مصر تتفوق على إسرائيل في التسليح وتنبطح أمامها.. فلماذا يجوع الفقراء؟

- ‎فيتقارير

كتبت- رانيا قناوي:

 

كشف موقع Business Insider الأمريكي خلال عرض أفضل 25 جيشًا في رسم بياني، وفقًا لمؤشر القوة العسكرية العالمي الذي صدر في أبريل الماضي (قبل أحداث مثل الغزو الروسي لأوكرانيا الشرقية في أغسطس وضربات "داعش" الصاعقة في العراق، والتصعيد بين إسرائيل وحماس)، أن حجم الإنفاق العسكري في مصر تفوق على الكيان الصهيوني.

 

وجاءت مصر في المركز الثاني عشر بعد كوريا الشمالية، متفوقة بذلك على الكيان الصهيوني الذي جاء في المركز السادس عشر، ودولة مثل دول النفط الغنية في العالم العربي، وهي المملكة العربية السعودية التي جاءت في المركز 24.

 

وبالرغم من تفاخر سلطات الانقلاب كونها إحدى أكبر الدول التي تنفق على التسليح العسكري، فإن حجم الإنفاق المبالغ فيه يكشف حجم الفساد في صفقات السلاح التي تسيطر عليها، خاصة في ظل سياسة الانبطاح التي تتبعها أمام الإملاءات الإسرائيلية، حتى إن سلطات الانقلاب وصلت في التفريط أمام إسرائيل عن التراب الوطني من خلال صفقة "تيران وصنافير" للسعودية، وحديث الوزير الإسرائيلي يوسف قرا عن اقتراح عبد الفتاح السيسي على الكيان الصهيوني توطين الفلسطينيين في سيناء.

 

ولعل حجم الإنفاق على صفقات السلاح في مصر يكشف النقاب عن تساؤلات عديدة أبرزها، "لماذا يزيد حجم الإنفاق العسكري بهذا الشكل، في ظل الانبطاح العسكري أمام الغرب الذي يعمل السيسي بالوكالة عنه في الحرب على الإسلام السياسي؟ فضلاً عن الانبطاح أمام الكيان الصهيوني؟ وتراجع الدور المصري في قضايا الامة العربية وأبرزها القضية الفلسطينية؟".

 

أثر صفقات السلاح في الاقتصاد

 

وعلى الرغم من الأزمات المالية التي تعصف بالاقتصاد المصري هذه الأيام وفي ظل انخفاضات حادة يشهدها الجنيه أمام الدولار، الذي وصل سعره لـ18 جنيهًا ويزيد،  تعاقدت سلطات الانقلاب  لشراء سفن حربية وقمر صناعي من فرنسا في صفقات تتجاوز قيمتها المليار يورو أي قرابة 1.12 مليار دولار"، فضلاً عن شراء أربع سفن للبحرية ستشيدها شركة (دي. سي. إن. إس) الفرنسية وبينها فرقاطتان من النوع الجديد، وسيتم توريد القمر الصناعي العسكري بالاشتراك بين شركة إيرباص سيبس سيستمز التابعة لمجموعة إير باص وشركة تاليس ألينيا.

 

وفي خضم الجوع واتساع رقعة الفقر وارتفاع معدلات البطالة وتخلي الحكومة عن دعم كثير من السلع الأساسية وتطبيق سياسات مالية من قبيل رفع الرسوم الجمركية على مئات من المواد والسلع الكمالية في البلاد بسبب شح الدولار في البنك المركزي، ماذا ستفيد الآلة العسكرية الاقتصاد المصري، كيف سيقضي أو يخفف من الأرقام العالية في مؤشرات الاقتصاد الكلية، في الوقت الذي لا تملك الحكومة أجوبة لهذه الأسئلة لأنها لا تسألها لنفسها أصلاً فالواقع يقول من خلال تصرفاتها أنها غير آبهة بكل ما يحدث على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي.

 

ويعد تحول الحكومة نحو هذه الصفقات دليل على توجه الحكومة المصرية نحو الإنفاق العسكري أكثر من الإنفاق الاستثماري والجاري، حيث أن الثابت للمصريين اليوم أنهم باتوا على يقين أكثر أن الحكومة غير مهتمة بتنمية الاقتصاد، وأن حقبة أخرى من حكم محمد حسني مبارك تدق الأبواب وأن أحلامهم بالتشغيل والقضاء على الفقر وعودة مصر دانة الدنيا قد يبقى حلمًا ينكسر أمام أعينهم.

 

وعقدت فرنسا مع مصر صفقة لتوريد 24 طائرة من طراز رافال التي تبلغ سرعتها في الارتفاعات العالية 2000 كيلومتر في الساعة، ومقاتلات بحرية من طراز "جوييد" عدد أربعة وهي مزودة بمنظومة صواريخ ميكا الاعتراضية متعددة المهام التي يمكن إطلاقها من البحر أو الجو، وحاملة طائرات "الميسترال" التي أتمت مصر شراءها من فرنسا خلال الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء الفرنسي لمصر.

