دراسة لرفيق حبيب: سلطة الانقلاب استهدفت افتعال موجات عنف لتُغير مسار المعركة ضدها

- ‎فيتقارير

الانقلابيون يحتمون بالحرب على الإرهاب لحماية قادة الانقلاب من الملاحقة الجنائية الدولية

مذبحة الفجر عند نادي الحرس الجمهوري كانت بداية العنف الرسمي، وإرهاب الدولة

 

أعدها للنشر: الحرية والعدالة

خلص المفكر والباحث السياسي د."رفيق حبيب" إلى أن الحراك الثوري يواجه حصار العنف له، سواء عنف الدولة أو عنف الجماعات المسلحة، وفي الوقت نفسه فإن سلطة الانقلاب تواجه تحدي السيطرة على الحراك الثوري، وعلى موجة العنف السياسي، فسلطة الانقلاب تريد إجهاض الحراك الثوري أولا؛ حتى تواجه العنف السياسي وتقضي عليه، ولأن الحراك الثوري غير قابل للإجهاض، فإن سلطة الانقلاب تواجه مأزقًا؛ لأن الاستمرار في إشعال العنف، مع استمرار الحراك الثوري يجهض أي فرص للاستقرار.

 

وكشف حبيب، في دراسة حديثة له عنوانها "السلمية والرصاص.. معادلة القوة والنصر"، أن معادلة القوة الحقيقية بين الانقلاب العسكري والحراك الثوري، هي أن السلمية مصدر قوة الثورة، وأن العنف هو أداة الانقلاب العسكري من ناحية، وهو أيضًا مبرره من ناحية أخرى، لذا يمكن أن يستمر الانقلاب العسكري إذا أجهض الحراك السلمي واستمر العنف، ولكن الانقلاب العسكري يفشل إذا استمر الحراك الثوري، حتى مع استمرار العنف، ويفشل أسرع إذا توقف العنف، واستمر الحراك السلمي الثوري.

 

وأوضح أن مصدر قوة الحراك الثوري هو السلمية، وقدرة الحراك على تجاوز تأثيرات عنف الدولة، وعدم الانجرار إلى منهج التغيير بالقوة، بل وإحباط فكرة التغيير بالقوة لصالح فكرة التغيير السلمي، مما يكسب الحراك الثوري حاضنة شعبية قوية، برغم كل الاتهامات التي توجه له، ومحاولة إلصاق تهمة العنف به.

 

فالانقلاب العسكري عمل عنيف ينجح بالقوة، ويستمر تحت غطاء العنف السياسي، أما الحراك الثوري فهو عمل سلمي شعبي، يعتمد على الإرادة وليس السلاح، وينجح بالسلمية والإرادة القوية.

 

إشعال موجات عنف

ورصد "حبيب" أنه منذ اللحظة الأولى للانقلاب العسكري، بدأت معركة الحراك الثوري لاستعادة الثورة، وبدأت معركة الانقلاب العسكري لإشعال حرب ضد الإرهاب، فالحراك الثوري استهدف كسر الانقلاب، وسلطة الانقلاب استهدفت إشعال موجات عنف؛ حتى تغير مسار المعركة ضدها، وكي تحتمي بالحرب على الإرهاب من الحراك الثوري الذي يستهدف كسر الانقلاب.

 

استدعاء العنف

ونبه "حبيب" إلى أن سلطة الانقلاب استدعت العنف السياسي بطرق شتى؛ حتى تشغل الرأي العام الداخلي والخارجي بالمعركة ضد العنف أو الإرهاب؛ لتأمين نجاح الانقلاب العسكري، والانقلاب العسكري في حد ذاته كان عملا عنيفا، فهو فعل مسلح ضد سلطة منتخبة ديمقراطيا، مما جعل حدث الانقلاب العسكري في حد ذاته يستدعي فكرة اللجوء للعنف.

 

كان الانقلاب العسكري عملا يفشل الحركات الإسلامية التي تنتهج الطريق السلمي الديمقراطي، مما دعم نظرية الجماعات العنيفة، والتي ترى أنه لن يسمح لإسلامي بالوصول للسلطة حتى عن طريق الديمقراطية، مما جعل الانقلاب العسكري يمثل فعلا يدعم نظرية التغيير بالقوة، ويفشل نظرية التغيير السلمي.

