على الرغم من اعترافه على الهواء مباشرة بأن مشروع شق التفريعة الثالثة لقناة السويس في 2015، كان لرفع الروح المعنوية للمصريين، بعدما لم تحقق عوائد مكافئة لما أُنفق عليها، من نحو 100 مليار جنيه، وتسببت في انهيار الاحتياطي النقدي الأجنبي بمصر، باعتراف رئيس البنك المركزي المصري هشام رامز، بأن سبب أزمة الدولار في مصر، سببها رغبة نظام السيسي في تسريع إنشاء وافتتاح التفريعة الجديدة لقناة السويس، وهو ما عالجه النظام باستيراد أضخم وأكبر الحفارات والمعدات من الخارج بأسعار كبيرة بالدولار وبتكاليف عالية، وذلك على رغم من رفض قيادات هيئة قناة السويس وقيادات الجيش لفكرة الحفر السريع، إلا أن السيسي وجه كلامه للفريق كامل الوزير بأن الحفر على الناشف.
وبعد حفل أسطوري لافتتاح التفريعة الذي حضره السيسي بزيه العسكري، على قارب المحروسة، ليشير بيد لأناس لا يراهم أحد، تفاقمت أزمة الاقتصاد المصري وانهارت الإيرادات، وتلاها انهيار العملة وفقدت أكثر من نصف قيمتها، وتفاقمت أزمة الديون وفوائدها، وهو ما اضطر السيسي لبيع أصول مصر وشركاتها وأراضيها لمن يشتري، ورغم تحذيرات الخبراء والمراقبين بأن التفريعة الجديدة غير ذات جدوى اقتصادية في ظل تراجع حركة التجارة العالمية، وتعدد طرق التجارة العالمية وانصراف كبريات الشركات العالمية عن المرزر بقناة السويس.
علاوة على ما تمثله التفريعة الثالثة من عائق مائي إضافي، يعوق حركة الجيش المصري، وقت الحروب ولصراع مع إسرائيل.
ورغم كل ذلك يكرر السيسي نفس الأخطاء ونفس النهج في ابتزاز أموال المصريين، في مشروع لتوسيع المجرى الملاحي وازدواجه.
والاثنين الماضي، كشف رئيس هيئة قناة السويس الفريق أسامة ربيع أن مشروع الازدواج الكامل للمجرى الملاحي للقناة لا يزال في مرحلة الدراسة، مشيرا إلى الانتهاء من الدراسة المبدئية للمشروع في غضون 16 شهرا تقريبا، تمهيدا لعرض المشروع على مجلس الوزراء.
وزعم ربيع أن المشروع لن يكلف ميزانية الدولة، شيئا، وهو الزعم الخاطئ إذ إن إيرادات قناة السويس من المفترض أنها تصب في ميزانية الدولة، و عدم تمرير الأموال لميزانية الدولة تمثل فسادا وإفقارا للشعب وخصما من إيرادات الموازنة العامة للدولة.
وجاءت تصريحات ربيع ردا على ما ذكره الإعلامي المقرب من النظام، أحمد موسى، أمس الأول الأحد، بشأن عرض مشروع جديد لازدواج قناة السويس على السيسي للتصديق عليه، في إطار سعي الدولة لأن تكون هناك قناتان للسويس بطول إجمالي يبلغ 192 كيلومترا، لحل أزمة انتظار السفن في أثناء عبورها للمجري الملاحي.
وذكر ربيع أن توفير التمويل اللازم لتنفيذ المشروع مستقبلا من الميزانية الاستثمارية للهيئة المعتمدة من وزارة المالية، من دون تحميل أعباء إضافية على الموازنة العامة للدولة، على حد قوله.
واستطرد بأن المشروع يستهدف تحقيق الازدواج الكامل في الاتجاهين، بما يسمح برفع تصنيف القناة وزيادة تنافسيتها، فضلا عن زيادة القدرة العددية والاستيعابية لها، حتى تصبح قادرة على استيعاب جميع فئات وأحجام سفن الأسطول العالمي.
وهي نفس المبررات التي ساقها النظام في العام 2015، ورغم ذلك لم تحقق مكاسب.
وأكمل ربيع أن قناة السويس تمضي قدما نحو استكمال استراتيجيتها الطموحة لتطوير المجرى الملاحي، عبر تنفيذ مشروعات عدة لتطوير البنية التحتية، مع الأخذ في الاعتبار الجدوى الفنية والاقتصادية لهذه المشروعات، ومناسبتها لتطور ونمو حركة التجارة العالمية، وتنفيذها عن طريق الميزانية الاستثمارية للهيئة المعتمدة من الحكومة.
