البراء، ويحيى، وعبد اللطيف، وانضم المهندس مبكرا للحركة الإسلامية في فلسطين حتى أعلن تأسيس حركة حماس – 1987 -القوة الضاربة لجماعة الإخوان المسلمين في فلسطين، كما يقول موقع الحركة على الإنترنت، طلب المهندس في رسالة كتبها لكتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحماس الانضمام للكتائب، ووضح لهم خطته في تنفيذ عمليات نوعية ستقلب كيان العدو الإسرائيلي، وسرعان ما انضم للكتائب حتى أصبح فارسها الأول بلا منازع.

أشرف المهندس منذ البداية على تنفيذ العمليات الاستشهادية في الذكرى الأولى لمذبحة الحرم الإبراهيمي في فبراير 1994، حيث فجَّر الاستشهادي “رائد زكارنة” حقيبة المهندس في مدينة العفولة؛ ليمزق معه ثمانية من الصهاينة ويصيب العشرات.

وبعد أسبوع تقريبًا فجَّر “عمار العمارنة” نفسه؛ لتسقط خمس جثث أخرى من القتلة، وبعد أقل من شهر عجَّل جيش الاحتلال الانسحاب من غزة، وتتوالى صفوف الاستشهاديين لتبلغ خسائر العدو في العمليات التي أشرف عليها المهندس حينها 76 صهيونيًّا، و400 جريح.

جن جنون العدو الإسرائيلي من عمليات المهندس الاستشهادية حتى قال عنه رئيس وزراء الكيان الصهيوني آنذاك إسحق رابين: ” أخشى أن يكون عياش جالسًا بيننا في الكنيست”، وقال أيضًا: “لا أشك أن المهندس يمتلك قدرات خارقة لا يملكها غيره، وإن استمرار وجوده طليقًا يمثل خطرًا واضحًا على أمن إسرائيل واستقرارها”.

 أما “موشيه شاحاك” وزير الأمن الداخلي الصهيوني السابق فقال عنه: “لا أستطيع أن أصف المهندس يحيى عيَّاش إلا بالمعجزة؛ فدولة إسرائيل بكافة أجهزتها لا تستطيع أن تضع حدًّا لعملياته التخريبية”.

وأصبح كذلك النجم الأول في كافة وسائل الإعلام الإسرائيلية و أصبح يتصدر الصفحات الأول تحت عنوان: “اعرف عدوك رقم 1 .. يحيى عيَّاش” وتحته صور مختلفة له، لأن المهندس كان معروفا عنه أنه يملك قدرة كبيرة على التنكر؛ لذلك أطلقوا عليه (صاحب الألف وجه).

أصبح المهندس المطارد رقم واحد في إسرائيل لأكثر من ثلاث سنوات حيث كان لا يستطيع البقاء أكثر من ساعات معدودة في المكان الواحد، قام العدو الإسرائيلي بتجنيد مئات العملاء للتتبع حركته واصطياده ولكنه كان دائما يفلت حتى حان موعد لقائه بربه وفي عملية معقدة وخسيسة في بيت لاهيا شمال قطاع غزة بتاريخ 5 يناير 1996 انفجر هاتف نقال في رأسه وهو يتحدث مع والده ويسقط شهيدا، ولكن بعد أن ترك خلفه مئات التلاميذ الذين أصبحوا الآن أساتذة كبار في العبقرية والصمود والتحدي.

واليوم وبعد مرور 28 عاما على استشهاده، وبمدى يصل إلى 250 كم، أعلن “عياش 250” خضوع الأراضي المحتلة كلها لنطاق صواريخ المقاومة، في رمزية تربط السلاح الجديد بالرجل الذي جعل للمقاومة الفلسطينية سلاحا وبأسا شديدا على عدوها، الرجل الذي نقل المقاومة الفلسطينية نقلة نوعية كبيرة عبر استراتيجيات السيارات المفخخة والتفجيرات الاستشهادية التي لم يختبرها الاحتلال من قبل، ليقدم لنا حياة -على قصرها-ثرية بفصول تستحق أن تُروى.

https://youtu.be/gM24odqAP7Y

 

ومع الحرب الدائرة حاليا بين فصائل المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال على تخوم قطاع غزة المحاصر، وبروز العبوات المفخخة، والتطور النوعي لأسلحة المقاومة، فإن اسم عياش يحضر جليا بوصفه أحد المهندسين والقادة الذي أسسوا للعمل النضالي المسلح في مواجهة الاحتلال، فلترفرف روحك أيها البطل مع الشهداء والصديقين.