تتواصل المعاناة الإنسانية التي يتعرض لها الأشقاء في فلسطين جراء الحرب الوحشية التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، ومنع وصول المساعدات الإنسانية للقطاع، رغم ما يتعرض له من مجاعة وأزمة إنسانية كارثية تتطلب زيادة المساعدات لأهالي القطاع.
ويواجه الفلسطينيون شبح المجاعة الآن، خاصة في شمال غزة التي لا تصل إليه المساعدات الإنسانية، وهذا يهدد بتدهور الأوضاع الإنسانية، خاصة في ظل انتشار الأمراض والجفاف بين المواطنين الأبرياء والأطفال.
في المقابل تكثف قوات الجيش الصهيوني اعتداءاتها ضد المدنيين الفلسطينيين العزل، بل وتهاجم المواطنين الذين ينتظرون المساعدات الإنسانية، كما حدث في شارع الرشيد وفي دوار الكويت ومن قبله دوار النابلسي.
ورغم مطالبة دول العالم والمؤسسات الدولية بوقف حرب الإبادة الجماعية التي تشنها دولة الاحتلال ضد سكان قطاع غزة، بما في ذلك الحصار والتجويع والاستهداف العشوائي للمدنيين وتدمير البنية التحتية، إلا أن الكيان الصهيوني يضرب بهذه المطالبات عرض الحائط بل ويهدد بالقيام بعملية عسكرية في مدينة رفح دون اعتبار لعواقبها الإنسانية الوخيمة، التي ستلحق بالمدنيين الفلسطينيين الذين لجأوا إلى رفح باعتبارها الملاذ الآمن الأخير داخل القطاع.
ورغم الجرائم الصهيونية لا يقوم مجلس الأمن، بدوره في الاضطلاع بالمسئولية القانونية والإنسانية من خلال المطالبة بالوقف الفوري لإطلاق النار في غزة، ومنع سيناريو التهجير ووضع حد للانتهاكات الصهيونية المتواصلة ضد المدنيين، وإنفاذ المساعدات الإنسانية بشكل عاجل إلى داخل القطاع.
مجاعة
في هذا السياق جددت الأمم المتحدة تحذيراتها من المأساة الإنسانية التي يشهدها قطاع غزة نتيجة للعدوان الذي تشنه قوات الاحتلال على القطاع .
وأكدت أن المجاعة في قطاع غزة أصبحت شبه حتمية ما لم يتغير شيء، مشيرة إلى أن الإحصاءات الرسمية تؤكد أن الكثير من الأطفال ماتوا جوعا .
وقال ينس لايركه، الناطق باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا”: إن “لدى الأمم المتحدة والوكالات الإنسانية معايير معينة لتحديد حالة المجاعة، ولم تعلن هذه الحالة بعد في قطاع غزة رغم الوضع الكارثي فيه”.
وحذر لايركه في تصريحات صحفية من أنه حتى يتم إعلان حالة مجاعة، يكون الآوان قد فات بالنسبة للكثيرين، ونحن لا نريد أن نصل إلى هذا الوضع، ويجب أن تتغير الأمور .
وأضاف أن الوفيات تشكل علامات تحذيرية مقلقة جدا لأن الأمن الغذائي قبل هذا الصراع في غزة لم يكن سيئا إلى هذا الحد، موضحا أن الناس كان يملكون الطعام، وكانوا قادرين على إنتاج طعامهم ، أما الآن فحتى إنتاج المواد الغذائية في غزة أصبح شبه مستحيل .
تصفية الفلسطينيين
وقال الدكتور رامي عاشور، أستاذ العلاقات الدولية: إن “قوات الاحتلال الصهيوني تسير على خطة متعمدة لتصفية القضية الفلسطينية من خلال تصفية أكبر قدر ممكن من سكان قطاع غزة، وذلك بهدف صناعة حالة من اليأس بين الفلسطينيين من أجل توصيل رسالة تفيد باستحالة العيش على الأراضي الفلسطينية، ودفعهم للهجرة من أراضيهم بالقوة”.
وأضاف عاشور في تصريحات صحفية أن الاحتلال الصهيوني ينفذ سياسة الأرض المحروقة بكل جوانبها من خلال خلق أوضاع إنسانية وصحية ومعيشية شبه مستحيلة، وهو أمر متعمد ومعتاد من الاحتلال الإسرائيلي الذي يستهدف توسيع النفوذ الاستيطاني وضم قطاع غزة بالكامل لمخططه الاستيطاني، من خلال تفريغ القطاع وتهجير سكانه ومن ثم إعادة إعماره وتوطين المستوطنين عليه كما فعلت في الأراضي الفلسطينية على مدار السنوات الماضية.
وتابع: المجازر والإبادة الجماعية التي تنفذها قوات الاحتلال كل يوم في غزة هو جزء من السياسة الإسرائيلية لتصفية أكبر قدر ممكن من سكان غزة من أجل تنفيذ مخططها الاستيطاني .
اجتياح رفح
وأكد المحلل السياسي جهاد حرب ، أن حكومة الاحتلال المتطرفة تسعى إلى استمرار الحرب واستكمال عمليات القتل الجماعي للفلسطينيين في قطاع غزة.
