تفاصيل بيع أصول المصريين بـ27 محافظة وتحويل موظفي المحليات لسماسرة :الخراب للجميع

- ‎فيتقارير

 

بدأت حكومة السيسي التي تواجه أزمات اقتصادية خطيرة، وعلى طريقة “التاجر المفلس” البحث في دفاتر محافظات مصر الـ27 عن أصول ومقرات ذات قيمة تاريخية وتراثية وتقع في مواقع استراتيجية، بعواصم المحافظات ومدنها الهامة، لإعدادها للبيع أمام المستثمرين العرب والأجانب والمصريين.

كما كشفت وزيرة التنمية المحلية الجديدة، منال عوض، عن الانتهاء من برنامج شامل لحصر جميع الأصول غير المستغلة داخل  جميع المحافظات المصرية الـ27 ، لبدء الترويج لها عبر خريطة مصر الاستثمارية واستقطاب مستثمرين جدد محليين وأجانب، بالتنسيق مع هيئة الاستثمار، وصندوق مصر السيادي.

وضمن مخططات البيع والتفريط في حقوق وممتلكات المصريين، إعلان الوزيرة، عن تحويل موظفين في وزارة التنمية المحلية، إلى شبه سماسرة للبحث عن المناطق التي يمكن بيعها والتواصل مع المستثمرين لبيعها، وذلك بحسب قولها: إن “وزارتها سوف تنفذ برنامجا مع هيئة الاستثمار، لتدريب العاملين بالمحليات على قانون الاستثمار وآليات التواصل مع المستثمرين”.

 

تلك الخطوات تحمل الكثير من المخاطر على مصر،   نحو تفريغ محافظات مصر من أصولها الاستراتيجية والتراثية والهامّة والحيوية، بدعوى عدم استغلالها.

 

وبدأ  مسلسل البيع مبكرا، بعد نحو عامين من انقلاب السيسي على أول تجربة ديمقراطية، وبعد عام من استيلائه على حكم البلاد رسميا، ما يشير إلى أن توجهه نحو بيع الأصول فكرة سابقة على توجيهات صندوق النقد الدولي في هذا الإطار، بحسب مراقبين.

 

كان القرار الأول في أكتوبر 2015، حينما قررت حكومة شريف إسماعيل (2015- 2018)، تشكيل لجنة وزارية لحصر أصول الدولة غير المستغلة في الوزارات والمحافظات والهيئات والجهات التابعة لها، تلك اللجنة من وزارات التخطيط، والمالية، والاستثمار، والتنمية المحلية، وتقدم تقريرا شهريا حول رصدها لأهم الأصول.

لكن يبدو أن تلك اللجنة لم تقدم نتاجا يرضي السيسي ، فقرر في 4 نوفمبر 2017، تشكيل لجنة موسعة من أجل حصر أصول الدولة غير المستغلة، وحددها في (أراضي ومخازن ومستودعات الدولة)، المملوكة للوزارات والمحافظات والهيئات والجهات التابعة لها، وشركات القطاع العام، وشركات قطاع الأعمال العام، مع إضافة اختصاص جديد بوضع تصور للاستفادة من تلك الأصول.

القرار الجديد ضمّ إلى جانب الوزارات الأربعة السابقة، 9 وزارات جديدة هي: الأوقاف، والموارد المائية، وقطاع الأعمال، والسياحة، والزراعة، والإسكان، والنقل، ووزارة الدفاع، والدولة للإنتاج الحربي، ما يعني توسيع قاعدة عمل حصر الأصول لتشمل 13 وزارة، إلى جانب هيئات مثل الرقابة الإدارية والاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء.

‌وأولت حكومات مصطفى مدبولي هذا الملف اهتماما كبيرا، خاصة مع تدشين صندوق مصر السيادي، رسميا، في فبراير 2019، وتولي وزير التخطيط هالة السعيد، رئاسة مجلس إدارة الصندوق.

وقبل ذلك، وفي نوفمبر 2018، أعلنت السعيد، حصر 2000 أصل غير مستغل في 15 محافظة، منها: جنوب سيناء، والقاهرة، وقنا، ودمياط، والإسكندرية، والسويس، والشرقية، والغربية، وكفر الشيخ، وأسوان، والمنيا، والوادي الجديد، والبحيرة، والأقصر.

