رغم اتهامات حكومة الانقلاب للتجار..عصابة العسكر تتآمر مع كبار المنتجين لرفع الأسعار

- ‎فيتقارير

 

 

آثار عدم تراجع أسعار السلع والمنتجات عقب تحرير سعر الصرف كما وعدت حكومة الانقلاب حالة من الاستياء والغضب بين المصريين، الذين لم تعد قدراتهم الشرائية تسمح لهم بالحصول على احتياجاتهم الأساسية اليومية .

وانتقد المواطنون الاتهامات التي توجهها حكومة الانقلاب للتجار، والزعم بأنهم هم من يقفون وراء ارتفاع الأسعار، متسائلين أين دور حكومة الانقلاب في الرقابة على الأسواق ومعاقبة التجار الذين لا يلتزمون بخفض الأسعار ؟.

من جانبهم أكد عدد من التجار أن هناك عدة أسباب وراء عدم انخفاض الأسعار في الأسواق، أبرزها سيطرة كبار المنتجين التابعين لعصابة العسكر على الأسواق وتحكمهم في الأسعار هبوطا وصعودا كما يحلو لهم .

وقالوا: إن “تجار التجزئة قاموا بشراء كميات كبيرة من البضائع بأسعار مرتفعة خلال الشهور الماضية، ولم ينتهوا من بيعها بالكامل حتى الآن”.

وشددوا على أنه لا يمكن للتجار أن يبيعوا البضاعة التي اشتروها بأسعار مرتفعة خلال الشهور الأخيرة بأسعار منخفضة لمجرد أن الدولار انخفض سعره.

 

تجار التجزئة

 

حول هذه الأزمة قال أحمد هلال عضو شعبة الأجهزة الكهربائية باتحاد الغرف التجارية: إن “تجار التجزئة لا يملكون القدرة على تحديد أسعار السلع أو تخزينها، ورأسمالهم هو البضاعة الموجودة في محلاتهم، لأنه إذا قاموا بالتخزين فإنهم لن يستطيعوا الوفاء بالتزاماتهم”.

وأضاف «هلال» في تصريحات صحفية أن تاجر التجزئة وسيط بين المستهلك النهائي وصاحب السلعة سواء كان منتجا أو مصنعا أو مستوردا أو وكيلا، مشيرا إلى أن صاحب السلعة هو المتحكم الحقيقي في السعر كما يريد.

وأوضح أنه لا يمكن للتجار أن يبيعوا الأجهزة والبضاعة التي اشتروها بأسعار مرتفعة خلال الشهور الأخيرة بأسعار منخفضة لمجرد أن الدولار انخفض سعره، لأن الأساس كان الشراء بأسعار عالية، وهنا التاجر يكون أمام خيارين، الأول هو بيع السلع القديمة بالأسعار العالية ثم يشتري غيرها بأسعار أقل، حتى يستطيع أن يخفض أسعارها، والثاني هو شراء بضاعة جديدة بأسعار أقل، ثم عمل توازن في الأسعار بين الاثنين، مشددا على أنه فى ظل الركود الذي شهدته الأسواق الفترات الماضية وارتفاع تكاليف والتزامات التجار سواء مرتبات أو إيجارات وكهرباء وغيره، فإنه سيكون من الصعب شراء بضاعة جديدة.

وأشار «هلال» إلى أن السبب في رفع التجار للأسعار خلال الشهور الماضية بمجرد ارتفاع الدولار، هو زيادة المنتجين للأسعار بشكل يومي أو لحظي وإرسال بيانات بالأسعار الجديدة للتجار يوميا، أما بعد انخفاض الدولار فلم تتراجع الأسعار بالشكل المطلوب من المنتجين.

وأضاف: ما نحن فيه الآن سببه قرارات اقتصادية تم اتخاذها على مدار السنوات الماضية لم تأخذ حقها في الدراسة وصدرت بشكل أكاديمي نظري دون النظر إلى أرض الواقع، وأبرز مثال على ذلك قرار الاستيراد بالاعتمادات المستندية بدلا من مستندات التحصيل، دون توفير الدولار في البنوك، ما تسبب في أزمة كبيرة في الأسواق.

 

الدولار الجمركي

 

وأكد «هلال» أن الأسعار لن تنخفض بالشكل المطلوب إلا بعد نفاذ البضاعة التي تم شراؤها بأسعار غالية عندما كان سعر الدولار من 60 إلى 70 جنيها، بالإضافة إلى ضرورة حل مشكلة الدولار الجمركي الذي زاد بشكل كبير، كما أنه من المفترض ألا تتعامل كل السلع بنفس السعر، فالسلع الترفيهية كالسيارات وأكل القطط والكلاب وغيرها يجب التعامل معها بأعلى سعر للدولار الجمركي، بينما السلع الأساسية كالسلع الغذائية والأدوية والأجهزة الكهربائية المهمة لابد أن ينخفض فيها سعر الدولار الجمركي لمستويات أقل من السلع الترفيهية.

وطالب يضرورة حل مشكلة التسعيرة الاسترشادية في الجمارك التي ترفع سعر السلعة بشكل أكبر من الفواتير الموثقة المشتراة بها من الخارج لتحصيل جمارك أعلى عليها، قائلا: “لو استوردت سلعة والفواتير بتاعتها بتقول إنها بـ10 دولارات، فإن الجمارك تحدد سعر السلعة بما يعادل 20 دولار، فنعمل لك تحسين لسعرها علشان يبقى 20 دولار ويتم الحساب الجمركي على السعر الاسترشادي، وده معناه زيادة الأسعار في النهاية على المستهلك، وده بنعاني منه بقالنا 5 سنين”.

