أهالي الريف توقفوا عن الإنتاج… موجات الغلاء في زمن الانقلاب الدموي أفسدت حياة المصريين

- ‎فيتقارير

 

 

موجات الغلاء المتواصل في زمن الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي أفسدت حياة المصريين، ودفعتهم إلى التوقف عن الإنتاج في كل المجالات، بسبب تكلفة الإنتاج التي لا يتحملونها، حتى المشروعات الصغيرة والمنتجات المنزلية في القرى، والتي كان الريفيون يتعيشون عليها ويعتمدون على عوائدها توقفت.

 وترك سكان القرى الكثير من عاداتهم وتقاليدهم وأعرافهم القديمة، فتركت نساء الريف تربية الطيور على أسطح المنازل، بسبب غلاء أسعار الأعلاف والذرة، كما أخفى الغلاء خلف أنيابه رفاهية المأكل، فحرم أسر الريف من إنتاجهم سواء من الطيور أو بيض المائدة أو منتجات الألبان، فأصبحت نساء القرى يأكلن خبز التموين، وأطفأن الأفران، وهجرن تربية الطيور ورؤوس الماشية.

وكان أقل بيت في القرى قبل زمن العصابة تجد فيه البيض البلدي والسمن والخبز البلدي و« البتاو» والجبن، أما الآن فلا أحد يستطيع تحمل تكلفة تربية الطيور، فالغلاء حرم أهل القرى من كل هذه الخيرات.

 

غلاء الأعلاف

 

حول هذه الأزمة قالت «أم عبيد» أرملة خمسينية  وأم لابنتين وولد، تعمل في تجارة «الطيور والأرانب»: إنها “خرجت إلى العمل منذ سنوات طويلة بعد وفاة زوجها، الذي كان يعمل سائقا لعربة كارو، لنقل مواد البناء بين القرى، إلى أن توفي في حادث سير أثناء عمله، بعد 12 عاما من الزواج”.

وأضافت «أم عبيد» في تصريحات صحفية، أهل زوجي يعملون في تجارة الطيور بمختلف أنواعها، وهي مهنة متوارثة عندهم عن أجداد الأجداد، و«سلفي الأكبر وزوجته» يعملان بها منذ نعومة أظافرهما فـهما أبناء عمومة، ومع وفاة زوجي خرجت مع حماتي وسلفي، وبدأت علاقتي مع السوق والتُجار، وبمرور الوقت قسمنا العمل بيننا وأصبحت أعمل في تجارة الحمام والأرانب بشكل أساسي إلى جوار الدواجن البلدي والبط والأوز.   

وتابعت، نذهب إلى أسواق صفط اللبن وسوق الجمعة وأسواق قبلي العياط وبني سويف، نشتري الطيور بمختلف أنواعها من الفلاحين في أسواق القرى، وفي المواسم تختلف الأسعار عن الأيام العادية، مشيرة إلى أن أهل القرية يعرفون المنزل ويأتون إلينا في غير أيام الأسواق، ونعمل أربعة أيام في الأسبوع من الثلاثاء إلى الجمعة.

وكشفت «أم عبيد» أن الطيور قلت والناس أغلبها لم تعُد تُربي في المنازل، بسبب غلاء الأعلاف والقمح والذرة، وأسعار الطيور في السماء الكتكوت البلدي عمر يوم وصل سعره لـ20 جنيها، والبط بمختلف أنواعه أغلى نوع كان الجوز بـ 20 جنيها، وصل لـ70 جنيها، وذلك أثر على حركة البيع، زمان كنا ننزل أي سوق بالعربية محمل عليها 20 قفص طيور، الآن لو كملنا قفصين نحمد الله.

وأكدت أن، الناس خائفة من الغلاء ومن بكره، وكثيرون يسألون عن الأسعار ويمرون مرور الكرام دون شراء، مشيرة إلى أن حركة البيع واقفة .

