ضمن العجز الذي يضرب اقتصاد مصر، في ظل حكم العسكر وعلى الرغم من مرور 11 عاما على نفس الحدود التي صدرها العساكر الانقلابيون للانقلاب على الرئيس مرسي، إلا أن الفشل الاقتصادي ومراكمة الأزمات على المواطنين المصريين ظل ملازما كل المصريين بكل طبقاتهم وأطيافهم ، وهو ما يؤرق الجميع ويضرب المجتمع في أواصره.
في هذا الإطار الكارثي، تبدأ الحكومة ، اليوم الاثنين، تطبيق قرار إغلاق المحلات التجارية والترفيهية في العاشرة مساء، في أنحاء البلاد، وسط حالة من الغضب، وتوقع خسائر فادحة لأصحاب المشروعات التجارية والصناعية والخدمية، التي تعاني ركودا في المبيعات والإنتاج، للعام الرابع تواليا.
وقررت الحكومة إغلاق المقاهي والمحلات التجارية والترفيهية ووقف الأنشطة بالأندية في العاشرة مساء، مع السماح لمحلات البقالة والمطاعم بالعمل حتى الواحدة صباحا، والصيدليات العمل بنظام التناوب لفترات ليلية.
وسبق أن اتخذ نظام السيسي نفس القرار ولم يستطع تطبيقه بفعل الأزمات الاقتصادية التي تضرب البلاد، ويحيط القرار غموض حول مصير الشركات والمصانع الصغيرة والمتوسطة التي تعمل لفترات ليلية، وتعاني تعدد فترات انقطاع التيار الكهربائي، على مدار اليوم.
وسبّب القرار المفاجئ ارتباك أعمال المحلات الترفيهية والأندية، التي عدلت جداول التشغيل بها في شهر مايو الماضي، لتتواكب مع فرض الحكومة “التوقيت الصيفي” الذي جعل الحياة العامة تبدأ في الثامنة مساء، وحتى الواحدة صباحا لكل الأنشطة التجارية والترفيهية، لتتناسب مع عادة المصريين في كل المحافظات، والسائحين العرب في قضاء أوقاتهم خلال فصل الصيف شديد الحرارة.
خسائر للسياحة والتجارة
وأثار القرار اعتراضات واسعة، بين أصحاب المحلات السياحية والعامة على القرار، لتسببه زيادة تكاليف التشغيل، في وقت يعانون فيه خسائر فادحة جراء قطع التيار لعدة ساعات يوميا، وعدم انتظام فترات الانقطاعات، ولجوء الجهات الحكومية إلى تخيف الإضاءة في الميادين والشوارع، بما يثير مخاوف لدى المواطنين من التجوال في الأماكن التجارية والعامة ليلا، في ذروة الإجازات الصيفية وارتفاع الطلب على المشتريات.
تفرض الحكومة عقوبات مالية، تصل إلى إلغاء التراخيص بالعمل والسجن في حالة عدم التزام أصحاب الشركات بقرارات الإغلاق.
ينص قانون المحلات العامة على أنه في حالة عدم التزام أصحاب المحلات بالآداب العامة، أو مخالفة شروط السلامة والصحة المهنية والحماية المدنية وتشكيله خطرا على الأمن العام، يتم تغريم كل مخالف بمبلغ لا يقل عن 20 ألف جنيه ولا يزيد عن 50 ألف جنيه ، وفي حالات التكرار تكون العقوبة بالحبس لمدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد عن سنة.
ووفق شهود عيان، فإن تطبيق الإجراءات الإدارية، في بداية تنفيذها تشهد عادة حملات أمنية مكثفة، وتوقيع غرامات جزافية، تسبب خسائر الكساد وزيادة الرسوم والضر ائب والإتاوات الحكومية المتعددة.
كما أن حالة الركود في السوق لا تشجع التجار على المخاطرة باستمرار منافذ البيع، بعد المواعيد الرسمية، خاصة أن القانون يمنح السلطات تغيير النشاط التجاري، وسجن صاحب المحل، وهي عقوبات لا يمكن لمواطن أو صاحب مشروع أن يتحملها، مهما كثر العائد من ورائها.
الأوكازيون الصيفي
ومع قرار السيسي اغلاق المحال التجارية ، في العاشرة، تتفاقم أزمات التجار قبل أيام من من الاستعداد للاوكازيون الصيفي، حيث يواجه اصحاب أنشطة مستلزمات المدارس والمكتبات والملابس، والمعارض التي ستشارك بعد أيام في موسم التخفيضات الصيفية، أزمات عديدة.
إذ إن الضرر الأكبر سيقع على العمال الذين يعتمدون على الحوافز التي يجنونها من زيادة المبيعات، ولا سيما أن أغلب المشترين يفضلون التسوق في الفترة المسائية التي تبدأ من السابعة وتنتهي في الثانية عشرة ليلا، خلال الصيف.
كما يبدى أعضاء الغرف والمحلات السياحية تهكمهم من قرار إغلاق المحلات العامة والمقاهي في العاشرة ليلا، مشيرين إلى أن عمل تلك المحلات يبدأ بعد العاشرة مساء، ولا ينتهي قبل الثانية صباحا، ومنهم من يواصل العمل حتى شروق شمس اليوم التالي مستفيدين من إقبال المستهلكين والسياح على الأنشطة الترفيهية في المناطق السياحية والشاطئية بالمحافظات، والأماكن التي توفر فرص عمل هائلة لطلاب الجامعات والعمال خلال فصل الصيف.
ويطالب أصحاب تلك الأنشطة الحكومة باستثناء المحلات السياحية والمدن الشاطئية، من قرار الإغلاق، حتى لا تضطر الشركات إلى تسريح العمالة الموسمية التي تستعين بها خلال موسم السياحة الصيفية.
ويبدي مديرو المحلات السياحية دهشتهم من فرض الحكومة والسلطات المحلية، رسوما هائلة على تشغيل أنشطتهم، على شواطئ النيل وبورسعيد ورأس البر والإسكندرية الشهر الماضي، مقابل السماح بالعمل حتى الثانية ليلا، مشيرين إلى أن القرار سيصيبهم بخسائر فادحة، مع صعوبة تسويق أعمالهم في الفترة النهارية التي تشهد انقطاعات مستمرة في التيار الكهربائي، تصل إلى أربع ساعات يومياً.
مصاعب أخرى
ويواجه قطاع المحال والشركات الصغيرة العديد من الصعوبات المالية والتجارية، وسط معاناة شديدة، من نقص حاد في موارد النقد الأجنبي وارتفاع مبالغ في سعر الصرف، خارج الجهاز المصرفي، وتأخر الإفراجات الجمركية علاوة على التضخم وتداعيات الطلب وارتفاع تكاليف الإنتاج.
وهو ما يعني مزيدا من الأزمات الاقتصادية مع تطبيق قرار الإغلاق المبكر، وهو ما يرفع بدوره من حجم الأزمة الاقتصادية في البلاد التي تعاني دوامة مغلقة من الفشل الاقتصادي في ظل حكم العسكر.