تأجيل بيع محطتي سيمنز .. البنوك الألمانية” أو أزمة الغاز الطبيعي وراء وقف الصفقة ؟

- ‎فيتقارير

 

أعلنت حكومة المنقلب  السيسي تأجيل بيع محطتي توليد الكهرباء الضخمتين اللتين بنتها شركة سيمنز الألمانية في العاصمة الإدارية الجديدة وبني سويف، وذلك إلى أجل غير مسمى.

 

وكان من المقرر بيع المحطتين، اللتين تبلغ طاقتهما الإجمالية 8400 ميجاوات، كجزء من خطة الحكومة لجذب الاستثمار الأجنبي وتخفيف عبء الديون، لكن تأجيل البيع يثير تساؤلات حول أسبابه وتأثيراته على قطاع الطاقة في مصر.

 

وأشارت بعض المصادر إلى أن أزمة نقص الغاز الطبيعي في مصر قد تكون أحد العوامل الرئيسية وراء تأجيل البيع، حيث تواجه مصر صعوبة في توفير كميات كافية من الغاز لتشغيل محطات الطاقة، مما قد يجعل من غير الجذاب للمستثمرين شراء محطتين تعتمدان بشكل كبير على هذا الوقود.

 

كما أشارت مصادر أخرى إلى أن شروط التمويل الصعبة التي فرضتها البنوك الألمانية على الصفقة قد تكون سببا آخر للتأجيل، حيث تطالب البنوك بزيادة أسعار الفائدة على القروض المقدمة لتمويل بناء المحطتين أو سداد قيمة تلك القروض بالكامل، في حال رغبت الحكومة في بيعها للقطاع الخاص.

 

ويرجح البعض أن تأجيل البيع يعود إلى عدم وضوح الرؤية بشأن مستقبل استراتيجية الطاقة في مصر، خاصة مع التطورات المتسارعة في مجال الطاقة المتجددة.

 

التأثيرات

وقد يؤدي تأجيل البيع إلى تأخير تنفيذ مشاريع الطاقة الأخرى في مصر، خاصة وأن الحكومة كانت تعتمد على عائدات بيع المحطتين لتمويل تلك المشاريع، كما سيؤدي استمرار ملكية الحكومة للمحطتين إلى زيادة عبء الديون عليها، حيث ستظل ملزمة بسداد أقساط القروض التي تم الحصول عليها لتمويل بنائهما، وقد يؤدي تأجيل بيع المحطتين إلى ارتفاع أسعار الكهرباء في مصر، خاصة مع تزايد الطلب على الطاقة وتراجع قدرة الحكومة على الاستثمار في مشاريع جديدة لتوليدها.

 

الخطوات القادمة

لم تعلن حكومة السيسي حتى الآن عن خططها المستقبلية بشأن محطتي سيمنز، ويُتوقع أن تُجري الحكومة محادثات مع البنوك الألمانية لإعادة التفاوض على شروط التمويل، كما قد تبحث عن خيارات أخرى لتمويل مشاريع الطاقة، مثل بيع حصص في شركاتها العاملة في هذا القطاع.

 

وأشار الخبير الاقتصادي محمد فؤاد إلى تفاقم أزمة نقص الغاز في مصر، حيث تواجه البلاد عجزا يقدر بنحو 20% من احتياجاتها السنوية من هذه المادة الحيوية، وتزداد خطورة هذه الأزمة مع غياب أي بوادر لزيادة الإنتاج من حقول الغاز المحلية في الفترة القريبة، مما يثير قلق العديد من الخبراء بشأن استمرارها وتأثيرها على مختلف القطاعات.

 

وحذر خبير التمويل والاستثمار، في تصريحات لـ”العربي الجديد”، من تفاقم أزمة نقص الغاز في مصر، حيث شهدت البلاد تراجعا كبيرا في استخراج الغاز من حقول “ظهر” العام الماضي، بنسبة تصل إلى 60%، وقد أدى هذا التراجع إلى تعديل شركة “ايني”، المستثمر الرئيسي في الحقول، لتوقعاتها الإنتاجية المرحلية، حيث خفضت الإنتاج إلى ثلث الطاقة الإنتاجية فقط.