 

لافتا إلى أنه في بداية الانقلاب العسكري تكررت أعمال العنف في سيناء، وهي لم تتوقف منذ ما قبل الثورة وبعدها، وإن زاد تكرارها بعد الانقلاب العسكري، ولكن سلطة الانقلاب ربطت سريعا بين أعمال العنف في سيناء، والحراك الثوري المؤيد للشرعية والرافض للانقلاب العسكري، مما أكد أن سلطة الانقلاب تستدعي العنف لتحمي الانقلاب العسكري.

 

ونبه "حبيب" إلى أنه كان خطاب التفويض من قائد الانقلاب، والذي تكلم فيه عن العنف والإرهاب المحتمل، بمنزلة إعلان واضح عن رغبة سلطة الانقلاب في تحويل المواجهة مع الحراك الثوري السلمي إلى مواجهة مع أعمال عنف؛ حتى تمنع توسع الحراك شعبيا وتفقده الدعم الجماهيري، وفي الوقت نفسه تقدم مبررا للانقلاب العسكري أمام الرأي العام الخارجي.

 

إرهاب الدولة

وأشار "حبيب" إلى أنه لم تمر أيام على الانقلاب العسكري إلا حدثت مذبحة الفجر عند نادي الحرس الجمهوري، والتي كانت بداية العنف الرسمي وإرهاب الدولة، في مواجهة الحراك الثوري الرافض للانقلاب العسكري، ولم تكن مذبحة الفجر والمذابح التالية لها إلا عنفا منهجيا رسميا، يستدعي العنف السياسي ويقدم له المبررات، التي تساعد على عودة موجات العنف السياسي.

 

فقد تأكد منذ اللحظة الأولى أن سلطة الانقلاب العسكري تريد جر الحراك الثوري الرافض للانقلاب إلى ممارسة العنف؛ حتى تجد غطاءً لما تقوم به أمام الرأي العام الداخلي والخارجي، وحتى تتمكن من إثارة الرأي العام الداخلي ضد الحراك الثوري، وتحجيم حجم الدعم الجماهيري المتزايد الذي يحظى به.

ولم تكن فكرة استدعاء العنف السياسي إلا جزءا من مخطط تقسيم المجتمع، حيث أرادت سلطة الانقلاب العسكري تقسيم المجتمع إلى شرفاء وإرهابيين؛ حتى تحصر الحراك الرافض لها في فئة قليلة، وتتمكن من عزل هذا الحراك عن عامة الناس؛ حتى تضيق مساحة الاحتجاج ضد الانقلاب العسكري تدريجيا حتى يتوقف.

 

الحرب على الإرهاب

وتحت عنوان "الحرب على الإرهاب" قال "حبيب": أعلنت سلطة الانقلاب الحرب على الإرهاب كعنوان رئيسي لها؛ بهدف القضاء على الحراك الثوري من ناحية، ومن ناحية أخرى حماية قادة الانقلاب العسكري من الملاحقة الجنائية الدولية، فشعار الحرب على الإرهاب يهدف إلى إيجاد مبررات قانونية وسياسية لما قامت به سلطة الانقلاب العسكري من مذابح، حتى تتمكن من وقف الملاحقة الدولية ضدها.

وفي كل مسار الانقلاب العسكري نجد تصعيدا في لغة الحرب على الإرهاب، وصل لحد تجريم جماعة الإخوان المسلمين، واعتبارها منظمة إرهابية؛ بهدف التغطية على حقيقة الصراع الدائر بين الانقلاب العسكري والحراك الثوري، وحتى يتحول الصراع إلى مواجهة مسلحة بين الدولة وجماعات خارجة على القانون.

 

ومن الواضح برأي "حبيب" أن سلطة الانقلاب تخطط لبناء تحالف إقليمي ودولي ضد الإرهاب في مصر، حتى يتوفر لها غطاء دولي لما تقوم به من قمع دموي، مما يمكنها من التمادي في القمع والإقصاء؛ حتى تتمكن من القضاء على الحراك الثوري، واستئصال جماعة الإخوان المسلمين؛ مما يعني أن سلطة الانقلاب تريد الدخول في معركة تسميها الحرب ضد الإرهاب؛ حتى تتمكن من فرض سلطتها.

 

وخطاب سلطة الانقلاب العسكري، خاصة الإعلامي، أظهر رغبة سلطة الانقلاب العسكري في توسيع نطاق العنف، حتى يصل إلى الاقتتال الأهلي، حيث عمدت وسائل إعلام الانقلاب على دفع عامة الناس للاقتتال، ودفع مؤيدي الانقلاب العسكري إلى الدخول في اقتتال أهلي مع رافضي الانقلاب العسكري؛ حتى يصبح الاقتتال الأهلي وسيلة سلطة الانقلاب لوقف الحراك الثوري.

