في ظل حالة الفوضى التي يشهدها التعليم بصفة عامة في زمن الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي وتشهدها الشهادة الثانوية العامة بصفة خاصة، حيث فوجئ المصريون لأول مرة في التاريخ بإعلان تعليم الانقلاب عن تعديل نتائج الثانوية العامة بعد أيام من ظهورها دون مطالبة من أحد ودون تظلم من أي طالب.
هذه الفوضى أعادت من جديد قضية حصول عدد من الطلاب على مجموع ” صفر ” حيث يتساءل البعض عن كيفية حصول طالب على هذا المجموع إذا كان قد حضر الامتحانات، وأجاب في ورقة الإجابة وأين كان الملاحظون ولماذا لم يتم تحرير محضر بامتناع الطالب عن الإجابة أو رفصه كتابة أي شيء ؟ وإذا كان بالفعل قد امتنع الطالب عن الإجابة فما الذي أوصله إلى هذا المستوى ودفعه إلى ذلك ؟
كانت بعض الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، مع ظهور نتائج الثانوية العامة، قد تداولت أنباء حول حصول نحو 32 ألف طالب على نتيجة «صفر %» في امتحانات الثانوية العامة هذا العام 2024، ورغم مسارعة تعليم الانقلاب إلى نفي هذه المعلومات وزعمها أنها مبالغ فيها بصورة كبيرة جدا، إلا أن المؤكد أن هناك أكثر من حالة لطلاب تأكد حصولهم على “الصفر المتين” وهو ما أثار التساؤلات حول أسباب حصول الطالب على هذه النتيجة.
يشار إلى أن العام الماضي، كان قد شهد واقعة غريبة لطالبين حصلا على «صفر» بعد أدائهما جميع الامتحانات الخاصة بالشعب، حيث حصل كل من “خالد محمد عبد العال محمد”، و”سامح صلاح جمعة”، من الشرقية على مجموع «صفر» بالثانوية العامة، إلا أنهما لما يتوقفا عن البحث عن حقهما.
وأصدرت محكمة القضاء الإداري بالزقازيق في محافظة الشرقية، حكمها بشأن طالبي الثانوية العامة 2023، وجرى تعديل النتيجة بعد التأكد من حقهما في الحصول على درجات النجاح في مجموع المواد.
وطبقا للنتيجة المعدلة، حصل خالد محمد عبد العال محمد على مجموع 80% علمي رياضة، وسامح صلاح جمعة على مجموع 76% بعد تعديل نتيجتهما.
منظومة التعليم
تعليقا على هذه الظاهرة الغريبة قال الخبير التربوي الدكتور مجدي حمزة: إن “امتحانات الثانوية العامة كانت تشمل 745 ألف طالب هذا العام، أدى الامتحان منهم نحو 700 ألف طالب، وبالتالي فإن الحاصلين على “الصفر” لا يشكلون نسبة يعتد بها، لذا فهي ليست ظاهرة بل استثناء، موضحا أن الحصول على «صفر %» له أسباب عديدة، منها عدم اهتمام الطلبة بالثانوية العامة، واعتمادهم اعتمادا كليا على التوقعات وعدم المذاكرة جيدا، وبالتالي التوقعات كانت مخيبة للآمال، وقد يكون السبب تبديل في أوراق بعضهم أحيانا مثل “مريم صاحبة صفر الثانوية العامة” منذ 4 سنوات”.
وأكد «حمزة»، في تصريحات صحفية، أن عدم اهتمام الطلاب بالتعليم وحصولهم على «صفر %» دليل على وجود خلل كبير في منظومة التعليم.
وأشار إلى أن عدم اهتمام طلاب الثانوية العامة ، بالتعليم من الأساس يدفع بعضهم للدخول إلى الامتحان دون مذاكرة، موضحا أن من بعض الأسباب أيضا ضعف قدرة الطلاب أمام الثانوية العامة والمذاكرة فيها، وقد يكون السبب حدوث تلاعب إلى حد ما في أوراق البعض، وهذا بالفعل حدثت في سنوات سابقة، لكنها ليست ظاهرة كبيرة جدا، أيضا توتر الطلاب أثناء الامتحانات قد يكون السبب.
حلول منطقية
وكشف «حمزة»، أن هناك تراجعا في المستوى التعليمي لطلاب الثانوية العامة، مشددا على ضرورة دراسة الحالات التي حصلت على مجموع «صفر %»، لوضع حلول منطقية، وهل السبب مشاكل اجتماعية أثرت عليهم؟ وهل هناك حالات طلاق وانفصال الأسرة عن بعضها؟ وهل هناك مشاكل نفسية في الأسرة؟؛ ما يؤثر على الطلاب، متسائلا: “هل الطالب ليس محبا للتعليم بشكل عام؟ أو أجبر على الدخول للثانوية العامة؟ وبالتالي ينتقم من أسرته .
ودعا إلى دراسة كل هذه الأسباب على أرض الواقع من أجل معالجة هذه الأزمة التي تثير الحزن على المستوى الذي وصل إليه التعليم في زمن الانقلاب .
تسريب الامتحانات
وطالب الدكتور طلعت عبد الحميد، أستاذ أصول التربية بجامعة عين شمس، بوقف عمليات تسريب الامتحانات، لأنها تدمر مستقبل المنظومة التعليمية، لافتا إلى أن الهدف من التعليم ليس تحصيل الدرجات في الامتحان، ولكن إعداد طلاب ليكونوا مواطنين قادرين على ممارسة أدوارهم في المجتمع بشكل صحيح.
وقال «عبد الحميد»، في تصريحات صحفية: إن “المدارس هي أساس التربية والتعليم، معربا عن أسفه لأن وزارة التربية والتعليم بحكومة الانقلاب تركز فقط على تطوير الامتحانات وليس المنظومة ككل”.
وشدد على ضرورة توجيه الجهود والعمل على التطوير، مؤكدا أن التعليم قضية أمن قومي تحتاج إلى التطوير والاهتمام بها، لأن الطلاب هم أساس المستقبل وإعدادهم جيدا يتطلب المزيد من الجهود من الوزارة والمسئولين عن المنظومة ككل.
وأشار «عبد الحميد»، إلى أن الامتحانات ليست هي المعيار الحقيقي للتعليم الجيد ، ولكن ما استفاده الطالب على مدار سنوات الدراسة هو المخرج المهم، لأنه سيخرج للمجتمع قادرا على أداء أدواره الاجتماعية والاقتصادية والأسرية والعملية، ويتفاعل مع المحيط الذي يعيش فيه ويتعامل بشكل إنساني وراقٍ، ويستطيع إدارة ذاته ومسئوليته وهذا هو هدف التعليم السليم .
وشدد على ضرورة أن يعطي التعليم قيما ومهارات ومعلومات، مؤكدا أن هذا هو النهج الذي لابد أن يتبعه الجميع الطلاب وأولياء الأمور والمسئولون عن التعليم.