القصة الكاملة لـ”تصفية ماسبيرو” وإطلاق تليفزيون المخابرات

- ‎فيأخبار

كتب سيد توكل:

"اقرؤوا الفاتحة على روح ماسبيرو" صدق أو لا تصدق لكنه بات قريبًا جدًا، أبرز تجليات ذلك القرب كان في تأسيس فضائية dmc التي تسمى تليفزيون المخابرات، ثم تعيين المتحدث العسكري السابق أحمد سمير رئيسًا لقناة "العاصمة" التي يتوقع أن تنضم لمنظمة ما يسمى "ماسبيرو الجديد"، التي تقودها مجموعة dmc.

الحديث يدور أيضا عن عملية تصفية لماسبيرو بعدما جرى توقيع بروتوكولات تعاون سريّة بينه وبين قنوات dmc لنقل مواد إعلامية له ومذيعين، والحديث بالتالي عن تسريح ما تبقّى من العمالة، وإطلاق حملة هجوم شرسة ضد المبنى العتيق لخلق "ماسبيرو جديد" يدعم حكم المؤسسة العسكرية ولا يسمح بأي نقدٍ لها.

وفي يونيو الماضي 2016، كتبت مدير عام الإعلانات بقطاع الأخبار بالتلفزيون المصري الرسمي، "سمية الشناوي" على حسابها على "فيس بوك" نقلاً عن مصادر في ماسبيرو أن "ثلاثة قنوات تابعة للمخابرات شكلاً وموضوعًا وتمويلاً تبثُّ من مدينة الإنتاج الإعلامي قريبًا، وأن هذه القنوات ستكون القنوات الرسمية للدولة وبديلة عن اتحاد الإذاعة والتليفزيون".

الصورة واضحة الآن
التراجع بضعة خطوات ليس هزيمة، والانزواء عن المشهد لا يعد استسلامًا، الذكاء هو أن تنتظر اللحظة المناسبة لتعود منتصرًا، بعد أن تتغير الظروف، وبعد أن تلعب دورك في ذلك التغيير، باختصار هذه هي معادلة "الخداع" التي انتهجها المجلس العسكري، منذ اندلاع ثورة 25 يناير 2011 وحتى انقلاب 30 يونيو 2013، ظهر ذلك بشكل واضح في السيطرة على مفاصل الإعلام.

المعادلة السابقة تجلت بوضوح في سحق الجيش لكافة الأطراف في صورة 25 يناير، عقب سنوات من الكر والفر، بعد الثورة، وعودته لحكم البلاد بشكل واضحٍ، بعد عقود حكم فيها من وراء ستار المخلوع مبارك، وسنوات عصيبة كان مكشوفًا فيها أمام الانتقادات ودعاوى الحريات والتغيير.

من أتى بـ"أنيس" ؟
"أحمد أنيس"، لواء الجيش، بعد 4 سنوات أو تزيد قليلاً من مغادرته ماسبيرو، يعود رئيس إدارة الشئون المعنوية للقوات المسلحة السابق، ليكون على رأس الجهاز الإعلامي للدولة، ولكن هذه المرة بعد إعادة ترتيب الأوضاع لصالح سلطة الانقلاب، واستقرار الاستثمارات الإعلامية التي دشَّنتها المؤسسة العسكرية مع أجهزة المخابرات مؤخرًا.

المادة 58 من مشروع قانون الهيئات الإعلامية نصَّت على كيفية تشكيل الهيئة الوطنية للإعلام، وكان أول بند فيها يقول بوضوح: إن رئيس الجمهورية هو من يختار رئيس الهيئة، السيسي هو مَن أتى بـ "أنيس" مُجدَّداً إذن، قد يزُول أي تساؤل بعد معرفة أن "أنيس" ابن إدارة الشئون المعنوية، والأهم جهاز المخابرات الحربية.

اسمي ميدان التحرير
كان "أنيس" مسئولَ العلاقات العسكرية الأمريكية المصرية بوزارة الدفاع، ومساعد مدير إدارة الشئون المعنوية، حتى رُقِّي إلى منصب مدير دار الدفاع للصحافة والنشر، ثم مدير إدارة الشئون المعنوية للقوات المسلحة، عمل "أنيس" مستشارًا لوزير الدفاع ومُلحقًا دفاعيًا مصريًا بتركيا.

في 22 يناير 2012، نظم عشرات من العاملين في قناة "النيل" للأخبار وقفة احتجاجيةً أمام مكتبه، اعتراضًا على قراراته بخصوص تغطية وقائع ٢٥ يناير ٢٠١٢، التي طالب خلالها التركيز فقط على ميدان العباسية الذي اعتاد أنصار مبارك التظاهر فيه، وتجاهل ميدان التحرير.

الوزير أيضًا اتخذ قرارًا بمنع عرض فيلم وثائقي بعنوان "اسمي ميدان التحرير"، الذي أنتجه عاملون بقناة "النيل" للأخبار، واعتبر نقلة نوعية في نهج الإعلام المصري الرسمي، وناقش الفيلم دوافع قيام ثورة يناير، لكن غضب الإعلاميين في ماسبيرو أجبره على التراجع عن القرار، بعد تهديدهم بقطع البث، ليتمَّ عرض الفيلم قبل أيام قليلة من الذكرى الأولى للثورة.

إرسال بطعم البيادة!
بعد إقالة "أنيس" من وزارة الإعلام، تمَّت إعادته بقرار سيادي لرئاسة الشركة المصرية للأقمار الصناعية "نايل سات"، ولعب دورًا بارزًا يوم 3 يوليو 2013 بعد أن قطَع البث فورًا عن فضائيات دينية، وأخرى تابعة أو متعاطفة مع جماعة الإخوان، فور انتهاء إذاعة بيان الجيش المصري بعزل "مرسي"، والذي تلاه وزير الدفاع، حينها، عبد الفتاح السيسي.

"أحمد أنيس لا يخضع لقانون الحد الأقصى للأجور"، كان هذا هو نص الفتوى التي أصدرتها  الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة، بحق "أنيس" حينما كان رئيسًا لـ "نايل سات"، وهذه الفتوى القضائية ساوَتْ "أنيس" بأعضاء النيابة العامة والقضاة.

تصعيد "أنيس" على رأس ماسبيرو مجددًا، وبصلاحيات أكبر، وفقًا لاختصاصات الهيئة الوطنية للإعلام، يأتي بالتزامن مع حديثٍ عن توجه حكومي "سيادي" بتصفية ماسبيرو، بعد ضغطه المستمر على ميزانية العسكر، والبديل سيكون "ماسبيرو جديد" خاص تابع للدولة أيضًا ولكن بأعداد أقل بكثير.