 

وأضاف: كما ركزت وسائل إعلام الانقلاب على مسألة الحرب على الإرهاب، واتهام القوى المشاركة في الحراك الثوري بالإرهاب، خاصة جماعة الإخوان المسلمين، حتى تحافظ على الكتل المؤيدة للانقلاب العسكري، من خلال تخويفها من العنف والإرهاب، وحتى لا تفقد سلطة الانقلاب المزيد من مؤيديها، فيتقلص الغطاء الشعبي للانقلاب العسكري.

 

أوراق العنف الغامضة

وتحت عنوان "أوراق العنف الغامضة" كشف "حبيب" أنه قد اختلطت العديد من الأوراق في ملف العنف الحادث بعد الانقلاب العسكري، مما جعل معرفة حقيقة أعمال العنف أمرا ليس سهلا، وربما لا تتاح الحقيقة كاملة إلا بعد سقوط الانقلاب العسكري، ولكن من الواضح أن العناصر التي تمارس العنف ليست فقط جماعات العنف الموجودة في سيناء، والتي ربما تمددت خارج سيناء بعد الانقلاب العسكري، أو أي جماعات جديدة ظهرت بعد الانقلاب، فمن الواضح أن هناك عنفا تمارسه جماعات تابعة لأجهزة؛ بهدف إشعال معركة الحرب على الإرهاب.

 

مشيرا إلى أن حوادث العنف، خاصة بعض العمليات، أفادت سلطة الانقلاب وأضرت الحراك الثوري، ولم تحقق انتصارا سياسيا واضحا لجماعات العنف، مما يعني أن نتائج أعمال العنف تشير بوضوح إلى أن الرابح الأكبر منها، وربما الرابح الوحيد في بدايتها، هو سلطة الانقلاب العسكري، لذا أصبح من المرجح أن العنف الحادث تقوم به جماعات عنف وأجهزة، أي أكثر من طرف.

كما يلاحظ أن سلطة الانقلاب واجهت جماعات العنف في سيناء بعنف مفرط، طال البيئة الاجتماعية الأهلية، مما يعني أن سلطة الانقلاب، أشعلت الوضع في سيناء بصورة تؤدي إلى تمدد ظاهرة العنف في تلك المنطقة، وتجعلها تتمدد مكانيا وزمانيا، مما يساعد على توسعها في خارج سيناء.

 

وإشعال العنف السياسي كظاهرة، وأيضا تدبير أعمال عنف من قبل أجهزة، يؤدي في النهاية إلى إشعال وتمدد ظاهرة العنف، والتي تخرج في النهاية عن سيطرة أي طرف، فحتى العنف الذي تدبره أجهزة من خلال مجموعات قتالية خاصة، أو من خلال جماعات عنف مخترقة، يؤدي في النهاية إلى تفشي ظاهرة العنف، بقدر لا يسمح لتلك الأجهزة المشاركة في إشعاله من السيطرة عليه.

 

وسلطة الانقلاب العسكري تحتاج لموجة العنف حتى تبرر الانقلاب، وتفلت من الملاحقة، وتوفر غطاءً سياسيا لما تقوم به من مذابح وقمع دموي، وتشغل الرأي العام الداخلي والخارجي، حتى تستقر السلطة لها، وكأنها توظف العنف، وتعتقد أنها قادرة على إشعاله متى أرادت، وقادرة على إيقافه عندما تنتهي وظيفته وفائدته لها.

 

مأزق العنف والانقلاب

نبه "حبيب" إلى أن سلطة الانقلاب العسكري وضعت نفسها في مأزق حقيقي، عندما أشعلت موجات عنف، ووظفتها لمصلحة الانقلاب العسكري، لأنها أصبحت أمام عدة تحديات صعبة. فسلطة الانقلاب العسكري، تهدف إلى القضاء على الحراك الثوري بالكامل، ثم وقف موجة العنف أو السيطرة عليها، حتى تتمكن من فرض سلطتها بالكامل على النظام السياسي.

