الوزير الجديد يحاول تجاوز شهاداته المضروبة..تعليم الانقلاب تواجه كثافة الفصول بمقترحات فشلت في الماضي

- ‎فيتقارير

 

 

الأزمات التي تواجه التعليم في زمن الانقلاب كثيرة وتحتاج إلى جهود مخلصة لمواجهتها والتغلب عليها وإنقاذ العملية التعليمية من السقوط والانهيار، ورغم وجود حلول ومقترحات كثيرة وخبراء يستطيعون الإدلاء بدلوهم في هذه الأزمة، إلا أن أن حكومة الانقلاب تحبس نفسها في إطار الشو الإعلامي والظهور بمظهر أنها تبذل كل الجهود الممكنة للنهوض بالتعليم على خلاف الواقع.

في هذا السياق فاجأ محمد عبد اللطيف وزير تعليم الانقلاب الجديد – الفاشل تعليميا والحاصل على شهادات مزورة – ، الأوساط التربوية بتقديم ما أسماه “رؤيته” لحل مشكلة الكثافة الطلابية في المدارس، والتي تجاوزت، بحسب أرقام رسمية، 75 طالبا في الفصل الواحد، ما يزيد بنسبة 50% عن المعدلات العالمية.  

تضمنت رؤية عبد اللطيف إمكانية توظيف قاعات المعاهد الأزهرية ومراكز الشباب في العملية التعليمية لحل أزمة الكثافة في الصفوف، وجعل العملية التعليمية جذابة للطلاب من أجل العودة إلى المدارس وفق تعبيره. 

في المقابل أكد خبراء تربويون وأولياء أمور ومديري مراكز شباب أن مقترحات عبد اللطيف هي مجرد محاولات جرى تجربتها في السابق، وثبت فشلها بسبب تجاهلها جوهر أزمة التعليم المتمثلة في تراجع مستوى المعلمين وافتقادهم معايير التدريب والتأهيل، وتفشي الدروس الخصوصية والكتب الخارجية.

وقال الخبراء: إن “هذه المقترحات نابعة من تأثر الوزير الانقلابي بفكر مراكز الدروس الخصوصية التي عمل سنوات فيها قبل أن يتولى منصبه”. 

 

متسرعة

 

ووصف مصدر في وزارة تعليم الانقلاب، طلب عدم ذكر اسمه، رؤية عبد اللطيف بأنها متسرعة، واستندت إلى نصائح قدمها مقربون منه.

وقال المصدر: إن “وزير تعليم الانقلاب يحاول بطرح هذه الرؤية تجاوز الجدال الدائر في شأن شخصه إلى جدال حول رؤيته بعد استمرار توليه المنصب، رغم الطعون في شهادات الدكتوراة والماجستير والبكالوريوس التي يحملها”. 

 

المعاهد الأزهرية

 

من جانبه أكد عبد الرحمن عبد الحميد، ولي أمر تلميذ في المرحلة الإعدادية الأزهرية، أن غالبية المعاهد الأزهرية تعاني من ارتفاع الكثافة الطلابية، وتضم أكثر من 55 طالبا في الفصل الواحد، ما يعني أنها تحتاج بدورها إلى تقليل الكثافة، وليس لاستقبال طلاب مدارس التعليم العام . 

وانتقد محمد علي، مدير أحد مراكز الشباب بالجيزة، مقترحات وزير تعليم الانقلاب مؤكدا، عدم صلاحية قاعات المراكز للتعليم لأنها مجهّزة لممارسة الأنشطة الرياضية .

وحذر علي فى تصريحات صحفية من أن تحويل قاعات المراكز إلى فصول تعليمية يمنعها من ممارسة مهمتها الأصلية. 

 

أزمات جوهرية

 

كما انتقد الدكتور عاصم حجازي أستاذ علم النفس والتقويم التربوي بكلية الدراسات التربوية العليا جامعة القاهرة، حديث عبد اللطيف عن إيداع الطلاب في قاعات مراكز الشباب والمعاهد الأزهرية لمعالجة قضية الكثافة العالية في المدارس .

ووصف حجازي في تصريحات صحفية المقترحات بأنها تهدف إلى لفت الأنظار عن مشكلات أخرى، وعن أزمات التعليم الجوهرية والمزمنة في مصر . 

