في الوقت الذي تواصل فيه أثيوبيا العمل بقوة وانتظام في تحقيق حلمها الذي يقزم مصر ويعطش شعبها، دون اكتراث بحقوق مصر التاريخية أو متطلبات شعبها الإنسانية، في حصته من المياه، وصلت الإنشاءات الأثيوبية حاليا إلى مرحلة الملء الخامس.
ووفق تقارير متخصصة، وصلت إثيوبيا إلى المنسوب النهائي للملء الخامس للسد، قبل الموعد المحدد في العاشر من سبتمبر المقبل، وسط تراجع إيرادات مصر من حصتها من مياه النيل لأكثر من 30%، إذ بدأ التعويض من بحيرة ناصر الاصطناعية، والمعروفة ببحيرة السد العالي.
بينما تلتزم حكومة السيسي الصمت، وتتمسط بالأحاديث الدبلوماسية، التي ثبت فشلها طوال عشر سنوات من الفشل المصري بمفاوضات سد النهضة.
وعلى طريقة النعامة، حينما تشعر بالخطر تضع رأسها في الرمال، يواصل السيسي صمته المخزي، ولكنه يعيش حياته مع حكومته وضيوفه من خونة العرب، الذين باتوا شركاء في أراضي مصر ومصانعها وشركاتها، يتنعمون بشواطئ العلمين وقصورها الرئاسية، مستمتعين بالمهرجان العالمي “العالم علمين” لمدة خمسين يوما، لنهاية فصل لصيف، بينما أغلب المصريون يعانون انقطاعات المياة والكهرباء، وتدور بالشوارع حروب الجراكن، في العديد من المدن المصرية، في القاهرة والجيزة والبحيرة ومرسى مطروح والإسكندرية.
وفي الوقت الذي يتمسك فيه رئيس وزراء السيسي، مصطفى مدبولي بالحوار وحسن الجوار وعدم التحرك في ملف سد النهضة إلا بهدوء وحسابات دقيقة، كما ورد في مؤتمره الصحفي، يوم الثلاثاء الماضي، تؤكد تقارير موثوقة، إن إثيوبيا انتهت من نحو 85% من الملء الخامس، فيما تضررت الحصة المصرية حتى الآن، وفقا لتقديرات رسمية، بنسبة تتراوح بين %20 إلى 30%.
ووفق مراقبين، فإن الحكومة المصرية تتجه إلى اللجوء لمخزون بحيرة ناصر لتعويض العجز في الحصة المصرية، جراء عملية ملء السد الإثيوبي، على أمل تعويض الكميات المصروفة من بحيرة ناصر في مرحلة لاحقة عقب تجاوز صدمة النقص الحاد في الحصة المصرية.
والأدهى من كل لك أن أثيوبيا تنفذ عملية الملء الخامس واستكمال عمليات البناء التي تجاوزت 95% بينما لا توجد أي اتصالات، سواء مباشرة أو غير مباشرة، بين القاهرة وأديس أبابا منذ الإعلان الرسمي عن فشل آخر جولات التفاوض.
والغريب أنه في الوقت الذي لا تتناول فيه وسائل الإعلام المصرية قضية سد النهضة، في ظل وقف جميع برامج الـ”توك شو” المصرية في القنوات التابعة لـ”الشركة المتحدة” المملوكة لجهاز المخابرات العامة، والتعتيم على الحديث عن منسوب المياه في بحيرة ناصر، اكتفت القاهرة، على الأقل في العلن، بالإجراءات الرسمية، إجراءات مثل مخاطبة الاتحاد الأوروبي وواشنطن، من أجل الحصول على تعويضات مالية ومنح، تحت بند تعويض العجز المائي، والذي تسبب في أضرار على نطاق واسع، إذ احتج فلاحون في محافظات مصرية مختلفة، منها الفيوم، بسبب جفاف الأراضي لعدم وصول مياه الري.
ووفق أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، فإن مخزون بحيرة سد النهضة الإثيوبي، وصل إلى نحو 45 مليار م3، بزيادة قدرها نحو 4 مليارات م3 منذ بدء التخزين في 17 يوليو الماضي.
كما أنه من المتوقع أن يستمر التخزين حتى الأسبوع الثاني من سبتمبر المقبل، للوصول إلى منسوب 640 مترا فوق سطح البحر، بإجمالي تخزين 64 مليار م3.
ووفق الخبير المقرب من الانقلاب العسكري، عباس شراقي فإن كل متر مكعب يخزّن في إثيوبيا، هو خصم من الإيراد المصري.
لافتا إلى أنه يتم صرف الاستخدامات اليومية كاملة للمواطن المصري خلال فترة التخزين في السد الإثيوبي من بحيرة ناصر، بصرف النظر عن الوارد من إيراد النيل.
وتهدد تللك الأوضاع الزراعة المصرية في قتل، كما تصيب المصريين بالعطش والجوع والفقر حتما، في ظل توجيه الحكومة استثماراتمالية كبيرة لتحلية مياه البحر وتنقية مياه الصرف الزراعي والصحي وإعادة استخدامها، رغم مضارها الصحية والبيئية.
ويأتي كل ذلك والجيش المصري مدجج بالأسلحة، ويحتل المرتبة الأولى في القوة العسكرية بالمنطقة والقارة الأفريقية، ولا يجرؤ السيسي على مجرد التهديد باستخدام العمل العسكري، لحماية الأمن القومي المصري، الذي تتلاعب به أثيوبيا كالكرة، غير عابئة، فيما النعامة، يغطس في العلمين مع بن زايد، الذي يبتلع مصر في جيبه ، مقابل أموال يدفعها للسيسي، ولا تعود على المصريين بالنفع.