قال المنقلب السفيه عبد الفتاح السيسي، أمس الأحد: إن “الدولة ليس أمامها إلا الاستثمار في الإنسان والتعليم، خاصة وأن موارد مصر محدودة و95% من مساحتها أرض صحراوية”.
وأشار السيسي خلال افتتاح مراكز البيانات والحوسبة السحابية التابعة للجيش بالعاصمة الإدارية إلى أن «الدولة تهدف إلى الوصول إلى أرقام طموحة في مجال المعلومات التي اعتبرها متواضعة جدا حتى الآن، وأنفقنا مليارات الدولارات على البنية التحتية”.
وأضاف: «الناس اللي بتقول لنا أنتوا بتصرفوا كتير، يا مصريين إما نكون زي مخاليق ربنا يا إما نكون متخلفين، معندناش حل تاني لأننا دولة مش غنية”.
وانتقد السيسي تمسك البعض بإلحاق أبنائهم في عدد من كليات العلوم التقليدية والنظرية في مصر حيث قال: «قاعدين تدخلوا ولادكم كليات تجارة وآداب وحقوق، هيشتغلوا إيه بالشهادات دي؟».
وأردف: «الابن يبقى زعلان مني وزعلان من الحكومة، يقول ما بتشغلوناش ليه؟ طاب يروح يشتغل مدرس، دا أنا بأقولك على حاجة هتشتغلها وأنت قاعد في بيتك، وممكن تجيب لك 30 ألف دولار في الشهر، وممكن تعملك 100 ألف دولار في الشهر».
وتابع السيسي: «أريد 100 أو 200 أو 300 مليار دولار من مجال المعلومات، يجب أن تعرفوا حجم إنفاق مصر، ومصر لن تستطيع إنتاج كل الطلبات التي تحتاجها الناس، ولا زلتم تقولون إن تكلفة المعيشة مرتفعة».
واستطرد: «نحن شركة مع بعضنا وكلنا مع بعض، لو جرى الاهتمام بالـ105 ملايين نسمة، أي كل مدير مدرسة وكل عميد كلية، كان يضع في رأسه هذا الأمر ويجلس في برامج مع الشباب كي يرى من الذي عنده استعداد أكتر من أجل أن يجري التركيز عليه».
بعيد عن الواقع
ويتصادم كلام السيسي مع الواقع المعاش في مصر، إذ إن المدارس بجميع مستوياتها تعج بالأزمات والمشاكل، من زحام وعدم توافر مقاعد دراسية أو حتى معلمين ويجري تسريح الطلاب من الفصول أو اختراع أيام رياضية أسبوعية من أجل تخفيف الحمل عن الأعداد القليلة للمعلمين بالمدارس، وسط وقف التعيينات منذ قدوم السيسي.
كما أن الأجهزة والوسائل التعليمية تعاني العطب بالمدارس ولا يجري استخدامها أساسا، نظرا لكثافات الطلاب الكبيرة، أو بسبب خوف المسئولين من تلفها وتحملهم مبالغ صيانتها، وباعتراف وزراء تعليم السيسي، فإن مصر لديها عجز يصل إلى نحو300 ألف معلم سنويا، بجانب العجز الكبير في أعداد المدارس.
انقطاع الكهرباء وتخريب الاقتصاد
كما يتصادم كلام السيسي مع واقع الاقتصاد المصري المزري، وفي أحد أوجه أزمة انقطاع الكهرباء، التي تخصم نحو ربع إلى ثلث للقدرات الإنتاجية في مصر يوميا.
ولكل ما يكشف زيف كلام السيسي وتباهيه بإنجازاته الوهمية، الواقع المرير في قطاع التكنولوجيا الذي يطالب به الشباب للعمل فيه وتحقيق مكاسب مهولة.
إذ إنه و منذ بداية خطة الحكومة بتخفيف الأحمال، وقطع الكهرباء بشكل يومي، عانى عشرات آلاف من العاملين أونلاين، وعن بُعد لصالح شركات خارج مصر، من تأثيرات كبيرة أدت إلى فقدان وظائف وخسارة عملاء.