وقال: إن “توظيف قاعات مراكز الشباب غير المؤهلة أصلا يقضي على دور هذه المراكز وأنشطتها المخصصة لفئات أخرى تتجاوز الطلاب، مؤكدا أن آلاف القرى تفتقر إلى وجود مراكز الشباب، وأوضاع تلك الموجودة متردية وتفتقر إلى البنية الأساسية المناسبة”. 

وأشار حجازي إلى أن طبيعة المعاهد الأزهرية تختلف عن معاهد التعليم العام، فهي تركز على العلوم الشرعية، وتعاني من ارتفاع في الكثافة التعليمية، بسبب الإقبال على الالتحاق بها في السنوات الأخيرة.

وأضاف : من المشكلات الأخرى التي تعترض تطبيق المقترح الحاجة إلى وقت طويل لإجراء التنسيق المطلوب بين وزارة التعليم والأزهر الشريف ووزارة الشباب للتنفيذ، ما يعني أن قضية الكثافة ستظل من دون حل خلال العام الدراسي المقبل على الأقل . 

وشدد حجازي على أن أزمة التعليم في مصر تحتاج إلى حلول غير تقليدية، بعضها عاجلة وأخرى طويلة الأمد، منها مثلا نظام التعليم المدمج الذي جرى تطبيقه أثناء أزمة كورونا، والمتمثل في تخصيص ثلاثة أيام في الأسبوع للتعليم الإلكتروني بالمنزل، وذهاب طلاب المرحلتين الإعدادية والثانوية إلى المدارس ثلاثة أيام فقط لمناقشة ما جرى تدريسه خلال الأيام الثلاثة مع المعلمين .

وأوضح أنه يأتي في مقدمة الحلول طويلة الأجل توسيع مشاريع بناء المدارس، وتشجيع الأوقاف على الاستثمار في التعليم عن طريق صندوق الوقف، وفتح حسابات في البنوك لدعم التعليم، وتدشين شراكة مع رجال الأعمال لبناء أكبر عدد من المدارس. 

 

غياب الرؤية

 

وقال الدكتور تامر شوقي رئيس قسم أصول التربية بجامعة عين شمس: إن “ما طرحه عبد اللطيف هي حلول جرت تجربتها في السابق، وهي غير قابلة للتنفيذ، ما يعكس عدم وجود رؤية لدى الوزير الانقلابي لمواجهة أزمات العملية التعليمية، والتي تتجاوز الكثافة إلى حالة المدارس والمعلمين ووسائل التدريس والمناهج ومستوى الكتاب التعليمي والوسائط التكنولوجية”. 

وحذر شوقي في تصريحات صحفية من أن محاولة استغلال فصول الأزهر ومراكز الشباب وتعدد الفترات الدراسية سيضربان محاولات تطوير العملية التعليمية والمناهج الدراسية، خصوصا أن المناهج الجديدة تفرض أن تكون الحصة 90 دقيقة، متسائلا : هل يمكن تطبيق هذا الأمر في ظل وجود ثلاث فترات دراسية يومياً؟

وأضاف، الكثافة تقضي على الفروقات الفردية في المدارس، وتقطع الطريق أمام دور المعلم في تطوير قدرات الطلاب لأنه غير مدرب أساسا على التعامل معها، كما تغيب إفادة الطلاب من الأنشطة التعليمية ومن التقدم التكنولوجي في ظل عدم توفر العدد الكافي من الأجهزة، مشددا على ضرورة تأكيد محورية مشكلة الكثافة رغم أنها ليست الأزمة الوحيدة . 

واقترح شوقي حلولا بديلة عدة تشترط وجود نوع من التوازن، في مقدمها التوسع في بناء المدارس، ووضع مخطط لجعل الكثافة أزمة من الماضي، والإفادة من التكنولوجيا وبرامج التعليم عن بعد معربا عن اندهاشه من الحديث عن تطوير المناهج من دون التركيز على تأهيل المعلم وتدريبه بحيث يملك إمكانيات التعامل مع المناهج الجديدة، والتوسّع في تجربة فصول المشاهدة والقنوات التعليمية، إضافة إلى إيجاد حلول جذرية لمشكلة الدروس الخصوصية.