كشف رئيس هيئة الدواء المصرية علي الغمراوي، الخميس الماضي، أن لدى الهيئة خطة لزيادة أسعار 3 آلاف صنف دوائي، من أصل 15 ألف صنف متداول في السوق المحلية، على وقع تراجع قيمة الجنيه مقابل الدولار من نحو 31 جنيها إلى ما يزيد على 48 جنيها، وما صاحب ذلك من ارتفاع في تكلفة الإنتاج.
وأضاف الغمراوي، في مؤتمر صحافي استعرض فيه جهود توفير الدواء، أن الهيئة لم تحدد نسبة بعينها لزيادة أسعار الأدوية، وإنما تراجع كل صنف على حدة ارتباطا بالمكون الدولاري اللازم لإنتاجه، مع الأخذ بالاعتبار البعد الاجتماعي في زيادة الأسعار، وضمان تحقيق شركات ومصانع الأدوية للأرباح، وأكد أن 81 صنفا تتصدر قائمة الأدوية الناقصة، وهي أزمة تعود إلى سوء التوزيع بين المحافظات، الأمر الذي يتطلب تغيير سياسة توزيع الدواء في مصر من رأسية إلى أفقية، بمعنى توفير عدد عبوات أقل من الأدوية على عدد أكبر من الصيدليات.
وزاد الغمراوي قائلا: إن “مصر تحتاج إلى نحو 100 مليون دولار شهريا لتوفير مستلزمات الإنتاج والمواد الخام المرتبطة بصناعة الدواء، وعدم توافر هذا المبلغ كان وراء أزمة نقص الأدوية خلال الفترة الماضية، مؤكدا أنه لا يمكن التلاعب بالمواد الخام المستخدمة في إنتاج الدواء، بسبب الرقابة الصارمة على سلامة المنتجات الدوائية وجودتها”.
وأفاد الغمراوي بأنه يجري سحب عينات عشوائية من أي منتج دوائي، وتحليلها في معامل الهيئة، وفي حال اكتشاف أي تغيير، ولو بسيطا، في المنتج، فإنه يسحب فورا من الأسواق.
وحول أزمة مرضى السكر، تعهد بتوفير خمسة ملايين عبوة مستوردة من الإنسولين خلال ستة أشهر، بالإضافة إلى إتاحة الأصناف الناقصة من المضادات الحيوية وأدوية الأمراض المزمنة مثل السكري وارتفاع ضغط الدم، وذلك خلال فترة أقصاها ثلاثة أشهر.
أكاذيب لامتصاص غضب الشعب
وتكشف تصريحات الغمروي عن خلل كبير، إذ سبق وتعهد وزير الصحة بحل أزمة نقص الأدوية خلال ثلاثة شهور،دون أن يحددها، وهو نفس الأمر الذي تعهد به رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، دون تحديد موعد لنهاية الأزمة.
وتكشف التصريجات عن جريمة يقترفها النظام الحاكم بحق المرضى المصريين، ففي الوقت الذي ينفق فيه مليارات الدولارات على مشاريع كباري يقوم بهدمها لاحقا، وشق طرق بالصحراء ، وإنشاء سكة قطارات جديدة بمليارات الدولارات، يضن على المصريين بـ100 مليون دولار ، لتوفير المواد الخام اللازمة لصناعة الأدوية، وهو ما يرقى لمستوى الجرائم الإنسانية، إذ يتسببب نقص الأدوية في قتل ملايين المرضى، وتدهور حالتهم المرضية.
ولعل نفس المنطق الحكومي، في التعامل مع نواقص الأدوية يتطابق مع منطق الحكومة في أزمة نقص الغاز الطبيعي للازم لتشغيل محطات توليد الكهرباء، الذي كان يحتاج لنحو مليار دولار سنويا، وضن به السيسي عن المصريين، ولم يتحرك إلا بعد توجيهات أمنية، بتصاعد الغضب الشعبي ضد السيسي نفسه، بما يهدد نظام الحكم، فتحرك، النظام ووده باستيراد الغاز، خوفا على كرسي السيسي، وليس حبا للشعب أو مراعاة لمصالحه.
وهو ما يتكرر في كافة الملفات الاستراتيجية، التي تهم بقية الشعب المصري.
أزمة ممتدة
وتفاقمت أزمة نقص الأدوية في مصر، ومعاناة المواطنين من عدم توافرها في الصيدليات، خلال الأشهر الأخيرة، بسبب توقف الشركات عن إنتاج نحو ألف صنف دوائي، رغبة منها في زيادة أسعارها لارتفاع أسعار المواد الخام المستخدمة في صناعتها، والمستوردة في أغلبها من الخارج.
ويشهد سوق الدواء المصري تراجعا حادا في أصناف الأدوية والمستلزمات الطبية المستوردة، في المستشفيات العامة والخاصة على حد سواء، إذ يتركز النقص في أدوية السرطان والأمراض المزمنة والكيميائية والبيولوجية، ولا سيما المنتجة في الولايات المتحدة وأوروبا.
أزمات معيشية عديدة
وتترافق أزمة الدواء مع العديد من الأزمات، ما رفع أسعار الغذاء والطاقة وانفلات أسعار المواصلات والخدمات الحكومية، ما يفاقم معاناة الشعب المصري.
كما تتزامن أزمة الدواء مع ارتفاعات أسعار الخدمات الصحية والعلاج بالمستشفيات الخاصة، واتجاه الحكومة لتأجير المستشفيات الحكومية ، وتراجع خدمات التأمين الصحي، لغياب المستلزمات الطبية والأدوية، وهجرة الأطباء لتدني رواتبهم وعدم حمايتهم من البلطجة الحكومية والاعتداءات بالمستشفيات والمراكز الصحية، بجانب ارتفاع الرسوم والضرائب على الأطباء وعياداتهم الخاصة والإجراءات الطبية التي يقومون بها بالمستشفيات الخاصة والحكومية، وهو ما يعجل بهلاك ملايين المصريين، في وقت ينعزل فيه الأثرياء والعسكريين بمستشفياتهم الخاصة والعسكرية، التي يتوافر لها كافة الخدمات الصحية والطبية بالمجان، أو بخصومات خاصة.