كما نوه إلى انتهاء المرحلة الأولى من مشروع تطوير القطاع الجنوبي بتوسعة القناة 40 مترا جهة الشرق، من الكيلومتر 132 إلى الكيلومتر 162، مع العمل على الانتهاء من الجزء الثاني من تطوير القطاع الجنوبي بمشروع ازدواج القناة بالبحيرات المرة الصغرى بطول يبلغ 10 كيلومترات، من الكيلومتر 122 إلى الكيلومتر 132، بعد إزالة الكراكات ما يقرب من 46.5 مليون متر مكعب من الرمال المشبعة بالمياه بنسبة إنجاز بلغت 75%.
وختم ربيع بأن مشروع تطوير القطاع الجنوبي الجاري تنفيذه يتم تمويله من خلال الميزانية الاستثمارية للهيئة بالجنيه المصري، من دون تحميل ميزانية الدولة أي مبالغ إضافية، حيث يستهدف زيادة الطاقة الاستيعابية في القناة بمعدل 6 سفن، وزيادة عامل الأمان الملاحي في ذلك القطاع بنسبة 28%.
وكان ربيع قد توقع انخفاض إيرادات مصر من قناة السويس خلال عام 2024 إلى نحو 5 مليارات دولار، مقابل 10.249 مليارات دولار في عام 2023، و7.9 مليارات دولار في 2022، في حال استمرار توترات البحر الأحمر، وتهديدات الحوثيين للملاحة عند باب المندب.
واستهدف الحوثيون بصواريخ ومسيرات سفن شحن إسرائيلية أو مرتبطة بها في البحر الأحمر، عاقدين العزم على مواصلة عملياتهم حتى إنهاء الحرب على قطاع غزة، والمستمرة منذ نحو 5 أشهر بدعم أميركي.
انخفاض الإيرادات
وحسب بيانات صندوق النقد الدولي، انخفضت الحمولة المارة بقناة السويس 49% لتصل إلى 142.3 مليون طن، خلال أول شهرين من العام الحالي، مقارنة مع 279.5 مليون طن خلال الفترة نفسها من العام الماضي.
ومرت خلال تلك الفترة بالقناة نحو 2526 سفينة، مقارنة مع 4160 سفينة خلال الفترة نفسها من العام الماضي.
ووفق رئيس هيئة قناة السويس الفريق أسامة ربيع فإن إيرادات رسوم العبور من قناة السويس فقدت نحو 50.7% منذ بداية 2024 وحتى 26 فبراير الماضي، مسجلة نحو 724 مليون دولار مقابل 1.469 مليار دولار خلال الفترة نفسها من العام الماضي.
وأضاف ربيع في تصريحات إعلامية، الأحد الماضي، أن أعداد السفن المارة خلال الشهرين الأولين من 2024 تراجعت إلى 2.3 ألف سفينة مقابل نحو 3.9 آلاف سفينة خلال الفترة نفسها من العام 2023.
وتوقع ربيع انخفاض إيرادات مصر من القناة خلال العام 2024 إلى نحو 5 مليارات دولار مقابل نحو 10.249 مليارات دولار بالعام 2023 ونحو 7.9 مليارات دولار في 2022، وذلك في حال استمرار توترات البحر الأحمر وتهديدات الحوثيين للملاحة عند باب المندب.
وأشار ربيع إلى أن كلفة التأمين على السفن ارتفعت عشرة أضعاف نتيجة فرض الخطوط الملاحية رسوما إضافية لمخاطرة الطوارئ.
وبحسب بيانات صندوق النقد، انخفضت الحمولة المارة بقناة السويس 49% لتصل إلى 142.3 مليون طن خلال أول شهرين من العام مقارنة مع 279.5 مليون طن خلال الفترة نفسها من العام الماضي.
ومرت خلال تلك الفترة بالقناة نحو 2526 سفينة مقارنة مع 4160 سفينة خلال الفترة نفسها من العام الماضي.
وحذرت شركة ميرسك، الأسبوع الماضي، من أن الاضطرابات التي تواجه قطاع شحن الحاويات عبر البحر الأحمر قد تستمر حتى النصف الثاني من العام.
وقال تشارلز فان دير ستين، رئيس قسم أميركا الشمالية في ميرسك، في بيان: “كونوا مستعدين لاستمرار الوضع في البحر الأحمر حتى النصف الثاني من العام، وعليكم تحديد فترات عبور أطول في خططكم المتعلقة بسلاسل التوريد”.
ومع تلك التراحعات، يخطط السيسي لانفاق مليارات الدولارات في مشروع ازدواج القناة، لتزداد الأزمات المالية والاقتصادية بمصر، وسط تراكم الديون المحلية والخارجية لأكثر من 390 مليار دولار.
بجانب مزيد من التحديات الجيوسياسية التي ستتفاقم أمام الجيش المصري، الذي سيجابه بعوائق مائية جديدة، تعرقل عملياته في سيناء، حاليا ومستقبلا، في ظل عدم استقرار سياسي كبير بالمنطقة والشرق الأوسط، وهو ما يثير الشكوك حول مخططات السيسي وانحيازاته لصالح الصهاينة في أوقات الحرب والسلم.