مع تراجع الجنيه أمام الدولار..توقعات بموجة غلاء جديدة تجتاح الأسواق المصرية

- ‎فيتقارير

 

مع عودة ارتفاع أسعار صرف الدولار الأمريكي مقابل الجنيه المصري في السوق المصرفية خلال الأيام القليلة الماضية، حيث بلغت قيمة الدولار 48،48 جنيها، سادت تخوفات بين خبراء الاقتصاد من تأثير ذلك على ارتفاع أسعار مختلف السلع الغذائية والأساسية، متوقعين أن تشهد الأسواق المصرية موجة غلاء جديدة رغم ما يعانيه المواطنون من ارتفاع الأسعار.

تأتي هذه الارتفاعات مع بدء العام المالي الجديد بفاتورة دعم مرتفعة للغاية، وأعباء مالية ضخمة، وسط تحديات زيادة أسعار النفط عالميا من جانب، والحاجة لمزيد من استيراد المنتجات البترولية من جانب آخر، لتلبية متطلبات التشغيل الصناعي وتوليد الكهرباء، وهو ما دفع إلى توقع الأوساط الاقتصادية حدوث تحريك وشيك لأسعار المنتجات البترولية بواقع جنيه مع تثبيت سعر السولار في ظل ارتفاع معدل التضخم.

كان سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الجنيه المصري قد سجل في البنك المركزي المصري 48،47 جنيها، بينما سجل في البنك الأهلي المصري 48.27 جنيها للشراء و  48.37 جنيها للبيع، مما أثر على معدلات أسعار السلع.

 

ارتفاع الأسعار

 

من جانبها اعترفت وزارة مالية الانقلاب ، بوجود تداعيات سلبية كبيرة تمثل ضغوطا شديدة على الموازنة العامة لدولة العسكر ناتجة عن التحديات الاقتصادية العالمية والإقليمية، مؤكدة أن هذه الضغوط تسببت في ارتفاع تكاليف التمويل وزيادة أسعار السلع والخدمات بشكل غير مسبوق خاصة مع اتباع الدول للسياسات التقييدية، وما يترتب على ذلك من ارتفاع أسعار الفائدة في محاولة لاحتواء المعدلات الحادة للتضخم.

وقالت مالية الانقلاب: إنها “تتطلع إلى المزيد من الدعم والتعاون مع البنك الدولي في قطاعات الحماية الاجتماعية، والتعليم والصحة والتأمين الصحي الشامل، للإسهام في تخفيف الأعباء المعيشية عن المواطنين وتلبية احتياجاتهم الأساسية والتنموية وفق تعبيرها.

 

فواتير الكهرباء والمياه والغاز

 

من جهته أكد الخبير الاقتصادي الدكتور عبد النبي عبد المطلب وكيل وزارة التجارة والصناعة، الأسبق أن تأثير ارتفاع الدولار أصبحت معروفة فكل السلع الغذائية والأساسية والخدمات تتأثر بالدولار، مشيرا إلى أن المأساة ،إن كل تحرك طفيف في سعر الدولار إلى الأعلى يقابله ارتفاعات كبيرة في أسعار السلع في مصر.  

وقال عبد المطلب في تصريحات صحفية: إنه “حتى لو انخفض سعر الدولار قليلا تأخذ أسعار السلع الغذائية والأساسية وقتا حتى تعود إلى طبيعتها أو أقل من السعر المتداول، وجميعنا يذكر ما حدث في الفترة من ديسمبر 2023 حتى نهاية مارس 2024 وإرتفاع الدولار ثم معاودته الانخفاض في شهر مارس، لكن السلع لم تعد بمستواها الطبيعي وتراجعت بمعدلات طفيفة في يونيو الماضي ثم عادت للارتفاع مرة أخرى”.

ونوه إلى أن هناك تخوفات الأيام الحالية من أن يؤدي ارتفاع سعر الدولار إلى ارتفاع أسعار السلع المختلفة، معربا عن أمله في أن تتمكن الأسر المصرية من الحصول على احتياجاتها في مواجهة ذلك رغم الصعوبة الكبيرة لارتفاع فواتير الكهرباء والمياه والغاز، مما يثقل كاهل الأسر خاصة في أشهر الصيف مع ثبات الدخول.

