في ظل غياب الرقابة في زمن الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي وتجاهل حقوق المصريين والحفاظ على صحتهم انتشرت في الأسواق أطعمة من بواقي المصانع ومنتجات معاد تدويرها وسلع مجهولة المصدر، تباع بأسعار زهيدة، ويقبل على شرائها الكثيرون ويتداولها الباعة في الشوارع.
أجولة من الشيكولاتة والحلوى والكعك والبسكويت (كسر مصانع) وجبن ومعلبات وتوابل سودانية يغطيها الغُبار وزيوت طعام وسلع غذائية وسلع تموينية مهربة ومنظفات غير صالحة للاستعمال وثمار معطوبة، تضج بها الأسواق ، لا يعلم أحد مصدرها، وتباع بأسعار رخيصة.
غياب الرقابة والارتفاع الجنوني في أسعار الأطعمة دفع البسطاء ومحدودي الدخل إلى السقوط فريسة سهلة لأباطرة السوق السوداء، الذين يستغلون احتياج الناس إلى طعام رخيص فراحوا يبيعون لهم أطعمة فاسدة.
بواقي المصانع
من جانبه، قال حسن الفندى، رئيس لجنة الصناعات الغذائية بجمعية مستثمرى العاشر من رمضان: إن “بيع حلوى كسر المصانع من الشكولاتة وأنواع من الحلوى «الرديئة» والملبن والكعك والبسكويت في الأسواق، يمثل خطورة كبيرة على الصحة العامة للمجتمع، خاصة الأطفال، لأنها غير آمنة”.
وشدد «الفندي» في تصريحات صحفية على ضرورة تبني الجهات المعنية حملات توعية بمحافظات الجمهورية، حول خطورة شراء وتناول بواقي المصانع ومنتجات إعادة التدوير في الأسواق الشعبية وغيرها مناشدا المواطنين بالبُعد عن المنتجات مجهولة المصدر ومنتهية الصلاحية في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة.
وكشف أن معظم المصانع يكون لديها ما يسمى بدورة الاسترجاع أو المرتجعات، ينتج عنها منتجات كسر، تصل نسبتها لـ3%، ومن المفترض أن تدخل في عملية إعادة تدوير وتصنع من جديد في صورة آمنة على الصحة العامة، وإن ثبت فسادها أو تغيير في خواصها تدخل في تصنيع الأعلاف، معتبرا أن خروجها من المصانع وتداولها في الأسواق بين المستهلكين (جريمة).
وطالب «الفندي» الجهات الرقابية بتكثيف الحملات على الأسواق العامة، خاصة الشعبية، مع ضرورة تواجد رقابي مستمر لمتابعة المنتجات ومدة الصلاحية ومدى التزامها بالتعبئة الصحية والسليمة، ومنع بيع كسر المصانع ومنتجات إعادة التدوير، مشددا على ضرورة فرض البيع بالفاتورة باعتباره أمرا حتميا للسيطرة على تلك الظاهرة، ومحاربة الباعة الجائلين في الأسواق وتتبعهم لمعرفة من أين يجلبون تلك المنتجات الرديئة التي تهدد الصحة العامة للمواطنين، وملاحقة أصحاب الشركات والمصانع من معدومي الضمير الذين ينتجون مثل هذه السلع الرديئة والخطرة على صحة المصريين .
وأشار إلى أن أغلب الباعة الجائلين أماكنهم غير ثابتة في الأسواق، ويتنقلون من منطقة إلى أخرى، وهو أمر يصعب تتبعه، ولكن من الضروري على الجهات الرقابية شن حملات منتظمة وبشكل دوري على الأسواق في آن واحد.
السوق السوداء
ودعا حازم المنوفي، رئيس شعبة البقالة والمواد الغذائية باتحاد الصناعات، الجهات الرقابية، متمثلة في جهاز حماية المستهلك وسلامة الغذاء ووزارة تموين الانقلاب، إلى تنظيم حملات تفتيشية لملاحقة من يُتاجرون بأقوات الناس مستغلين الأزمة الاقتصادية التي تمر بها أغلب الأسر المصرية حاليا، نتيجة ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمنتجات الأساسية وتضارب أسعارها في مناطق كثيرة، نتيجة غياب الرقابة الصارمة على الأسواق.
وقال «المنوفي» في تصريحات صحفية: إن “المواد الغذائية منتهية الصلاحية وفوائض المصانع تصل إلى الأسواق عن طريق تُجار السوق السوداء الذين يبحثون عن المكسب السريع في أوقات الأزمات، ولا يهمهم الصحة العامة للمواطنين، لافتا إلى أن من بينهم تجارا أفرزتهم الأزمة الاقتصادية ولم يكن ذلك مجالهم ولا تجارتهم لكنهم انضموا إليها نتيجة طلب المواطنين على تلك المنتجات دون وعي بخطورتها”.
وأكد أن الأجهزة الرقابية، في حال ضبط أي مواد غذائية مجهولة المصدر أو منتهية الصلاحية، تأخذ الإجراءات القانونية ، ولكن الأمر يحتاج إلى تكثيف وتفعيل حقيقي لدور الرقابة للحد من ظاهرة الأطعمة الفاسدة في الأسواق.
الأوضاع الاقتصادية
وأرجع الخبير الاقتصادي الدكتور مصطفى بدرة، إقبال البعض على شراء الأطعمة الفاسدة، إلى عدة أسباب في مقدمتها الأوضاع الاقتصادية السيئة.
وقال «بدرة» في تصريحات صحفية : “هناك تُجار يبيعون بواقي المصانع، وهو أمر معروف وليس بجديد، والناس مضطرون لشراء ما يتناسب مع دخولهم من تلك الأسواق، مؤكدا أن هناك مصريين يأكلون أرجل الدواجن وبواقي اللحوم ومنتجات غذائية مجهولة المصدر، وهذا كله بسبب الظروف الاقتصادية للأسر الفقيرة”.
وأضاف: بعض الناس يهمها في المقام الأول السعر، فرخص سعر السلعة كفيل بأن يدفع الكثيرين لشرائها بغض النظر عن جودتها أو قيمتها الغذائية.
وأشار «بدرة» إلى أن بعض الدول تخصص أماكن لتوزيع الوجبات الغذائية مجانا على الفقراء وتسمى بـ(التكية أو السبيل) مثل التكية المصرية القديمة، مؤكدا أنه رغم إنشاء بنك الطعام المصري، لكن الكثير من المستحقين لا تصل إليهم حقوقهم الآدمية، بسبب قلة ميزانية الدعاية رغم تبرع المثقفين والاقتصاديين ورجال الأعمال وأهل الخير لتلك الجهات.
وشدد على ضرورة الالتزام بـ(التكافل المجتمعي) مطالبا كل فرد من الأغنياء في المجتمع بأن يسهم في تكافل أسرة فقيرة بأي مساعدة، كما يجب التوسع في التوعية المجتمعية التي تزيد من منهجية تحسين مصادر الغذاء لبعض الأسر، عبر عدة إرشادات، منها: توعية المجتمع حول التكافل المجتمعي دينيا وأخلاقيا وسلوكيا .
وأوضح «بدرة» أن الملاءة المالية لحكومة الانقلاب ضعيفة والتكافل المجتمعي يحل جزءا من الأزمة، ولكن يجب عدم ترك الظاهرة تتعمق وتصبح وباء، مع ضرورة تغيير الثقافة المجتمعية والفكر تجاه الآخر، بما يحفظ كرامة وآدمية الإنسان وتطبيق ما جاء في القرآن والسنة النبوية بشأن الإطعام.