نماذج من الماساة
ووفق العديد من المنصات الإعلامية، التي تنقل تجارب المتضررين من انقطاع الكهرباء، فإنه في نهاية شهر مارس 2024، استغنت شركة إماراتية، متخصصة في العلاقات العامة والدعاية عن “سيد” الذي يعمل معهم منذ سنوات “أونلاين”، من منزله بمنطقة الهرم بمحافظة الجيزة بمصر.
وفي حين قالت الشركة رسميا لـ”سيد” إن السبب تخفيض تكاليف، عَلِم من خلال أحد زملائه أن السبب الحقيقي يعود لانقطاع الكهرباء المتكرر، الذي سبب أضرارا للشركة، بسبب خروجه من الاجتماعات الأون لاين المتكرر، وتعطيله لبعض الأعمال العاجلة للشركة.
ويُضيف أن العميل كان يستغرب من خروجي من الاجتماع، لكن ممثلي شركته الآخرين الحاضرين الاجتماع كانوا يحاولون تبريرها بأن هناك طوارئ عندي، أكتر من مرة كان الموقف محرجا، لجأ “سيد” للعمل خارج المنزل أثناء أيام الاجتماعات، بسبب عدم جودة خدمة إنترنت شبكات المحمول بعد انقطاع الكهرباء لديه، لكن هذا الحل لم ينفعه دوما، وفق ما نقلته عنه منصة “متصدقش”.
متابعا، في أحد المرات انقطع الإنترنت عن مساحة العمل التي ذهب إليها بمنطقة الدقي ليعمل من خلالها، رغم عدم انقطاع الكهرباء، وذلك بسبب أن “بوكس الإنترنت” تابع لمنطقة أخرى انقطع عليها الكهرباء، في الحالة دي كنت بجري في الشارع لغاية ما آلاقي مكانا آخر، أوتيل مثلا لأن فيه مولد كهرباء”.
مُشيرا إلى تحمله تكلفة العمل خارج المنزل، لأن الشركة تعتبر أن تلك مشكلة خاصة به.
و يقول “سيد”: “دوري الإشراف وإنهاء التصميم المُرفق مع المحتوى الذي يكون خبرا لصفحات مواقع التواصل الاجتماعي للجهة الحكومية مثلا، مفترض أن يُنشر في خلال ربع ساعة مثلا، كنت ممكن استلم الداتا على هوت سبوت الموبايل بس النتوورك (الشبكة) ضعيفة فعقبال ما آلاقي مكانا أروحه وأخلص الشغل كنت بَقعد ساعة”.
مع تكرار تلك المشاكل التي واجهها “سيد” بدأت الشركة بخصم حوافز من راتبه قبل أن تُخبره بعدم إمكانية استمراره في العمل معهم بدوام كامل، موضحا: شغل الشركة مع جهات هامة وبعضها حساس، فلن تتحمل أضرار أخطائي، مُشيرا إلى أن زملائه من الإمارات والسعودية والبحرين، يعملون دون مشاكل.
ويروي آخر أنه فقد عدة عملاء له بليبيا، كان يعد لهم تصميمات وإعلانات تسويقية، قاموا بوقف التعاون معه، بسبب انقطاعات الإنترنت والكهرباء ، وهو أمر مستغرب لديهم في ليبيا، التي باتت مستقرة ولا تعاني من انقطاعات الكهرباء بعكس مصر حاليا.
يشار إلى أنه مر أكثر من 9 أشهر على خطة تخفيف الأحمال في يوليو 2023، فيما لم تحدد الحكومة المصرية موعدا محددا حتى الآن، للانتهاء من انقطاع الكهرباء اليومي.
وهذا الواقع الأليم الذي يجابه مئات الآلاف من الشباب المصري الذين يعملون بنظام الأون لاين، يقدم نموذجا مضادا لما يطنطن به السيسي ويحلم به، رغم الواقع المرير الذي أوصل مصر إليه.