 

تكاليف الإنتاج

 

وأرجع الخبير الاقتصادي الدكتور سيد خضر ، تأثير إرتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الجنيه المصري على أسعار السلع الأساسية، إلى اعتماد مصر على استيراد أغلب الخامات المستخدمة فى التصنيع المحلي، مما يرفع من تكلفة المنتج التهاني، لافتا إلى أن أزمة ارتفاع سعر الدولار وغلاء الأسعار  تعد مسألة معقدة ومتعددة الأسباب، ويمكن أن تتأثر بها العديد من العوامل الاقتصادية والسياسية.

وقال خضر في تصريحات صحفية: إن “ارتفاع سعر صرف الدولار يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج، موضحا أنه عندما تزداد تكاليف الإنتاج للشركات، فإنها قد تزيد أسعار منتجاتها لتعويض هذه الزيادة، وتحدث زيادة في تكاليف المواد الخام أو الطاقة أو العمالة، مما يتسبب في ارتفاع الأسعار بالسوق المحلي”.

 

سيناريوهات

 

حول تحريك أسعار الوقود كشفت مصادر بحكومة الانقلاب ، إن القرار يتم دراسته، ولكن التوقيت لا يمكن الإعلان عنه، إذ يظل خارج إطار عمل لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية.

وقالت المصادر: إن “الارتفاع الكبير لفاتورة الدعم مع تحريك سعر العملة ووجود ارتفاع حالي لأسعار النفط عالميا سيدفع نحو سيناريو زيادة الأسعار لعدم الضغط على الموازنة العامة لدولة العسكر، ولكن لا يزال القرار النهائي هو قرار سياسي من الدرجة الأولى”.

وتوقعت أن تكون الزيادة في حدود جنيه واحد مع الاتجاه نحو تثبيت سعر السولار للسيطرة على التضخم، مشيرة إلى أن احتياجات قطاع الكهرباء في حالة تزايد مستمر مع وجود فجوة في الإنتاج المحلي وحجم الاستهلاك، إذ تحتاج وزارة كهرباء الانقلاب شهريا وقود لمحطات توليد الكهرباء بنحو 15 مليار جنيه وهو مبلغ ضخم للغاية.

وأشارت المصادر إلى أن هناك قرارا بإرجاء زيادة أسعار الكهرباء في الشهور الأولى من العام المالي لحين احتواء أزمة انقطاع الكهرباء، مؤكدة أن لجنة تسعير الوقود تدرس عدة مقترحات وسيناريوهات تم إعدادها من قبل ممثلي وزارة بترول الانقلاب وبعض الجهات المعنية، وهي:

السيناريو الأول: تحريك أسعار البنزين وأسطوانات البوتاجاز، وتثبيت السولار؛ لحماية فئة متوسطي ومحدودي الدخل ولمنع تحريك أسعار باقي القطاعات الاستهلاكية وتعريفة النقل والشحن.

السيناريو الثاني: تلجأ حكومة الانقلاب إلى سيناريو تأخير تحريك تعريفة الوقود مُراعاة للبعد الاجتماعي للمواطنين.

السيناريو الثالث: تخفيض أسعار الوقود، لكنه سيناريو مُستبعد حاليا نظرا لتدبير 25% من احتياجات البلاد عبر الاستيراد من الخارج بالدولار.

 

في هذا السياق أكد الخبير الاقتصادي الدكتور خالد شافعي ، أن توقيت تحريك أسعار الوقود غير ملائم تماما في ظل ارتفاع التضخم واستمرار تحقيق مستويات قياسية.

وطالب شافعي في تصريحات صحفية حكومة الانقلاب بإرجاء تلك القرارات لحين استقرار أسعار الصرف وتراجع التضخم، مشددا على ضرورة توفيرآليات رقابية سريعة للسيطرة على التضخم قبل استكمال الإصلاح الهيكلي وخفض الدعم لحماية محدودي الدخل.