بين اعتقال بدر والإفراج عن شيماء.. حسرة صحفية!

- ‎فيأخبار

كتب سيد توكل:

هكذا إذن اعتقلت مليشيات أمن الانقلاب الكاتب الصحفي بدر محمد بدر، رئيس تحرير صحيفة الأسرة العربية السابق، مساء الأربعاء، بعد مداهمة منزله واقتحام مكتبه في حي فيصل بالجيزة، والاستيلاء على حساباته الشخصية وسيارته وبعض المتعلقات الأخرى.

وبرعونة وغباء منقطع النظير يطبق نظام السفيه قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي المثل القائل: "لا يعرف قيمة أمه، إلا من يتعامل مع زوجة أبيه"، وإعمالاً لهذا المثل فقد سمعنا زفرات الأسى على زمن الرئيس المنتخب محمد مرسي، حيث كانت حرية الصحافة والرأي والنشر مصونة، تعسف نظام السيسي وغشمه وصل إلى حد اقتحام نقابة الصحفيين في وقت سابق وحصارها بفرق الشبيحة، الذين رفعوا صور السفيه، وطالبوه بأن يذبح، وكانوا وهم يمارسون نشاطهم يعملون في حماية رجال الأمن، على نحو كاشف عن دولة قطاع الطرق التي تحكم البلاد!

من جانبه طالب المرصد العربى لحرية الإعلام بالإفراج عن بدر وعن جميع الصحفيين المعتقلين والذين يتزايد عددهم يوما بعد يوم، محملا سلطات الانقلاب المسئولية عن سلامته ودان إخفاءه القسرى حتى الآن دون معرفة الأسباب بشكل تعسفى.

وأكد المرصد -عبر صفحته على فيس بوك، اليوم- أن سلطات الانقلاب تستهدف حرية الصحافة بشكل ممنهج، وقال "إنها وصلت ذروتها بإصدار حكم بحبس نقيب الصحفيين السابق وعضوين آخرين من مجلس النقابة لمدة عام مع وقف التنفيذ بسبب دفاعهم عن نقابتهم التي اقتحمتها الشرطة مطلع مايو من العام الماضي".

أليست أيام المخلوع أفضل؟
مقارنة الصحفيين بين قمع السفيه والمخلوع، تحدث كثيراً مع كل تصرف غبي للانقلاب، ومع اعتقال الكاتب الصحفي بدر محمد بدر تجد من يطلب منك الإنصاف وهو يسألك: أليست أيام مبارك كانت أفضل؟!

وهي مقارنة تتم بحسن نية، لكن مع تكرارها ستكون نتيجتها لا تختلف كثيراً عن توافر سوء النية، ليكون مطلوباً منا أن نندم على ثورة شاركنا فيها، وأجبرت مبارك على التنحي، وكأنه قدر مصر، أن تحدث المقارنة بين السادات وعبد الناصر، والسيسي ومبارك، مع أن المصريين مروا بتجربة ديمقراطية حكم فيها الرئيس المنتخب محمد مرسي، وهى على قصرها كانت الأفضل بامتياز.

فمن يماري في أن حرية الصحافة كانت مكفولة في عهد الرئيس المنتخب بشكل غير مسبوق، وإن كان الخطأ في عهد الرئيس مرسي هو أن الحرية حولتها أذرع الانقلاب إلى فوضى، ومكنت المخابرات الحربية دولاً وأنظمة من تمويل إعلاميين وقنوات تلفزيونية من أجل إسقاط الرئيس، بالعمل ضمن منظومة الثورة المضادة.

مارس جميع الصحفيين والإعلاميين ومنهم الزميل المعتقل بدر محمد بدر حريتهم كاملة في عهد الرئيس مرسي، وتطاول أقلام الانقلاب عليه بشكل مباشر، من على قواعد الثورة المضادة، ولم يكن هذا لأنهم يتحلون بالشجاعة فقد عرفوا بأنهم خدماً في بلاط العسكر، ومخبرين للأجهزة الأمنية، فقد مارسوا مؤامرتهم استناداً لسماحة الرئيس مرسي، ولو علموا أنهم سيؤاخذون إذا تجاوزوا فلم يكن أحد منهم قد جرأ على التطاول.

وفي واقعة شهيرة تطاولت صحيفة على الرئيس مرسي، وعندما أصدرت النيابة العامة قراراً بحبس رئيس تحريرها احتياطياً، صدر قرار الرئيس بقانون ليلغي الحبس الاحتياطي كلية في جرائم النشر، وكان قد أُلغي ولم يبق إلا في الجرائم الخاصة بإهانة رئيس الجمهورية، وممثل دولة أجنبية في مصر.

وهو القرار بقانون الذي بمقتضاه تم الإفراج الفوري عن رئيس التحرير، بعد ساعة وبعض ساعة من صدور قرار حبسه احتياطياً، وهو خطوة على طريق حرية الصحافة تُذكر للرئيس محمد مرسي فتشكر، لكن كان الاتجاه هو تجاهلها، حتى لا ينسب للرجل هذا الإنجاز.

بين بدر وباسم يوسف!
قام الإعلامي "باسم يوسف" بالتطاول على الرئيس محمد مرسي واغتيال شخصيته، وهو ما لم يتح له في عهد الانقلاب العسكري الذي شارك باسم في التمهيد له، ومثل برنامجه أحد وسائل التمهيد للجريمة التي وقعت في 3 يوليو 2013، ليس في حق الديمقراطية فقط ولكن في حق الثورة وحرية الصحافة.

ولأن "باسم" كان يطبق قاعدة أن العين لا تعلو على البيادة، فقد قد عقد العزم على أن تكون سخريته من الذين هم حول السيسي دون الاقتراب من ذات الحاكم الجديد، وفي النهاية أوقف البرنامج وأجبر على الرحيل!

ولم يكن وحده الذي مُنع من العمل، فقد تم وقف معظم مقدمي البرامج، لأنهم قالوا نصف كلمة بنصف لسان في نقد الأوضاع الحالية، ولم يكتمل المشهد بسجن عدد من الصحفيين، وعندما وصل إلى اقتحام النقابة في رسالة لا تخطئ العين دلالتها وتؤكد أننا أمام سلطة غبية وغاشمة لا تقيم وزناً للصحافة أو للصحفيين، كما أنها لم تقم وزناً للدستور والقانون وللحريات العامة.

النقابة التي اعتقل أحد منتسبيها أمس وهو الزميل الصحفي بدر محمد بدر ،اقتحمت وحوصرت بالخارجين على القانون، هي ذاتها النقابة التي خرجت منها المظاهرات ضد الرئيس محمد مرسي، وهي النقابة الوحيدة التي ذهب مجلسها ليقدم البيعة للمؤقت "عدلي منصور"!

باعتقال الزميل بدر محمد بدر ومن قبله عشرات الصحفيين، يرى الصحفيون أنهم لن يتحسروا على عهد المخلوع مبارك، فلم يكن هو الأفضل لحرية الصحافة، وإنما يتحسروا على عهد الرئيس محمد مرسي الذي لم يكن مسبوقاً في مجال الحريات الصحفية منذ أن عرفت مصر الصحافة بعد الحملة الفرنسية.

وسيذكر التاريخ أن السفيه عبد الفتاح السيسي سجن عشرات الصحفيين كان آخرهم الزميل بدر محمد بدر، بينما اصطحب الرئيس محمد مرسي معه على طائرة الرئاسة لدى عودته للقاهرة شيما عادل، الصحفية بعد الإفراج عنها من قبل السلطات السودانية، بعد شفاعة الرئيس مرسي لها عند الرئيس السوداني عمر البشير.