في أيام حكم الرئيس “حسني مبارك” رحمه الله الذي امتد لثلاثين عاما، كنت في قلب الحركة الوطنية.
والسبب أنني دخلت مجلس نقابة الصحفيين لأول مرة عام ١٩٨٥ وتوليت لجنة الحريات لسنوات طويلة جدا، وبذلت جهدي من أجل أن تكون ضمير مصر ومأوى لكل المظلومين أو بيت للأمة .
ومن هذا المنطلق كانت نقابتي ـ وأفتخر بذلك ـ مركزا لكافة الاحتجاجات السياسية والاجتماعية، ولكل من يحتج على ظلم وقع عليه، وبالطبع شهدت نقابتنا تظاهرات عدة خلال هذه السنوات.
وتعرضت بسببها لمضايقات شديدة من الشرطة، واعتقلت أكثر من عشر مرات.
وفي إحدى هذه الاحتجاجات تعرضت لإهانة من ضابط شرطة بالأمن المركزي حديث التخرج.
وكتب صديقي “أحمد زين” مقالا رائعا حول ما جرى لي ، عنوانه
“معلش يا عمنا.. أمسحها في حبيبتك مصر”
وتساءل في بداية مقاله:
هل يا ترى هذا الضابط الشاب النابه العظيم يعرف محمد عبد القدوس؟” أكيد لأ .. أكيد.
معلش يا عمنا اللي ما يعرفك يجهلك ،
والضابط ده جاهل ولا يعرف أي حاجة.
صدقني.
بل أراهن أنه لا يعرف أسباب المظاهرة التي جاء لفضها.
وأكيد عمره ما قرأ لك كلمة في الصحافة، ولقطاتك الذكية، وحواراتك مع الشباب ، وعمره ما قرأ رواية لوالدك العظيم، ولا يعرف أن أسمه إحسان عبدالقدوس.
وبالتأكيد لا يعرف أن جدتك هي “روزاليوسف” ودورها الرائع في الصحافة الحديثة، وحقوق المرأة .
يا كابتن ضابط “محمد عبد القدوس” وأسرته تاريخ بلدك لو بتفهم، أو حتى مؤمن أن دي بلدك.
عيل وغلط
أظن أن هذا الضابط كل ما دار في ذهنه عنك: مين الجدع أبو دقن ده اللي بينط في كل حتة ؟.
من ساعة ما اتخرجت من كلية الشرطة واشتغلت في أضخم جهاز فيك يا داخلية، وأنا بشوفه بينط في كل حتة بميكروفون كده زي بتوع “الروبابيكيا”، ودايما ماسك علم .
والغريب أني مرة شفته بيجيب الميكروفون من عربية شيك.
ما داهية لتكون عربيته ؟
ولو كان يملك هذه السيارة.
يعني أنه إنسان مقتدر.
طيب مبهدل نفسه ليه ؟
وسايب شغله وطالع في مظاهرات مع شوية عيال ؟.
ويا أستاذ “محمد”
يا ابن الناس ..
ما تزعلش ..
أمسحها في الناس اللي بتحبك .
وفي كل الشباب اللي بيحبوك .
قال لي أحدهم: الراجل ده بني آدم قوي.
بعد كل مظاهرة يخرج منها سليم أول حاجة يعملها أنه بيطمن على كل اللي كانوا معاه.
وسرحت بخيالي وأنا أتساءل: إزاي يشارك في كل المظاهرات والفعاليات،
هو ما بيزهقش؟
وغريب أن كل ما يتبهدل في مظاهرة،
تجده في الصف الأول في الاحتجاج اللي بعده .
نوع غريب من الناس ..
سألت أحد أصدقائي من الصحفيين،
ليه “عمنا” بينجح بتفوق في كل انتخابات تجري بنقابة الصحفيين، برغم أنه مشاغب وعامل مشاكل كثيرة قوي للنقابة ؟؟
أجاب: رغم أنه فاتح نقابتنا لكل من هب ودب، اللي عايز يحتج باسم لجنة الحريات،
إلا أن الصحفيين بيحبوه لأسباب لا صلة لها بالسياسة.
فهو من أسرة صحفية عريقة ،
أبوه “إحسان عبدالقدوس” وجدته “روزاليوسف” وعمنا “محمد عبدالقدوس” مخلص لأسرته، وهذا الإخلاص بيعجب ناس كثيرة خاصة البنات اللي بيحبوا والده.
كما أنه رغم انشغاله في السياسة والمظاهرات واللي منه.
إلا أن هذا لم ينسه واجبه الأول في خدمة أبناء المهنة والدفاع عنهم.
وتراه يقوم بأعمال فريدة من نوعها في هذا المجال تدل على إنسانيته.
حيث تجده دائم التواصل مع الصحفيين في أفراحهم وأحزانهم، وإذا وجد موضوعا يعجبه في جرنال يتصل بصاحبه حتى ولو لم يكن يعرفه ليقول له برافو عليك.
وفي المناسبات الدينية تجده يلف على جميع الصحف بكروت تهنئة رقيقة يقدمها لزملائه.
وتلك اللفتة الإنسانية عجبت ناس كتير قوي.. خاصة أنه يحرص على تهنئة زملائه المسيحيين في أعيادهم .
ولذلك ففي كل انتخابات يقول له الصحفيون شكرا ، ويقبلون على انتخابه.
فيحصل على أصوات الغالبية العظمى من الأقباط والبنات عشاق “إحسان عبدالقدوس”. وكل من يحبون “محمد عبدالقدوس” شخصيا رغم مشاغباته المستمرة ، ولكنها دوما بأدب واحتجاجات سلمية .
وبعدما سمعت كلام صديقي الصحفي عن “محمد عبدالقدوس” .
قلت له: “معلش يا عمنا.. أمسح ما جرى لك في حبيبتك مصر”.