الاهتمام الحكومي بملف حصر الأصول ظل لافتا، حيث إنه في 25  سبتمبر 2020، أعلن رئيس الوزراء، حصر 3700 من الأصول غير المستغلة للدولة في 27 محافظة و30 وزارة.

ويرى مراقبون أن الحديث الحكومي عن الانتهاء من حصر الأصول غير المستغلة ووضع خطط لترويجها وطرحها على المستثمرين المحليين والأجانب الآن، له وجاهة خاصة في ظل العديد من الأوضاع التي تمر بها البلاد، وهو ما يتمثل في عدة نقاط تشير لانتقال الملف إلى حيز التنفيذ بعد سنوات من الحصر.

أولا: انتقال أكثر من 107 وزارات وهيئة رسمية وحكومية إلى مقراتها الجديدة في العاصمة الإدارية الجديدة -50 كيلومترا شرقي القاهرة- والتزام الوزارات بدفع قيم إيجارية عالية لشركة العاصمة الإدارية الجديدة، تصل إلى 4 مليارات جنيه سنويا، وفق تصريح للسيسي، منتصف 2022.

 

ثانيا: تسجيل أغلب الأصول غير المستغلة عبر أعمالة لجنة الحصر طوال السنوات الماضية من العام 2015، وحتى العام الجاري، وذلك إلى جانب عملية التنقية والتقييم لهذه الأصول، بحسب تصريحات رسمية متتابعة، أكدت على الأقل ضم مقرات الوزارات والهيئات القديمة إلى وزارة المالية وصندوق مصر السيادي، وهو ما يجري بحق باقي الأصول التي تم حصرها.

ثالثا: الحاجة الماسة للحكومة المصرية إلى الأموال لخفض الدين العام، وزيادة التدفقات الدولارية، ولسد عجز الموازنة العامة للدولة الذي يفوق بالسنة المالية (2024/2025)، 26 مليار دولار، فيما تلتهم خدمة دين خارجي يبلغ 153.86 مليار دولار في أيار/ مايو الماضي، إلى جانب الدين الداخلي، نحو 101 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، بعد إضافة ديون الهيئات الاقتصادية.

رابعا: إثر مراجعة صندوق النقد الدولي الأخيرة للاقتصاد المصري، الشهر الماضي، في إطار الحصول على تمويل بقيمة 8 مليارات دولار، طالبت المؤسسة الدولية، حكومة القاهرة، بتسريع خطة بيع الأصول، فيما تحرص مصر على تنفيذ اشتراطات الصندوق لتمرير المراجعة الرابعة الشهر المقبل إلى جانب 4 مراجعات في 2025 و2026، للحصول على 1.2 مليار دولار كل مرة.

 

خامسا: الرغبة الخليجية الجامحة من الشركات والصناديق السيادية بالإمارات والسعودية، للحصول على الأصول المصرية، واستغلالها، إما كاستثمار أجنبي جديد، وإما وفاء لديون البلدين لدى حكومة السيسي، والبالغة 21 مليار دولار بنهاية ديسمبر الماضي، لأبوظبي، ونحو 12.9 مليار دولار للسعودية.

سادسا: إخلاء عدد كبير من المباني والمنشآت الهامة في عواصم المحافظات ونقلها إلى أماكن جديدة، وخاصة السجون المركزية وأماكن الاحتجاز ومقرات الأمن وغيرها من المؤسسات التي تقع في مناطق حيوية بالمدن الكبرى وبمساحات واسعة، وتمثل بعضها قيمة مالية أو تراثية ويمكن استغلالها سياحيا.

غنائم السيسي

 

وتعد مقرات الوزارات القديمة في القاهرة مثل الخارجية، والتجارة والصناعة، والنقل، والتنمية المحلية، والسياحة والآثار، وغيرها والتي يعد أغلبها تاريخية وتراثية وجرى نقلها على مراحل إلى صندوق مصر السيادي منذ ديسمبر 2020، من أهم الأصول المحتمل طرحها للبيع في العاصمة القديمة.