 

ولكن سلطة الانقلاب العسكري، تواجه في الواقع تحديات عدة، فإذا وقف العنف قبل أن يقف الحراك الثوري، فسوف تواجه سلطة الانقلاب العسكري تحديًا مهمًا، حيث ينكشف أمام الجميع أن الحراك الثوري ليس له علاقة بالعنف، وأن أعمال العنف تمثل رد فعل على الانقلاب العسكري، وأيضًا تمثل أداة من أدوات الانقلاب.

وسلطة الانقلاب العسكري، سوف تواجه مأزقًا آخر، كما يتوقع "حبيب" إذا توقف الحراك الثوري، واستمرت موجات العنف، وربما توسعت، لأن ذلك يعني أن سلطة الانقلاب العسكري، أدخلت البلاد عمليًا في مرحلة من المواجهات الدموية التي قد تستمر لسنوات طويلة.

 

وسلطة الانقلاب تريد وقف الحراك الثوري، حتى يتحقق لها الاستقرار، وتستمر كسلطة قابضة على النظام السياسي، كما تريد وقف أعمال العنف، حتى يتحقق الاستقرار، مما يمكنها من تأمين بقائها، ولكن سلطة الانقلاب العسكري، تريد إنهاء الحراك الثوري قبل إنهاء العنف، أو إنهاء الحراك والعنف معًا.

 

والتحدي الذي تواجهه سلطة الانقلاب العسكري، أن الحراك الثوري غير قابل للإجهاض، وبالتالي لن يتوقف. كما أن ظاهرة العنف السياسي تنمو تلقائيًا في ظل دولة القمع والاستبداد، ولا يمكن أن تنتهي إلا بعد تحقيق التحول الديمقراطي الحقيقي والكامل، وبعد استقرار الحريات، وسقوط كل أركان دولة الاستبداد والفساد.

 

مضيفًا أن الربيع العربي، كان أول تحدٍّ حقيقي لجماعات العنف، حيث أثبت لها أن المنهج السلمي هو القادر على التغيير، وجاء الانقلاب العسكري ليحبط المنهج السلمي. لذا فجماعات العنف، لن تختفي إلا عندما ينجح النهج السلمي في تحقيق التحرر الكامل، وهزيمة كل القوى التي تحاول منع تحرر شعوب المنطقة العربية والإسلامية.

 

ويرى "حبيب" أن معضلة المواجهة بين الحراك الثوري وسلطة الانقلاب من جهة، والمواجهة بين سلطة الانقلاب والعنف من جهة، أن تصرفات سلطة الانقلاب تغذي العنف، والحراك الثوري السلمي، يمتص طاقة الغضب، التي تفجر العنف؛ أي أن الحراك الثوري هو الذي يحد من ظاهرة العنف، وتصرفات سلطة الانقلاب، هي التي تشعل ظاهرة العنف.

 

فشل جر الحراك للعنف

ناقش "حبيب" تحت عنوان "جر الحراك للعنف" أنه يبدو أن سلطة الانقلاب العسكري، تراهن منذ اللحظة الأولى على جر الحراك الثوري للعنف، حتى يتوقف الحراك السلمي، وتصبح سلطة الانقلاب في مواجهة مع العنف فقط، وبهذا تكون سلطة الانقلاب قد تمكنت من القضاء على الحراك الثوري، والقضاء على الحراك الجماهيري الواسع، وأيضًا تمكنت من ضرب الحاضنة الشعبية للحراك الثوري، بسبب دفعه للتحول للعنف.

 

وتتصور سلطة الانقلاب، أن انتهاء الحراك الثوري وتحوله إلى أعمال عنف، يوفر لها الظرف الأنسب لتعضيد سلطتها، وتوسيع عملياتها الأمنية، حتى إذا استمرت المواجهة مع العنف لفترة طويلة. مما يعني أن الحراك الثوري السلمي، هو الذي يهدد سلطة الانقلاب العسكري، ويفشل مشروعها، أما أعمال العنف والاقتتال الأهلي، فهي التي توفر لها الظرف المناسب لفرض سيطرتها وسلطتها.

 

فسلطة الانقلاب العسكري، تعتمد على سيناريو وحيد، وهو إشعال موجات العنف والنزاع الأهلي، واستخدام القوة المفرطة ضد القوى المناهضة لها، حتى تتمكن من فرض سلطتها كأمر واقع، لا ينازعه أحد.

