مع اقتراب شهر رمضان المبارك، تكافح الأسر ذات الدخل المنخفض والمحدود في مصر في مواجهة وضع لا يطاق، حيث تفوق أسعار السلع الأساسية متوسط الدخل في بلد يعيش فيه حوالي ثلث سكانه البالغ عددهم حوالي 110 ملايين نسمة تحت خط الفقر، بحسب ما أفاد تقرير لـ”العربي الجديد”.
وقال التقرير: إنه “على الرغم من الانخفاض الأخير في قيمة الدولار الأمريكي في السوق الموازية في مصر، والتي تعتمد على الاستيراد بدلا من الإنتاج المحلي، لم يشعر المصريون بأي نتيجة فعلية فيما يتعلق بجودة الحياة”.
في يوم الأحد الموافق 3 مارس، وهو اليوم الأول من أسبوع العمل في مصر، سجل الدولار الأمريكي مستوى منخفضا غير متوقع بلغ ما يقرب من 40 جنيها مصريا، أي أقل بثمانية جنيهات من قيمته قبل ثلاثة أيام، يوم الخميس 29 فبراير، آخر أيام الأسبوع.
وبحلول نهاية يوم العمل في مصر في الساعة 5 مساء (3 بتوقيت جرينتش)، انخفض الدولار بمقدار جنيهين إضافيين.
وقال صاحب سلسلة بقالة محلية لـ”العربي الجديد”: “المشكلة هي أن المستوردين قاموا بتأمين احتياجاتهم من السلع خلال الأشهر الماضية بالعملات الأجنبية ، ومعظمها بالدولار الأمريكي ، بقيم أعلى من القيمة الرسمية” .
وأوضح رجل الأعمال، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه “الآن ، بعد الانخفاض الحالي في أسعار الدولار الأمريكي بشكل شبه يومي ، لا توجد فرصة لخفض الأسعار لأن لدينا مخزونا من المنتجات للبيع ، والتي تتراكم بالفعل في المستودعات”.
أهلا رمضان
زارت صحيفة “العربي الجديد” معارض “أهلا رمضان” في القاهرة ، التي أطلقتها وزارة التموين بحكومة السيسي ، حيث اصطف المواطنون الفقراء في الغالب لساعات للحصول على سلع بأسعار يفترض أنها أرخص من المتاجر المحلية.
أخبر معظم العملاء “العربي الجديد” أن أسعار المنتجات ، مثل الأرز الأبيض وزيت الطهي والمعكرونة ، لا تختلف كثيرا عن أي مكان آخر، في حين أن العديد من الإمدادات الأخرى التي تباع بأقل من المعتاد ذات جودة منخفضة، مثل اللحوم.
وقالت سيدة عجوز لـ “العربي الجديد” وهي تواصل انتظار دورها في المعرض المزدحم: “باختصار، أسعار الخضروات أقل بكثير من تلك الموجودة في أماكن أخرى، وخاصة البصل والبطاطس، لكننا بحاجة إلى الوقوف في طوابير لساعات للحصول على ما نحتاجه “.
ربما أصبح حساء العدس و الفول المطبوخ ، الذي كان يعرف في السابق باسم طعام الأشخاص الذين يعانون من الفقر في مصر ، ترفا لا يستطيع الكثيرون تحمله.
وقال موظف حكومي طلب عدم الكشف عن هويته لـ “العربي الجديد” وهو يواصل انتظار دوره في المعرض المزدحم: إن “المواطنين يعيشون في كابوس فحتى لم يعد تبني النظام النباتي أو النظام الغذائي النباتي خيارا صالحا بعد ارتفاع أسعار البقوليات مؤخرا”.
ويساوي الكيلوغرام الواحد من العدس غير المعبأ حوالي 80 جنيها مصريا، بينما يبلغ سعر كيلو الفول حوالي 40 جنيها مصريا في المتاجر المحلية.
وفي الوقت نفسه، ارتفعت أسعار منتجات الألبان بشكل كبير بناء على الجودة والمنتج، ويبلغ سعر كيلو الحليب غير المعبأ حوالي 40 جنيها مصريا، بينما يتجاوز كيلو الجبن الأبيض العادي 100 جنيه.
وقال الموظف الحكومي: إن “مصادر التغذية الشهيرة الأخرى الرخيصة مثل الباذنجان المقلي أو الفلافل المصنوعة من الفول المدمس المطبوخ، أصبحت أيضا بعيدة عن متناول الفقراء بعد أن أصبح أقل سعر للتر واحد من زيت الطهي يساوي حوالي 100 جنيه”.
وفي الوقت نفسه، ارتفعت قيمة “الخبز البلدي” الخبز المصري المسطح، المصدر الأول للكربوهيدرات لمعظم المواطنين، بأكثر من 100 في المائة في الأشهر الأخيرة، لتصل إلى أكثر من جنيهين للرغيف.
وقالت رشا محمد ، عاملة نظافة منزل تبلغ من العمر 43 عاما ، لـ”العربي الجديد”: “للأسف تحتاج عائلة متوسطة مكونة من خمسة أشخاص إلى ما لا يقل عن 60 رطلا من الخبز يوميا ، خاصة بعد أن قلل الخبازون من حجم الرغيف، من يستطيع تحمل هذا؟”.
مخرج سهل
وسط التحديات الاقتصادية والديون الخارجية والعجز الكبير في الميزانية، تسعى حكومة السيسي بقوة إلى بيع أصول الدولة لمعالجة مشاكلها المالية، كونها طريقة سهلة للخروج، مثل صفقة رأس الحكمة الموقعة مؤخرا مع الإمارات العربية المتحدة.
وفي الأسبوع الماضي، تلقت الحكومة ما مجموعه 15 مليار دولار أمريكي على دفعتين كجزء من صفقة رأس الحكمة المبرمة مع الإمارات العربية المتحدة.
وقال أحد التجار غير الرسميين للعملات الأجنبية لـ”العربي الجديد” بشرط عدم الكشف عن هويته بسبب الطبيعة غير القانونية للتجارة: “السوق السوداء تشبه تماما سوق البورصة بمعنى أنها تتأثر بالمتغيرات الاقتصادية يوميا. حتى الشائعات عن الصفقات الكبرى التي تم قطعها أو من المتوقع أن تخفضها الحكومة مع احتساب المستثمرين الأجانب”.
قبل اتفاق رأس الحكمة، ارتفعت قيمة الدولار الأمريكي مقابل العملة المحلية في السوق غير الرسمية للبلاد لتتجاوز 100 في المائة مقارنة بالسعر الرسمي، لتصل إلى حوالي 72 في المائة الشهر الماضي.
ومع ذلك، لا تزال التحديات قائمة، حيث تصارع مصر أزمة اقتصادية لا ترحم تفاقمت بسبب الهجوم الإسرائيلي على غزة المجاورة، والمواجهة الغربية الحوثية في البحر الأحمر، مما أدى إلى انخفاض بنسبة 55 إلى 60 في المائة في حركة المرور في قناة السويس، وهي مصدر حاسم للعملة الأجنبية، والحرب الأهلية في السودان بالقرب من الحدود مع مصر.
رابط التقرير: هنا