 

بينما عقد مع الولايات المتحدة الأمريكية عدة صفقات عسكرية من أهمها تسلم 5 أبراج لدبابات من طراز أبرامز إم 1 إيه 1 والتي يتم إنتاجها بتعاون مصري أمريكي مشترك وهذه الدبابات يتم تجميعها في مصنع للإنتاج المشترك في مصر بعد تسلم قطع الغيار الخاصة بها من الولايات المتحدة الأمريكية، ومن ثم مروحيات أباتشي التي تسلمت مصر 10 منها وطائرات F16 ونظام المراقبة المتحركة لمراقبة الأوضاع على الحدود المصرية الليبية لمنع تسلل "الإرهابيين".

 

في حين عقدت مصر عدة صفقات سلاح مع روسيا شملت أسلحة هجومية وطائرات قتالية من أبرزها صواريخS300  وطائرات ميجM29 ، ومقاتلات سو30 وزوارق لاصواريخ MI-17 وقاذفات RPJ ودبابة تي 90 وطائرة ميج 35 والمقاتلة سو 30 كا وسوخوي 30.

ويقول خبراء: إن السيسي من خلال هذه الصفقات يغازل المؤسسة العسكرية التي وضعته على سدة الحكم بتزويدها بأحدث الأسلحة، أما اقتصاديًا وهو الأهم فليس بوسعنا أن نقول سوى إن صفقات السلاح هذه هي تسرب من مالية مصر نحو الخارج على أهداف غير تنموية لا تفيد الاقتصاد القومي بقدر ما تضره ولا تسهم في رفع معدلات النمو المنكّسة منذ سنوات ولن تزيد مصر إلا تخلفًا وتراجعًا إلى الوراء فليس بالقوة العسكرية تحيا الأمم.

 

في الوقت الذي يعتبر المستفيد الثاني بعد العسكر من خلال صفقات السلاح هي الشركات الأجنبية التي تقوم بتصنيع تلك المنتجات العسكرية وتوردها لمصر فتعم الفائدة على دولها وموازناتها ومواطنيها، ولا عزاء للفقير المصري الذي يصطف يوميا في طوابير طويلة للحصول على رغيف الخبز الذي سيطر عليه السيسي.

 

وكان قد كشف موقع Business Insider الأمريكي، تصدر تركيا المؤشر كونها أعظم قوة عسكرية في منطقة الشرق الأوسط، إذ تأتي في المرتبة الثامنة، بينما تحتل مصر المرتبة الثانية على صعيد منطقة الشرق الأوسط، والأولى عربياً، إذ يأتي ترتيبها الـ 12 بين دول العالم.

 

فيما تأتي إسرائيل كثالث أكبر قوة عسكرية في منطقة الشرق الأوسط بحلولها في المرتبة الـ 16 للمؤشر العالمي، تليها إيران كرابع أكبر بالمنطقة بحصولها على المركز الـ 21، تليها المملكة العربية السعودية في المرتبة الـ 24 على مستوى العالم، والخامسة بمنطقة الشرق الأوسط، والثانية بالمنطقة العربية.

 

وتحتل الجزائر المرتبة الـ 3 عربياً، والـ 26 عالمياً وفقاً للمؤشر، تليها سوريا في المركز الـ 36، وفي المرتبة الخامسة عربياً تأتي المملكة المغربية مجدداً، وفي الترتيب الـ 56 على المستوى العالمي، ثم دولة الإمارات العربية المتحدة في المركز الـ 58 عالمياً، تليها العراق في المركز الـ 59، واليمن بالمرتبة الـ 61 عالمياً، والثامنة عربياً.

 

ثم تأتي الأردن والسودان وليبيا في المراكز الـ 70، و71، و72 على مستوى العالم على التوالي، ثم تونس وعمان والكويت، متربعة على المراكز بين الـ 76، و78، ثم البحرين بالمركز الـ 91، وقطر في الـ 93، يعقبها في المركز الـ 95 عالمياً لبنان.

 

في حين تتصدر الولايات المتحدة العالم في الإنفاق العسكري، إذ تنفق ما يقرب من 600 مليار دولار سنوياً، فيما تأتي الصين في المرتبة الثانية من حيث الإنفاق، إذ تنفق ما يقرب من 160 مليار دولار- أي أقل من ثلث إنفاق أميركا بشكلٍ عام.

 

ووفقًا لتقرير صادر عن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (سيبري)، خفضت الولايات المتحدة ميزانية الدفاع بنسبة 7.8٪ بسبب الانسحاب الأميركي التدريجي من العمليات العسكرية من أفغانستان والعراق. ومع ذلك، فإن الميزانية المقترحة لدونالد ترامب تعاكس هذا الاتجاه المنخفض.

 

في الوقت نفسه، زاد الإنفاق الروسي على التسليح واستمرار تحديث معداتها العسكرية وتنفيذ التدريبات عالية الجودة لجنودها.

 

وعلى صعيد الشرق الأوسط، تعتبر السعودية أكثر الدول إنفاقاً على التسليح العسكري، بما يقارب الـ 60 مليون دولار، تليها تركيا بنحو 20 مليون دولار، ثم إسرائيل بما يصل لـ16 مليون دولار، ثم إيران بنحو الـ7 مليارات دولار، وأخيراً مصر، بما يقارب الـ 6 ملايين دولار.