السيسي يحاول استغفال العالم بلقائه وزير خارجيته حول حقوق الإنسان بمصر!

- ‎فيتقارير

 

 

على طريقة الممثلين العظام، يحاول السيسي  تستييف أوراقه، وتظبيط مسائله، وسد نواقصه وستر عوراته المفضوحة، وعلى طريقة  راقصات الترسو، جاء السيسي بوزير خارجية متهم بسرقة  السجاد وسيارات السفارة المصرية ببرلين، وزيرا للخارجية، دون ن يمتلك من  سمات وزير الخارجية ، سوى شيئين، أولهما ، التنسيق مع الأجهزة الأمنية في إدارة العلاقات الخارجية بعيدا عن وزارة الخارجية والتجسس على المعارضين بالخارج، وثانيهما، تصريحاته المضللة عن جودة ملف حقوق الإنسان بمصر، وأنه لا يوجد معتقل سياسي واحد بمصر، ويضاف إلى ذلك ، ثلة ألفاظ قبيحة  يرددها بدر عبد العاطي لموظفي الخارجية  على الهواء مباشرة، خلال لقائه الإعلامي حول أزمة العالقين المصريين بليبيا.

وفي ظل تلك السمات، غير المسبوقة لوزراء خارجية مصر، يأتي لقاء السيسي ، قاتل الآلاف من المصريين بالشوارع والميادين والسجون والمعتقلات، وأسطورة القمع والتعذيب ، مع وزير خارجيته غير المعترف بوجود أي انتهاكات حقوقية بمصر، ليتحدثا عن حقوق الإنسان بمصر، فهل يستغفلون أنفسهم؟ أم يستغففلون العالم؟ أم يسوقون الأكاذيب؟ أم يغطون شمس الحقيقة، والتي فضحتها تقارير كل المنظمات الحقوقية الدولية؟.

 

 

وضمن الفانتازيا السياسية والدرامية، يوجه السيسي، باستكمال تنفيذ مستهدفات الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وتعزيز أوضاع حقوق الإنسان بمفهومها الشامل، وضمان تمتع المواطنين بحقوقهم الدستورية، وترسيخ أسس المواطنة وسيادة القانون وعدم التمييز.

‌ولم ينشغل بال السيسي بمعاناة أكثر من 60 ألف معتقل سياسي، يعانون الموت تحت التعذيب والإهمال الطبي المتعمد.

وكان آخرهم القيادي والمعارض السبعيني، يحيى حسين عبد الهادي، الذي اعتقل من شارع صلاح سالم، عنوة، بسبب تدوينة على الفيسبووك.

 

جاء توجيه السيسي، خلال لقائه الاثنين الماضي، وزير الخارجية بدر عبدالعاطي، لمتابعة التقرير التنفيذي الثاني للاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التي أطلقها السيسي، قبل 4 سنوات، لمواجهة حملة الانتقادات الغربية لملف مصر الحقوقي، والتي انطلقت حينها من الاتحاد الأوروبي وأمريكا.

وزير الخارجية أشار إلى أن العام الجاري شهد استكمال إنشاء وحدات حقوق الإنسان في الوزارات والجهات الوطنية، وتشكيل لجان لفحص التظلمات الواردة من الأشخاص ذوي الإعاقة، ووحدات مناهضة العنف ضد المرأة، وتعديل وإصدار العديد من التشريعات المعززة لحقوق الإنسان على غرار قوانين الجنسية المصرية.

 

المثير في بيان المتحدث باسم رئاسة الجمهورية الذي نقل تفاصيل اللقاء، هو خلوه تماما من الحديث عن أوضاع آلاف المعتقلين السياسيين، الذين يعانون أشد معاناة ويشكون من انتهاكات ومخالفات قانونية ودستورية، ومعاملة غير آدمية، وحرمان من حقوق السجناء التي كفلها القانون والدستور المصري والمواثيق والعهود والاتفاقيات الدولية.

تهميش الداخل

 

كما أن البيان، لم يحمل أية رسائل طمأنة للداخل المصري، بشأن بعض القضايا الحقوقية المثيرة للجدل طوال 11 عاما، وبينها حملات الاعتقال المتواصلة على المواطنين، وجرائم الإخفاء القسري بحقهم، والحبس الاحتياطي للمعتقلين السياسيين بالمخالفة للقانون، وعمليات تدوير المعتقلين في قضايا جديدة دون الإفراج عنهم رغم انتهاء محكوميتهم، والمحاكمات المسيسة، وفق حقوقيين.

