بعد عام من توصيات أثريين بعدم الهدم..وقف الدفن بمقبرتَي الشافعي والسيدة نفيسة تمهيدا لإزالتهما

- ‎فيتقارير
This picture taken on June 24, 2023, shows a partial view of demolished structures in Sayyida Aisha cemetery, and the Mosque of Muhammad Ali (background), in Egypt's capital Cairo, as part of an ongoing government project to construct new roads and infrastructure. (Photo by Khaled DESOUKI / AFP) (Photo by KHALED DESOUKI/AFP via Getty Images)

 

في  بلد مثل مصر، عانت لسنوات من الجل والقمع الذي يرتع فيه العساكر، بات مستقبل مصر مهددا بالخراب، بعدما دمر السيسي الحاضر وجعل المصريين يعيشون ظلمة لا مخرج لهم منها، بعدما رضوا بالانقلاب العسكري وإراقة دماء أبنائهم في انقلاب 2013، وبعد تدمير الحاضر وتخريب المستقبل، لم ينج الماضي والتاريخ المصري الحديث والقديم ، كما الآثار والمتاحف والمقابر التاريخية، التي يمكن تحويلها لمزارات تدر دخلا على الجميع أكثر مما يخطط لها السيسي من توسعات طرق، تخدم عاصمة الأشباح التي بناها في الصحراء.

 

وبعد عام من أعمال اللجنة التي شكلها السيسي لدراسة إزالة مقابر السيدة نفيسة والإمام الشافعي، واستقالة رئيسها ، احتجاجا على أعمال الهدم، قرر السيسي ونظامه أمس الخميس، عدم الاستجابة إلا لصوت البلدوزر فقط، بالهدم على المكشوف وبلا تريث، استجابة لما يبدو أنه مشروع إماراتي جديد تحدث عنه رجل الأعمال الإماراتي الحبتور، برغبته في شراء شارع صلاح سالم  وتطويره وتحويله لمشروع استثماري، وهو الشارع الذي يشق القاهرة إلى الجيزة ، حتى حدود نهر النيل.

 

وضمن مخطط الخراب الذي يضرب كل شيء له قيمة بمصر، أصدرت محافظة القاهرة قرارا يقضي بتعليق عمليات دفن الموتى في اثنتَين من أشهر مقابرها التاريخية تقعان في نطاق محور صلاح سالم المروري الجديد، وهما مقبرة الإمام الشافعي ومقبرة السيدة نفيسة، تمهيدا لإزالتهما، أمّا رفات المتوفين فيهما، فستُنقل إلى مدافن التعويضات البديلة في مدينة العاشر من رمضان بمحافظة الشرقية.

 

ونصّ القرار، الذي يحمل الرقم 2557 لسنة 2024 والصادر أمس  الخميس، على أن تتولى إدارة الجبّانات في محافظة القاهرة أعمال إزالة المقابر بالتنسيق مع حي الخليفة في المنطقة الجنوبية، إلى جانب تسهيل مديرية الشؤون الصحية استخراج تصاريح نقل الرفات من المدافن الواقعة في نطاق الإزالة.

 

وكانت احتجاجات شعبية قد دفعت السيسي إلى تأليف لجنة خبراء في يونيو من عام 2023 الماضي، الهدف منها التوصل إلى رؤية متكاملة لتطوير المنطقة، ودراسة نقل المدافن الأثرية من مقبرتي السيدة نفيسة والإمام الشافعي، وتجميع رفات الرموز المصرية في “حديقة الخالدين” بالعاصمة الإدارية، وإنشاء متحف ملحق بها يضمّ القطع الفنية والأثرية الموجودة في تلك المدافن للحفاظ عليها.

 

رفض الأثريين

 

لكنّ أستاذ التصميم العمراني والبيئي في أكاديمية العلوم والتكنولوجيا أيمن ونس، تقدّم باستقالته إلى محافظ القاهرة اللواء خالد عبد العال من رئاسة اللجنة الدائمة لحصر المباني والمنشآت ذات الطراز المعماري المتميّز في شرق القاهرة، احتجاجا على التدمير المتعمّد الذي يطاول مقابر القاهرة التاريخية.

 

وكانت جرّافات محافظة القاهرة قد أزالت حوش عتقاء الأمير إبراهيم حلمي الأثري الخاضع لإشراف وزارة الأوقاف المصرية، الأمر الذي أثار حالة من الغضب عبر مواقع التواصل الاجتماعي، على خلفية استمرار عمليات الهدم والإزالة في منطقة مدافن الإمام الشافعي، تحت ذريعة توسيع الطرقات وإنشاء الجسور لتسهيل حركة المرور.

 

مخالفة قانونية

 

يُذكر أنّ قانون الحفاظ على التراث المعماري حظر ترخيص هدم المباني والمنشآت ذات الطراز المعماري المتميّز وكذلك ترخيص بناء ملحقات لها، ولا سيما بسبب ارتباطها بالتاريخ القومي أو بشخصية تاريخية أو التي تمثّل حقبة تاريخية أو تُعَدّ مزارا سياحيا، ويتولى جهاز مشروعات الخدمة الوطنية التابع للجيش المصري مهمات الإشراف على تنفيذ مخطط تطوير هذه المنطقة التاريخية، الذي يشمل توسيع الطرقات ورصفها بعد الانتهاء من إزالة المقابر، وإنشاء جسر جديد لتسهيل حركة المرور أسفله محلات تجارية ستُعرَض للإيجار، بالإضافة إلى ساحة كبيرة لوقوف السيارات في مقابل رسوم.

 

 

اعتراضات هندسية

 

وكانت لجان  هندسية ، قد قيمت أعمال توسعة الطريق الواصل للعاصمة الإدارية عبر المقابر التاريخية، وأكدت عدم جدواه الاقتصادية ، إذ لا يوفر سوى دقائق معدودة في الوصول من  شرق القاهرة إلى العاصمة الإدارية الجديدة، ولكن يبدو أن هدف السيسي  أكثر من العاصمة الإدارية، بتجهيز شارع صلاح سالم للبيع لرجل الأعمال الإماراتي الحبتور، وهكذا تتحول مصر لمجرد مشروع لرجال أعمال إماراتيين ومن يدفع للسيسي فقط، بلا مراعاة لتاريخ مصر أو حضارتها وآثارها.