وقال حرب في تصريحات صحفية: إن “الحل للوضع الحالي في الأراضي الفلسطينية هو وقف العمليات العسكرية وإنهاء الاحتلال لكن هناك حكومة إسرائيلية فاشية تريد استمرار الحرب ومازال رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو يصرح باستمرار الحرب ومواصلة المجازر التي يرتكبها ضد الشعب الفلسطيني”.
وأضاف: نتنياهو يتحدث عن اجتياح محافظة رفح رغم التحذيرات الدولية لمثل هذا الاجتياح في ظل الظروف المعيشية التي يقطن فيها أكثر من 1.5 مليون فلسطيني، وأي عملية عسكرية واسعة سيكون فيها مجازر متعددة وهي أيضا خرقا للمعايير لأن اجتياح رفح يستهدف قتل أعداد كبيرة وتهجير الفلسطينيين .
وأوضح حرب أن الولايات المتحدة تتحدث عن مسألتين؛ الأولى إيجاد خطة لإخراج السكان المدنيين من هذه المنطقة من أجل السماح لإسرائيل بعملية عسكرية وذكرت مصادر أمريكية أن العملية في رفح لا يجب أن تكون عملية اجتياح بري ولكن عمليات محدودة لاستهداف المقاومة الفلسطينية.
وأشار إلى أن حكومة الاحتلال تزعم أنها تريد فقط قتل عناصر المقاومة الفلسطينية؛ كما تزعم أن حماس والمقاومة يختبئون وسط السكان، وبالتالي سيكون هناك ضحايا مدنيين موضحا أنه على الرغم من أن 70% من الشهداء الفلسطينيين هم من النساء والأطفال إلا ان دولة الاحتلال تزعم أن ما حدث ضمن أثار الحرب.
وأكد حرب أن المجتمع الدولي أدرك مؤخرا أن إسرائيل تقوم بعمليات قتل واسعة للمدنيين الفلسطينيين وأن رئيس حكومة الاحتلال يريد استمرار هذه الحرب؛ ولا توجد خطة إسرائيلية حتى الآن تتعلق بتقليل أعداد الشهداء وهم يتحدثون فقط عن عمليات قتل واسعة .
وحذر من أنه في حالة اجتياح رفح لا توجد إمكانية لحماية 1.5 مليون فلسطيني من الموجودين في المدينة من أثار القصف الإسرائيلي، مؤكدا أن ما شهدناه خلال الأشهر الماضية هو قتل المدنيين الفلسطينيين وعلى ما يبدو أن الاحتلال يريد استمرار عمليات القتل ولا توجد أي خطة لحماية المدنيين الفلسطينيين ورغم ذلك تحصل إسرائيل على حماية أمريكية في مجلس الأمن، حيث تمنع واشنطن حتى إصدار بيانات عن المجلس ضد الاحتلال الإسرائيلي .
الأونروا
وأكد عدنان أبو حسنة؛ المتحدث باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” أن التبرعات التي حصلت عليها الوكالة من إسبانيا وأيرلندا، بالإضافة لعودة السويد وكندا تكفينا للعمل حتى نهاية الشهر الجاري.
وقال أبو حسنة في تصريحات صحفية: “قطر تبرعت بـ 20 مليون دولار؛ وهناك حديث مع الإمارات والسعودية في هذا الإطار ونأمل أن تتحسن الأمور في المستقبل؛ مشيرا إلى أن الدول المانحة التقليدية ومنها الـ 16 دولة التي توقفت عن تمويل الوكالة كانت قدمت 70% من تمويل الوكالة العام الماضي “.
وأضاف: إذا لم تعد هذه الدول تبرعاتها سنكون في مشكلة كبيرة للغاية؛ هناك تحقيقات وهذه التحقيقات نأمل ألا تستغرق الكثير من الوقت؛ طاقم التحقيق سوف يذهب للقاء المسؤولين الصهاينة، لأن ما قدم من معلومات عن هذه الادعاءات لا قيمة لها .
وتابع أبو حسنة : كل ما قدم إلينا مجرد أسماء وصور لكن كيف وأين لم تقدم هذه المعلومات وإسرائيل بدأت حملة محمومة وكثير من الدول بدأت تدرك الآن أن الموضوع تجاوز موضوع الحيادية؛ المطلوب أمام الجميع الأن هو تصفية الأونروا .
وأوضح أن دولة الاحتلال تظن أنه لو تم تصفية الأونروا سوف تنتهي قضية اللاجئين؛ ولكن الاحتلال ينسى أن دولة الاحتلال قامت بقرار من الأمم المتحدة، فيما منحت الأمم المتحدة الجانب الفلسطيني وكالة الأونروا؛ مشيرا إلى أن المحاولة الصهيونية لتفكيك وتفتيت الأونروا هي محاولة جادة والحملة أكبر بكثير ولكنها لن تنجح .
وتابع أبو حسنة : إذا ارادت دولة الاحتلال تفكيك الأونروا عليها أن تذهب إلى الأمم المتحدة، وهناك تصويت بعد سنة ونصف وعليها أن تحصل على الأغلبية؛ منتقدا الادعاءات الصهيونية التي تستهدف إسرائيل من خلالها تفكيك الأونروا التي تعد عامل استقرار إقليمي .