 

الأوفر برايس

 

وقال فتحي الطحاوي، عضو شعبة الأدوات المنزلية: إن “السبب في عدم خفض أسعار السلع بعد تراجع الدولار هو عدم خوف التجار من العقاب، كما نقول دائما “من أمن العقاب أساء الأدب”.

وأوضح «الطحاوي» في تصريحات صحفية أن المقصود هنا ليس عقاب حكومة الانقلاب فقط، وإنما العقاب من المستهلكين الذين يجب أن يمتنعوا نهائيا عن شراء المنتجات التي لم تنخفض أسعارها، وهذا سيكون أكبر عقاب للتجار والمصنعين، مشيرا إلى أن المتحكم فى الأسواق حاليا هو ظاهرة «الأوفر برايس» غير القانونية التي كانت مقتصرة على السيارات فقط، والآن أصبحت في أكثر من سلعة، وتسببت في موجة كبيرة من ارتفاعات الأسعار.

وطالب حكومة الانقلاب بأن تضرب بيد من حديد على أي سلعة بها «أوفر برايس» لأنها تعتبر الوجه الآخر للسوق السوداء، مؤكدا أن الأزمة تحتاج إلى وقفة من جميع الأطراف سواء المستهلكين بالإحجام عن شراء السلع التي لم يخفض منتجوها أسعارها، أو حكومة الانقلاب التي يجب أن تتدخل للقضاء على هذه الظاهرة.

وأشار «الطحاوي» إلى أن الأدوات المنزلية لم ترتفع أسعارها بنفس النسبة الكبيرة التي ارتفعت بها سلع أخرى كثيرة، وزادت بنسبة 30٪ إلى 40%، وعقب انخفاض أسعار الدولار هناك عدد من السلع تراجعت أسعارها، مثل المنتجات المصنعة من الاستانلس والخزف وغيرها بنسب تقترب من النسب التي ارتفعت بها، لافتا إلى أن السلعة التي كان سعرها 1300 جنيه أصبحت حاليا بـ1100 جنيه، لأنه رغم انخفاض الدولار إلا أنه تم زيادة الدولار الجمركي إلى 50 جنيها تقريبا بعدما كان 31 جنيها، وهذا أضاف أعباء على المستوردين قلصت أهمية انخفاض الدولار.  

 

الحل الأمثل

 

وقال الدكتور عبدالعزيز السيد، رئيس شعبة الدواجن باتحاد الغرف التجارية: إن “الأسعار ارتفعت بشكل كبير الفترة الماضية، بينما الانخفاضات لم تحقق رغبة المواطن، لأن البعض يرى أنه اشترى البضاعة بسعر مرتفع خلال فترة عدم توافر الدولار، وبالتالي لا يقوم بتخفيض أسعاره عندما يتراجع سعر الدولار، رغم أنه كان يرفعها بشكل يومي عندما كان الدولار يرتفع يوميا”.  

وأضاف «السيد» في تصريحات صحفية أن رئيس وزراء الانقلاب طلب من المنتجين خفض الأسعار 15٪ إلى 20%، بينما من المفترض أن تصل إلى 30% على الأقل، لأن الدولار حاليا أقل من 50 جنيها، وكان المنتجون يشترونه بـ65 و70 جنيها، وبالتالي الفارق أكبر من 15 جنيها، أي أن الأسعار يجب أن تنخفض بنسبة 30%.  

وأوضح أن المشكلة الأكبر من الدواجن هي أسعار البيض المغالي فيها بشكل غير طبيعي، ولا بد أن يكون انخفاض سعره في كل المحافظات وليس داخل شوادر المبادرات الحكومية فقط.

وعن تكلفة طبق البيض، قال «السيد»: إنه “عبارة عن 5 كيلو علف، أي 105 جنيهات، ومع إضافة 10 جنيهات هامش ربح يكون السعر الذي من المفترض أن يباع به للمستهلك 115 جنيها، متسائلا، «لماذا يباع بأكثر من 150 جنيها في الأسواق» ؟

وأشار إلى أن هناك عجزا في قطاع الأمهات البياضة، وبالتالي يلجأ أصحاب المزارع إلى عملية تسمى «القلش» أي إعادة الدورة الإنتاجية مرة أخرى وبدلا من بيع الدجاج الذى أنتج البيض، فإنهم يقومون بتجويعه وإعادة تدوير مرة أخرى، ووقتها تنتج بنسبة 60% فقط، ولكن بنفس تكلفة الدورة الأولى، وهذا قد يكون سببا في رفع الأسعار، لكن ليس بالشكل المبالغ فيه حاليا.

وشدد «السيد» على أن تكلفة كيلو الدجاج الفعلية حاليا مع إضافة هامش ربح، لا يجب أن تزيد على 75 أو 80 جنيها، بعد حساب تكاليف الأعلاف وثمن الكتكوت والأدوية البيطرية، والتدفئة والعمالة والكهرباء وغيرها.

وأكد أن الحل الأمثل لمشكلة أسعار الدواجن والبيض هو إنشاء بورصة حقيقية تستطيع أن تحدد تكلفة الإنتاج حسب المدخلات وهي سعر الكتكوت وتكلفة العلف والأمصال واللقاحات والتدفئة والعمالة والكهرباء، وبناء على الإعلانات الصادرة عن هذه البورصة يتم تحديد الأسعار ويلتزم بها الجميع، محذرا من أنه دون ذلك ستظل العشوائية هي المسيطرة على السوق.