‌ما علاقة الخارجية بحقوق الانسان؟

 

كما كان لافتا،  عرض وزير الخارجية التقرير التنفيذي الثاني للاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، على السيسي، متسائلين عن مدى علاقة وزارة الخارجية بهذا الملف، الذي  يخص وزارتي الداخلية والعدل، الغائبتين بشكل تام عن لقاء السيسي، في عرض نتائج عمل استراتيجيته.

 

التسويق الكاذب للنظام

 

وأطلق السيسي، الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان في 11 سبتمبر 2020، حينها اعتقد بعض المراقبين للشأن الحقوقي المصري بأن مصر تسير نحو تغيير الصورة السلبية عن ملفها الحقوقي، وأنها إلى اتخاذ خطوات لإنهاء الملف الأكثر إيلاما لآلاف الأسر المصرية.

‌لكن، العكس هو ما جرى، فمنذ اللحظة الأولى لإطلاق السيسي، الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، زادت الانتهاكات الحقوقية، وتعمقت الأزمة الإنسانية بمصر.

 

ما يؤكد أن الاستراتيجية، كانت مجرد وسيلة دعائية للنظام، لاسترضاء الغرب وابتزازه ماليا.

 

 

وكان قد سبق إطلاق تلك الاستراتيجية في 24 أكتوبر 2019، مطالبة البرلمان الأوروبي، الدول الأعضاء ومؤسسات الاتحاد الأوروبي بالتصدي لتدهور الوضع الحقوقي بمصر، وتنفيذ الضوابط الأوروبية الخاصة بصادرات السلع للقاهرة والمستخدمة بعمليات القمع والتعذيب والإعدام.

حينها، وفي جلسته العامة، دعا البرلمان الأوروبي السلطات المصرية للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المدافعين عن حقوق الإنسان المحتجزين والمحكوم عليهم لمجرد اضطلاعهم بعملهم السلمي والمشروع بمجال حقوق الإنسان.

وشدد على ضرورة وقف صادرات تقنيات المراقبة وغيرها من المعدات الأمنية إلى مصر، والتي قد تيسر الهجمات على المدافعين عن حقوق الإنسان ونشطاء المجتمع المدني ومنهم نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، وأي نوع آخر من القمع الداخلي.

انتهاكات لا تتوقف

 

وبرغم تدشين السيسي تلك الاستراتيجية، تواصلت الانتهاكات الحقوقية بحق المصريين، سواء المعتقلين السياسيين وحتى أصحاب الرأي والمدونين والمهتمين بالملفات السياسية والاقتصادية والحقوقية، وهو ما تقوم المنظمات الحقوقية المصرية وحتى الأجنبية بكشفه، مؤكدة أن الأوضاع مزرية بحق آلاف المعتقلين في السجون، وأنها تزداد سوءا، مشيرة لاستمرار عمليات الاعتقال والإخفاء القسري.

والسبت الماضي، أعربت 10 منظمات حقوقية مصرية، عن مخاوفها من استمرار الانتهاكات بحق المعتقلين في سجن “بدر” (1 و3) قرب العاصمة الإدارية الجديدة، والتي دفعت بعضهم لمحاولة الانتحار.

  

ورصد “مركز النديم”، 490 انتهاكا لحقوق الإنسان في سجون مصر ومقار الاحتجاز في يوليو الماضي، كما أنه رصد 1958 انتهاكا في النصف الأول من العام الجاري، فيما رصدت أيضا، “الجبهة المصرية لحقوق الإنسان” اعتقال وحبس 125 مصريا على ذمة قضايا سياسية خلال الشهر الماضي.

وفي 30 يوليو الماضي، قدم تحالف (المادة 55)، المكون من 4 منظمات حقوقية تقريرا للجنة الاستعراض الدوري الشامل بالأمم المتحدة حول أوضاع مقار الاحتجاز والسجون في مصر، وأكد أن حكومة القاهرة لم تدخل أي تغييرات في ما يتعلق بتحسين معاملة السجناء ولم تطبّق الحد الأدنى من معايير المعاملة الإنسانية.

التحالف الحقوقي، أشار إلى أن أعداد الوفيات بين المعتقلين في السجون منذ مطلع 2020 وحتى منتصف 2024، وصل إلى 296 حالة وفاة جرى رصدها وتوثيقها على أرشيف مراقبة العدالة.

وبعد تلك المآسي، هل يمكن تصور أن السيسي سيستغفل العالم الخارجي، بأكاذيبه وضلالات وزير خارجيته؟.