 

تحدي السلمية

ونبه "حبيب" إلى أن الحراك السلمي يواجه عدة تحديات، فهو يواجه تحدي عنف الدولة، ويواجه أيضا تحدي عنف الجماعات المسلحة، والعنف الذي تصنعه الأجهزة، سواءً الداخلية أو الخارجية. فعنف الدولة، يهدف إلى إجهاض الحراك السلمي، ومنع توسع القاعدة الشعبية للحراك الثوري. وفي الوقت نفسه، فإن عنف الجماعات المسلحة، يضر الحراك الثوري، ويستخدم لتشويه صورته.

 

والحراك السلمي، يمثل مصدر قوة الحراك الثوري، فبقدر استمرار الحراك السلمي الواسع، وتواصله عبر المكان والزمان، بقدر ما ينجح الحراك الثوري في إجهاض الانقلاب العسكري. وبقدر ما تتمكن قوى الحراك الثوري، من ردع عنف الدولة، وتقليل الخسائر البشرية، مع قدرتها على دفع ثمن الحرية، بقدر ما تتوفر للحراك الثوري فرصة كسر الانقلاب العسكري.

 

وخلص إلى أنه كلما تمكن الحراك السلمي من التأثير على مجريات الأمور، وامتلاك زمام المبادرة، بقدر ما يحبط فكرة اللجوء للقوة، وفكرة التغيير بالقوة. فالحراك الثوري، يحتاج إجهاض عنف الدولة، وأيضًا إجهاض فكرة اللجوء للعنف، في آن واحد.

 

فقد أصبح الحراك الثوري محاصرًا، بعنف الدولة من جهة، وعنف الجماعات المسلحة من جهة أخرى، سواءً العنف الذي تمارسه جماعات حقيقية أو العنف الذي تدبره أجهزة أمنية. فالعنف يحاصر الحراك الثوري، لأنه يعرقل توسع الحراك الشعبي، ويعرقل توسع القاعدة الشعبية المساندة للحراك الثوري، ضد الانقلاب العسكري.

 

لذا يصبح أمام الحراك الثوري بحسب "حبيب" أكثر من تحدّ، فإحباط العنف بكل أشكاله، يساهم في صعود الحراك الثوري، وامتلاكه لزمام الأمور على الأرض. فعنف الجماعات المسلحة، يحاول سحب البساط من الحراك الثوري، وتشجيع اللجوء للعنف، كما أن عنف الدولة يستهدف إجهاض الحراك الثوري، أو دفعه لاستخدام العنف. وفي كل الأحوال، فإن استمرار المنهج السلمي، يعد أهم وسائل إجهاض تأثير العنف على مسار النضال الثوري.

 

والحراك الثوري يواجه أيضًا تحدي النزاع الأهلي، مما يجعل عليه مسئولية تجنب الانزلاق في الاقتتال الأهلي، لأن النزاع الأهلي بكل صوره، يضعف الحراك الثوري، ويفيد سلطة الانقلاب. فكل أشكال النزاع الأهلي، تضعف المجتمع، كما تضعف الحراك الشعبي، وتدفع عامة الناس للبحث عن الأمان، أيا كان الثمن، وحتى إذا كان الثمن هو التنازل عن حريتها

وأوضح "حبيب" أنه وبسبب عنف الدولة، فإن قوى الحراك الثوري، تواجه تحديًا من داخل الكتل المؤيدة للثورة، والمناهضة للانقلاب العسكري، لأن عنف الدولة يؤثر سلبًا عليها، ويجعل بعض تلك الكتل، خاصة الشبابية، تتجه لردع عنف الدولة بالقوة، مما يجعل السيطرة على مسار الحراك السلمي، بحيث لا ينجر للعنف، من أهم التحديات التي تواجه الحراك الثوري.

 

الحراك الثوري السلمي، ليس عملاً سلبيًا، بل هو فعل إيجابي، يهدف لإسقاط منظومة الاستبداد والفساد، ويهدف أيضًا لردع سلاح الاستبداد، وإفشال عنف الدولة، ودفع أجهزة الأمن للتراجع عن استخدام العنف، دون أن يصبح الحراك الثوري، معتمدًا على العنف كوسيلة له، لأن السلمية هي أداته الرئيسة الفاعلة.

فالثورة الشعبية، تعتمد على بناء قاعدة شعبية واسعة تحقق الثورة والتحرر، وفي الوقت نفسه، تحمي مسار الثورة والتغيير. لذا فالثورة الشعبية، هي حراك سلمي أساسًا، يعتمد على قوة إرادة الجماهير المؤيدة للثورة والتغيير، والمناهضة للاستبداد والفساد.