كتب- رانيا قناوي
فضيحة جديدة لنظام "عيال زايد" بالإمارات وعلاقتهم بالكيان الصهيوني، كشفها تحقيق إسرائيلي، حول تاريخ صفقات السلاح بين أبوظبي وإسرائيل، والزيارات التي كان يقوم بها جنرالات إسرائيليون إلى الإمارات، وتوسّط بها رجل أعمال لهذا الغرض، ليتطرق التحقيق للعلاقات الخفية في نفس الوقت بين تل أبيب وسلطات الانقلاب في القاهرة.
الفضيحة أعدّها معلّق الشؤون الاستخبارية المخضرم يوسي ميلمان، ونشره مساء أمس الجمعة، موقع صحيفة "معاريف"، وجاء فيها إن رجل الأعمال الإسرائيلي متاي كوخافي، كان على مدى سنين، المسؤول عن التوسّط وإنجاز صفقات شراء السلاح، بين مجمّع الصناعات العسكرية الإسرائيلية، وإمارة أبوظبي، حيث حرص كوخافي على الاستعانة بعدد كبير من قادة متقاعدين في جهاز "الموساد"، وجهاز المخابرات الداخلية "الشاباك"، إلى جانب عدد من قادة أذرع الجيش الإسرائيلي السابقين.
يتزامن لك مع المعلومات التي كشفت علاقة حكام الإمارات بالكيان الصهيوني، والوساطة في زيارة محمد بن سلمان ولي العهد السعودي لتل أبيب سرا، فضلا عن تصريحات يوسف العتيبة سفير الإمارات بالولايات المتحدة الامريكية، التي يكشف فيها عن الشرق الأوسط الجديد الذي يقوم على العلمانية، ورفض أي تيار سماه بالتيار الأصولي.
ونقل الكاتب الصحفي صالح النعامي تفاصيل التحقيق المنشور على "معاريف" من خلال مقاله بصحيفة "العربي الجديد"، حيث كشف التحقيق عن هوية أحد القادة الذين استعان بهم كوخافي في إنجاز الصفقات، وهو قائد سلاح الجو الإسرائيلي الأسبق إيتان بن إلياهو، الذي قاد السلاح أثناء حملة "عناقيد الغضب" في جنوب لبنان عام 1996، كما كان كوخافي المسؤول عن التوسّط وإنجاز صفقات شراء السلاح بين مجمّع الصناعات العسكرية الإسرائيلية وإمارة أبوظبي.
وأشار التحقيق إلى أنّ كوخافي حرص على استئجار طائرة خاصة كانت تقلّ مساعديه والجنرالات الإسرائيليين إلى أبوظبي، حتى يتم الاتفاق على تفاصيل صفقات السلاح، مشيرًا إلى أنّ إنجاز كل صفقة، تطلّب وصول العسكريين الإسرائيليين إلى الإمارة العاصمة، حتى أن كوخافي نفسه أحرج إسرائيل عندما تباهى، خلال مشاركته في ندوة نظمت في سنغافورة، مؤخراً، بأنّه يقوم وفريق من كبار القادة الأمنيين والعسكريين بالتوسّط في إنجاز صفقات سلاح مع أبوظبي.
ليهاجم ميلمان، في تحقيقه، بشدة الرقابة العسكرية في إسرائيل، لإصرارها، ومنذ سنين، على عدم السماح لوسائل الإعلام بالتعرّض للعلاقات الأمنية المتطورة بين إسرائيل وأبوظبي، كما سخر من جهاز الرقابة العسكري الذي كان يبرّر عدم السماح بالكشف عن العلاقات مع أبو ظبي بالزعم أنّ السماح بالإفصاح عن هذه العلاقات، قد يشكّل خطراً على حياة القادة العسكريين الإسرائيليين الذين يتوجهون إلى الإمارة، متسائلاً عن رد الرقابة بعدما قام كوخافي نفسه بالإفصاح عن نمط التعاون القائم.
وأكد مليمان أنّ سلوك الرقابة العسكرية إزاء ملف العلاقة مع أبوظبي، يشبه سلوكها إزاء ملف العلاقة مع نظام عبد الفتاح السيسي في مصر، في رفض السلطات الإسرائيلية السماح لوسائل الإعلام في تل أبيب بالتعرّض لطابع التعاون الأمني والعسكري والاستخباري الواسع بين تل أبيب والقاهرة، على الرغم من وجود الكثير من المؤشرات عليه.
وكشف أنّ الرقابة تبرّر رفضها السماح بتغطية العلاقات السرية مع نظام السيسي بالقول إنّ مثل هذه الخطوة قد تؤثر على النظام وتمس باستقراره، مما يشكّل مسّاً بالأمن القومي الإسرائيلي.
وقال مليمان إنّ الرقابة العسكرية، ترفض تغطية التعاون الاستخباري بين القاهرة وتل أبيب، الذي تمثّل في قيام وحدة التجسس الإلكتروني الإسرائيلية (وحدة 8200) بتزويد الجيش المصري بمعلومات استخبارية يتم جمعها بشكل تقني عن تحرّكات قادة وعناصر تنظيم "ولاية سيناء" والمناطق التي يتجمعون فيها.
ودلل ميلمان على حديثه بأنّ وسائل إعلام أجنبية، نقلت عن مسؤولين إسرائيليين سابقين تأكيدهم أنّ طائرات إسرائيلية بدون طيار، تنفّذ غارات تهدف إلى قتل عناصر "ولاية سيناء". ليعاتب ميلمان السلطات الإسرائيلية بأنّ التذرع بالحرص على استقرار نظام حكم السيسي، ليس مقنعاً لتبرير التستر على التعاون الأمني والعسكري والاستخباري بين القاهرة وتل أبيب، مشدداً على أنّ هذا التعاون يقوم على مصالح مشتركة، مؤكدا أنّ الكشف عن مظاهر هذا التعاون، لن يدفع نظام السيسي لوقف التعاون مع إسرائيل، كما أنّه لن يجبر قادة أبو ظبي على وقف صفقات السلاح مع تل أبيب.
ولفت التحقيق إلى أنّ مؤسسة الرقابة العسكرية، التي تتبع شعبة الاستخبارات العسكرية "أمان"، باتت ذراع إسرائيل الذي يحدّ من حرية الصحافة، ويمس بحق الجمهور في المعرفة، مشيرا إلى أنّ التدريبات المسبقة التي قامت بها وحدة الكوماندوز البحرية الإسرائيلية المعروفة بـ "القوة 13"، والتي أُوكل إليها عام 2002 مهمة السيطرة على سفينة "كارين إيه" التي كانت تقل السلاح للسلطة الفلسطينية، تمّت بالتعاون بين الولايات المتحدة ودولة أخرى.
كما لفت ميلمان، في السياق، إلى أنّ إسرائيل ترفض بإصرار الاعتراف بقيامها بتزويد السلاح لدولة ميانمار، التي تتهم منظمات دولية جيشها بارتكاب جرائم حرب ضد أقلية الروهينغا المسلمة فيها.