 

وتزامن ذلك مع توقف العمل بمشاريع استخراج الغاز المسندة لشركة برتيش بتروليم البريطانية (BP) والشركات الأخرى في مناطق غرب الدلتا.

 

ويُعزى هذا التوقف إلى تأخر حكومة السيسي في دفع مستحقات تلك الشركات عن قيمة الغاز ومشتقات النفط الموردة لها خلال العام الماضي.

 

ضربة قاسية

وتُعدّ هذه التطورات بمثابة ضربة قاسية لقطاع الطاقة في مصر، حيث تؤدي إلى نقص حاد في الغاز وتُهدد بارتفاع الأسعار وتأثيرها على مختلف القطاعات.

 

بلغت مستحقات تلك الشركات نحو 7 مليارات دولار، وفقا لوكالة رويترز، إذ أعلنت الحكومة عن سداد 2.5 مليار منها عقب حصولها على الدفعة الأولي من صفقة بيع مدينة رأس الحكمة للإمارات بقيمة 35 مليار دولار، مع وعد بجدولة باقي المستحقات خلال العام الجاري.

 

وأوضح فؤاد أنه لمواجهة العجز المستمر في عمليات استخراج الغاز الطبيعي، تحتاج الدولة إلى تدبير نحو 7 مليارات دولار أخرى، مشيرا إلى حاجة محطات التوليد وتشغيل شبكات الغاز للمصانع والمنازل والسيارات، إلى 6.5 مليارات متر مكعب يوميا، بينما الإنتاج تراجع إلى نحو 5.3 مليارات متر مكعب.

 

وأكد خبير التمويل والاستثمار أن حكومة تتحمل مسؤولية فشل التخطيط المسبق لإدارة أزمة الغاز، مشيرا إلى غياب التخطيط الاستراتيجي لقطاع الطاقة، رغم أن المشكلة مطروحة أمام المسؤولين منذ عامين، بعد تعرّض حقل ظهر لمشاكل فنية، وبدا في الأفق وجود عجز في إنتاج الغاز، يقدر بنحو 1.2 مليون متر مكعب، يتطلب توفيره يوميا عبر زيادة سعة خط استيراد الغاز بين عسقلان والعريش أو الاعتماد على شراء شحنات الغاز المسال، التي تستدعي وجود دورة مستمرة من استكشاف الغاز، وإقامة محطة إسالة دائمة بالقرب من منفذ شبكة الغاز المحلية، ليسهل نقله إلى محطات التوليد.

 

انقطاعات أطول

تُواجه مصر خطر انقطاعات أطول للكهرباء خلال فصل الصيف القادم، حيث يُقدر الخبراء حاجة الحكومة إلى استيراد 15 شحنة من الغاز المسال، خلال شهري يونيو ويوليو المقبلين، وتهدف هذه الكميات من الغاز المسال إلى توفير احتياجات محطات توليد الكهرباء وتجنب اضطراب نظام قطع الكهرباء المخطط الذي يُتوقع أن يُؤدي إلى انقطاع التيار ما بين ساعتين إلى 3 ساعات يوميا.

 

ومع ذلك، أعلنت وزارة البترول بحكومة السيسي عن سعيها لاتفاق على استيراد شحنتين من الغاز المسال شهريا فقط، في حال تطبيق هذا النهج، تُشير التقديرات إلى أن معدلات انقطاع التيار الكهربائي سترتفع إلى ما بين 4 إلى 5 ساعات يوميا.

 

وتُعدّ هذه التطورات مصدر قلق كبير للعديد من المصريين الذين يعانون بالفعل من انقطاعات متكررة للكهرباء، وتُؤكد على حاجة الحكومة إلى اتخاذ خطوات عاجلة لضمان استقرار شبكة الكهرباء وتجنب تفاقم الأزمة خلال فصل الصيف.