 

تجارة الطيور

 

وقال عاشور رشدان، تاجر طيور بالجيزة: إنه “يعمل في تجارة الطيور وجمع البيض من أهل القرية، منذ أن كانت بيوت العائلات في القرى لها دوار، ويعمل لديهم الأنفار بأعداد كبيرة كما نرى في الأفلام القديمة، لم تكن هناك أسواق للطيور في القرى قديما، موضحا أن التاجر كان يذهب إلى بيوت الفلاحين الذين يُربون رؤوس الماشية ولديهم حيازات زراعية بعشرات الأفدنة، ومن الطبيعي أن يربوا الطيور بمختلف أنواعها”.

وأضاف «رشدان» في تصريحات صحفية عملت في تلك المهنة طيلة سنين عمري وإلى الآن، قديما لم نشعر بالفقر رغم قلة المال ولم نمر بمثل تلك الأيام، كان الفلاح الغني لديه ما يكفي حاجته ويزيد حتى يُغرق سوق المدينة بمختلف الطيور، والفلاح الفقير لديه مختلف أنواع الطيور في بيته، وإن لم يعمل في الأراضي أو مع عمالة البناء يأكل من خير بيته، موضحا أن الأراضي الزراعية كان إيجار القيراط لا يتجاوز الـ300 أو 400 جنيه منذ ثلاث سنوات، وكل فلاح في القرى كان يستأجر فدانا أو نصف فدان، حسب قدرته المالية من أصحاب الحيازات الزراعية الكبيرة، ويزرع القمح والذرة والبرسيم وكل المحاصيل التي يحتاجها بيته، الآن الغلاء أكل خير الفلاحين وخرج ناس كثيرون من الزراعة وتربية الطيور .

وكشف أن سعر إيجار قيراط الأرض وصل في بعض المناطق إلى 1600 جنيه متساءلا، الفلاح من غير دخل، كيف سينفق على الأرض واحتياجاتها وإيجارها؟، وفي النهاية لن يكسب ما يغطي هذه التكالف، لذلك تركوا الأرض لأصحاب الحيازات، ومن هنا قلت المحاصيل في بيوت الفلاحين وقلت الطيور، وذهب الخير والبركة، وطال الفقر الغنى والفقير .

 

الفطير والرقاق والخبز

 

وقالت أم أحمد عبدالمجيد، امرأة ستينية من العياط، تعمل في صناعة الفطير والرقاق والخبز المنزلي وتبيعه في الأسواق: إنها تبدأ يومها من الساعة الثانية بعد منتصف الليل، حيث تقوم بنخل الدقيق وتحضير عجين الفطير والرقاق بمساعدة فتياتها الثلاث وتسويته في الفرن”.  

وأضافت أم أحمد في تصريحات صحفية، كنت أكبر أخواتِى البنات، وأمي كانت تخبز في بيوت الفلاحين بالكيلة سواء قمح أو ذرة، فكانت تذهب كل يوم إلى بيت من بيوت القرية أو القرى المجاورة، بعد الاتفاق معهم على ثمن خبيز عدد الكيلات، وكان الخبيز في الفرن الطين، وورثت هذه المهنة عنها .

وتابعت، بعد زواجي منعني زوجي عن ممارسة المهنة، إلى أن ماتت أمي التي كانت تساعدني بالقوت وتدهور حال زوجي مع كثرة أبنائي، وبدأت أفكر في العمل، ولكني لا أتقن غير خبيز العيش البلدي والباتو والفطير والرقاق، لكن زوجي أصر على موقفه القديم، وبعد فترة اقترحت عليه أن نبيع بعض كيلات من الغلة ونشتري «الدقيق الزيرو» لعمل الفطير والرقاق و«المبروم» وأبيعه في سوق القرية.

وأشارت أم أحمد إلى أنه مع قدوم أفران الغاز قل اعتماد الناس على خبز الفرن البلدي، وبدأت الناس تستسهل وتشتري عيش الحكومة وقل إقبال الناس على العيش البلدي في القرية.