 

‌وذلك إلى جانب وزارات العدل، والمالية، والتربية والتعليم (قصر)، والصحة، الإنتاج الحربي (قصر)، والتموين، والتضامن، والإسكان، والتي جرى نقلها في كانون الثاني/ يناير الماضي، بقرار جمهوري يقضي بنقل أراضي ومباني 13 وزارة بوسط القاهرة تمثل ثروة عقارية هائلة إلى صندوق مصر السيادي.

 

ويظل لافتا وينال أهمية خاصة من حكومة السيسي، ما لدى وزارة الأوقاف من أملاك ومقرات وأراض ومبان ذات قيمة عالية جميعها تابع لهيئة الأوقاف بجميع محافظات مصر ومدنها وقراها والتي تضم ممتلكات تتجاوز التريليون و50 مليار جنيه، وفق رقم جاء في سؤال موجه من عضو مجلس النواب أيمن محسب، لرئيس الوزراء، حول حصر الأصول وكيفية استغلالها.

 

‌بل إن السيسي، ومنذ سنوات ويقوم بإزالة صفة النفع العام عن الكثير من المباني والمنشآت الهامة في القاهرة والمحافظات لغرض بيعها، وقام في أغسطس 2020، بتخصيص “أرض المعارض” بمدينة نصر، وأرض “مكتبة الإسكندرية” لبنك الاستثمار القومي، ومن ثم ضمها إلى صندوق مصر السيادي، تمهيدا لبيعهما.

وفي يوليو 2022، وضع السيسي أراضي ومباني 12 هيئة وإدارة تابعة لوزارة الداخلية بأهم مواقع القاهرة والجيزة والبحيرة والمنيا، تحت تصرف وزارة المالية بعد إزالة صفة النفع العام عنها.

 

وهي: أراضي ومباني إدارات: العمليات الخاصة، والمرور، والعلاقات الإنسانية، وتصاريح العمل، والأندية وفنادق الشرطة، ومجمع خدمات الشرطة، وقطاع التدريب، والتأمين والمعاشات، والموانئ، ومديرية أمن القاهرة، ومرور الجيزة، وسجن الاستئناف بالقاهرة، وسجن دمنهور بالبحيرة، وسجن المنيا العمومي.

 

وفي ديسمبر 2022، نقل السيسي، إلى وزارة المالية، أراضي ومباني، سجن بنها بالقليوبية‏ 14 ألف متر مربع، و‏سجن طنطا بالغربية 26 ألف متر مربع، ومبنى الأمن المركزي ‏بالإسكندرية 45 ألف متر مربع، و‏سجن الإسكندرية، وسجن الحضرة بالإسـكندرية بمـساحة ‏22 ألف متر مربع، و‎ســجن بالبحيرة ‏‎ ‎‎28 ألف متر مربع، وسجن الزقازيق بالـشرقية ‏ 8 ‏آلاف متر مربع، وقطاع الأمن المركزي ‏بالقاهرة 16 ألف متر مربع.‏

و‏‎أراضي ومبا‏ني: وكالة النشاط الرياضي بالقاهرة ‏‏15 ألف متر مربع، و‏قطاع الشهيد عمرو مسعد بالقاهرة 82 ألف متر مربع، و‎قطاع ‏الشهيد عمرو عبدالمنعم بالقـاهرة 41 ألف متر مربع، و‎إدارة قوات أمن القاهرة بالدراسة 23 ألف متر مربع.‏

وفي يوليو 2024، نقل السيسى مقرات ومباني 9 سجون ومقرات أمنية لصالح وزارة المالية، وهي: أراضي ومباني قوات الأمن بالبحر الأحمر 63 ألف متر مربع، ومديرية أمن أسيوط 51 ألف متر مربع، ومديرية أمن الأقصر 60 ألف متر مربع، ومديرية أمن بني سويف 4400 متر مربع، ومديرية أمن أسوان 1200 متر مربع، وسجن قنا 21 ألف متر مربع، وسجن أسيوط 45 ألف متر مربع، وسجن المرج بالقليوبية 283 ألف متر مربع.

‌وهكذا لم يعد للشعب  أية أملاك تعينه، وبات الجميع تحت  أقدام السيسي لتعويمه من إفلاس حتمي.