قبل 11 عاما، بدأ اعتصام رابعة عندما أدرك الشعب خطة الثورة المضادة، فحاولوا إنقاذ ما أنجزته الثورة، فاعتصموا في ميدان رابعة العدوية، شرق القاهرة، يوم 28/6/2013 بهدف الدفاع عن الشرعية، واعتصم الملايين من الشعب في ميدان رابعة العدوية، من أجل أن يكونوا طرفا في معادلة السلطة بمصر وحماية أنصارالشرعية من الإبادة.
استطاع ميدان رابعة أن يوحد جميع طوائف الشعب بمختلف إنتماءتهم وديانتهم، فتجد المسيحي بجوار المسلم بجوار العلماني والليبرالي، ليجتمع أنصار الشرعية في ميدان رابعة تحت راية واحدة وهدف واحد للتأكيد على حمايتهم لمكتسبات الثورة والوطن (عيش-حرية ـ كرامة).
أعطى الشعب المصري درسا للانقلابيين، وهو أن الجماهير المعتصمة بميدان رابعة، أكبر بكثير مما كان متوقعا، مما يعني أن المعارضين للانقلاب مثلوا قطاعا عريضا من الشعب المصري، متسلحين بعزيمة وإصرار لدحر الانقلاب أشد مما كان متوقعا.
باعتصامات الرافضين للانقلاب في رابعة وغيرها، فشل العسكر في تقسيم الرافضين للشرعية، بل استطاعت الجماهير المحتشدة في فرض معادلة جديدة وهي (الشعب في مواجهة الانقلاب).
إن اعتصام رابعة ما زال يعلّم الشعب المصري أن هناك أملا يمكن أن يتحقق، وأن هناك أهدافا يمكن للثورة أن تصل إليها، وأن شركاء ثورة يناير عرفوا أخطاءهم، ولملموا تفرقهم وعرفوا عدوهم الحقيقي.
ورغم مرور 11 عاما على فض اعتصام رابعة، إلا أن مسببات ودوافع المعتصمين مازات كما هي بل زادت لها دوافع أخرى، في ظل الفساد والاستبداد والظلم القائم الذي يتغول عاما بعد عام، ويهدر حقوق المصريين وكرامتهم وثرواتهم وجرف قيمهم، وبالتالي فإن أسباب الثورة مازلت قائمة ستتفجر في أي وقت وستكون أكثر وعيا وهمة وحسما في ملفات كثيرة حتى تنجح وتحقق أهدافها، التي فشلت سابقا.
الانقلاب يخشى غضب الشعب
وتحل ذكرى فض اعتصامي رابعة والنهضة، في ظل اقتصاد يتهاوى وغضب شعبي غير مسبوق، فجره ارتفاع الأسعار ونقص الأدوية وفساد يتغلغل يوما بعد الآخر لنجد أن الخوف حاضر في مثل هذه الأوقات، ويسيطر على نظام الانقلاب الذي يعيش في دائرة مغلقة، حيث يخاف أي حراك ربما يتحول إلى طوفان نار قد يؤدي إلى خروج الأمر عن السيطرة، كما أنه حريص على استمرار حالة الخوف لدى الناس عبر إجراءاته الاستباقية، بفرض مزيد من القمع عبر الاعتقالات وتغريب المعتقلين.
وبدأ الانقلاب قبل أيام من ذكرى فض رابعة بمحاولاته البائسة لكسر إرادة الشعب المصري وانتهاك كرامته وتقييد حريته، وإشاعة مناخ الخوف والإرهاب بينهم؛ عبر جرائم الاعتقال التي طالت المئات، خاصة في ظل انهيار منظومة القضاء التي لا يمكن الاعتماد عليها لتجنب الاعتقال التعسفي المتجدد.
وتزيد تلك الاعتقالات السخط الشعبي على رموز النظام القائم ومؤيديه، فالشعب على شفا حالة من الرفض الجمعي لاستمرار هذا الانقلاب، وجميع المؤشرات تؤكد أن الشعب يقترب من ثورة كبرى لن تُبقي على هذا الظلم والطغيان والفساد ساعة من نهار.
ورغم مرور السنوات والأزمنة، تبقى رابعة والنهضة حاضرة في قلوب وعقول أحرار العالم، ويوما سينتقم الشعب من مجرميها، ومن قتلوا الأبرياء ، السجد الركوع، فالأرض لا تبلع الدماء، وخاصة دماء الشهداء، لابد لها من قصاص.