قالت ورقة بعنوان “تصديق جوبا على اتفاقية مياه النيل: الأسباب والتداعيات”: إن “إعلان جنوب السودان المنشق عن السودان يمنح ما يسمى مفوضية حوض النيل، إقرارا رغم معارضة مصر والسودان؛ وأنه سيؤدي في الأخير إلى توترات دبلوماسية متزايدة بين دول حوض النيل، مما يزيد من احتمال حدوث نزاعات مائية حول حقوق وطرق استخدام مياه النيل”.
هل تدخل الاتفاقية حيز التنفيذ؟
وأجابت الورقة عن هذا التساؤل وقالت: إن “دخول الاتفاقية حيز التنفيذ يتطلب النصاب القانوني موافقة غالبية الثلثين من دول من حوض النيل 6 دول وقت الاتفاقية، لكن ذلك الشرط وضع قبل انفصال جمهورية جنوب السودان”.
وأوضحت أن ذلك دفع البعض للقول: إن “موافقة برلمان جنوب السودان على اتفاقية عنتيبي لا يُدخلها حيز التنفيذ، نظرا لعدم توفر الأغلبية المطلوبة، لأن جنوب السودان لم تكن ضمن الدول التسع التي شاركت في مبادرة حوض النيل كينيا ورواندا وبوروندي وتنزانيا والكونغو وأوغندا وإثيوبيا والسودان ومصر، ووقتها كما زعموا، أن توقيع الأغلبية الثلثين أي 6 دول، يُدخل الاتفاق حيز التنفيذ، وهو ما لم يحدث، لأن انضمام جنوب السودان يجعل العدد الكلي 10 دول، والثلثان 7 دول وليس 6.
وأشارت إلى أن الاتفاقية تظل مجرد توافق بين دول بعينها، ما لم يتم إيداعها لدى المنظمات الإقليمية والدولية مثل الاتحاد الإفريقي ومؤسسات البنك الدولي المعنية بقوانين المياه وغيرها، لاعتمادها رسميا.
وأكدت أن هناك معركة قانونية وسياسية طويلة تنتظر دول المنبع، لكي تُصبح الاتفاقية واقعا مُعترفا ومعمولا به.
تداعيات تنفيذ الاتفاقية
وعن حالة دخول الاتفاقية حيز التنفيذ؛ فإن التداعيات المُحتملة بحسب الورقة، الانتقال من مبادرة حوض النيل إلى مفوضية حوض النيل، الانتقال من مبادرة حوض النيل، وهي ترتيب انتقالي، إلى مفوضية حوض النيل، وهي مفوضية دائمة تشرف على تنفيذ الاتفاقية”.
وأضافت نقطة ثانية تتعلق بأن إنهاء فكرة الحقوق التاريخية المكتسبة لمصر، وسيكون الحديث بدلا من ذلك عن مبدأ الاستخدام العادل المنصف والمعقول.
وأشارت إلى أن تطوير إجراءات الإخطارات التفصيلية، إنشاء مبادئ توجيهية لتبادل البيانات، وتقييمات الأثر البيئي، وحل النزاعات.
ولفتت إلى إمكانية تصديق دول أخرى حيث تلعب إثيوبيا دورا في ذلك عبر عدد من المشاريع الإقليمية.
التداعي الأقسى هو إمكانية انضمام السودان للاتفاقية، حيث السودان مستفيد أيضا من سد النهضة، والتقارب الأخير بين إثيوبيا والبرهان قد يؤدي إلى إمكانية انضمام السودان لهذه الاتفاقية مستقبلا.
ورأت أن تداعي يتعلق بتأكيد الهيمنة الإثيوبية في منطقة حوض النيل على حساب مصر، حيث استمرار اتباعها سياسة الأمر الواقع، وعدم التشاور في استكمال عملية الملء والتشغيل الخاصة بسد النهضة.
ورجحت حصول المفوضية الجديدة على المشروعية القانونية الدولية وإمكانية الحصول على التمويل الدولي للمشاريع المشتركة، وتأثير عودة اتفاقية عنتيبي على أزمة سد النهضة؛ ففي ديسمبر 2023، أعلنت مصر انتهاء مسار مفاوضات سد النهضة من دون التوصُّل إلى اتفاق بين دولتي المصب ودول المنبع، في حين واصلت أديس أبابا، أعمال البناء وأنجزت 95% منها وتستعد هذا الصيف للملء السنوي الخامس.
وخلصت إلى أن عودة اتفاقية عنتيبي للواجهة تأتي في ظل أزمة مستمرة بين مصر والسودان من جهة وإثيوبيا من جهة أخرى بسبب سد النهضة.
وأشارت إلى أن هذا التطور يُضيف بُعدا جديدا للأزمة، حيث أن توقيع جنوب السودان على الاتفاقية قد يُعزز موقف دول المنبع ويُضعف الموقف التفاوضي لمصر والسودان، حيث إن إثيوبيا قد تستغل هذا التغير في موقف جوبا لتعزيز موقفها التفاوضي.
ضغوط كبيرة
وقالت الورقة: إن “حكومة جنوب السودان خضعت لضغوط كبيرة من الطرفين مما أبقاها مُترددة بشأن الانضمام أو عدم الانضمام إلى اتفاق الإطار الشامل لفترة طويلة، وحسم جنوب السودان لهذا التردُّد، والذي ربما ينتج عنه قيام مفوضية حوض النيل رغم معارضة مصر والسودان؛ سيؤدي في الأخير إلى توترات دبلوماسية متزايدة بين دول حوض النيل، مما يزيد من احتمال حدوث نزاعات مائية حول حقوق وطرق استخدام مياه النيل”.
وأكدت الورقة أن توقيع جنوب السودان ليس في صالح مصر أو السودان، موضحة أن هذا الوضع قد يتفاقم بسبب التأثيرات الاقتصادية السلبية على الأنشطة الزراعية والصناعية في مصر والسودان، اللذين يعتمدان بشكل كبير على مياه النيل.
وعليه توقعت الورقة أن تلجأ كل من مصر والسودان إلى التحكيم الدولي أو محكمة العدل الدولية لحل النزاعات المتعلقة بتوزيع المياه.
وأبانت أنه في ظل الحرب الدائرة في السودان، تزداد الأمور تعقيدا، حيث يؤثر النزاع المستمر على قدرة السودان على المشاركة بفعالية في المفاوضات والتفاوض على حقوقه المائية.
واعتبرت الورقة أن تسوية هذه القضايا، ينبغي على جميع الدول المعنية العودة إلى طاولة المفاوضات والتعاون مع وسطاء دوليين لتعزيز الحوار وتحقيق تسوية عادلة.
ونبهت إلى أنه يتعين أيضا تعزيز التعاون الإقليمي من خلال مشروعات مشتركة لإدارة الموارد المائية بكفاءة، وإجراء دراسات مشتركة لفهم أفضل لموارد النيل والتحديات البيئية، مما يساعد في اتخاذ قرارات مستنيرة تستند إلى العلم والمعرفة، لضمان استخدام مستدام ومنصف لموارد نهر النيل يخدم مصالح جميع الدول المعنية وفي ظل الوضع المتوتر حول سد النهضة الإثيوبي.
https://politicalstreet.org/6715/