قروض مصاريف المدارس تقود المصريين للسجن

- ‎فيتقارير

 

 

يشهد أولياء الأمور حاليا حالة من القلق الاجتماعي والاقتصادي المتزايد مع اقتراب موسم “بداية العام الدراسي”، حيث تواجه الأسر المصرية موجة من الأعباء المالية المتزايدة، في ظل استمرار تأثير الأزمات الاقتصادية والغلاء المتصاعد في البلاد، ما يضطرهم للاقتراض وتقسيط المصروفات الدراسية، في ظل أن الحكومة تسد أذنيها عن معاناتهم، وبدلا من العمل على تخفيض المصروفات تقوم بزيادتها 100% ، دون مراعاة لحقوق المصريين بمجانية التعليم.

 

ومع دخول شهر سبتمبر، تعود أزمة “المصروفات الدراسية” إلى الواجهة، حيث تتفاقم الأعباء المالية مع ضرورة تلبية احتياجات التعليم من لوازم مدرسية، رسوم التسجيل، ومصروفات إضافية، مما يجعل الأمر أكثر صعوبة للأسر ذات الدخل المحدود، بل وحتى الأسر التي كانت تعتبر ضمن “الطبقة المتوسطة” تجد نفسها مضطرة إلى إعادة ترتيب أولوياتها في ظل الظروف الاقتصادية الحالية، لتضطر إلى تقسيط المصروفات والتي قد تتسبب في حبسهم في حالة عدم السداد، إذ يلجأ أكثرهم إلى الاقتراض والاستدانة، لسداد المصروفات.

 

وأكثر من يعانون هم أولياء الأمور في المدارس الخاصة  الذين يواجهون تحديا إضافيا، مع ارتفاع تكاليف اللوازم الدراسية، التي تصل أحيانا إلى ما بين 20 ألف جنيه و60 ألف جنيه  لكل طفل حسب مرحلته التعليمية، وهو مبلغ يفوق بكثير ما كانت عليه التكاليف في السنوات السابقة، بينما تتصدر المدارس الدولية قائمة الأعلى مصروفات دراسية.

 

وبحسب وسائل إعلام محلية فإن مدرسة الكلية الأميركية بالقاهرة تتصدر قائمة هذه المدارس، حيث بلغت مصروفاتها نحو 810 آلاف جنيه العام الماضي.

 

مواجهة سنوية

 

وفي ظل هذه التحديات المتزايدة، تبدو الأسر المصرية في مواجهة سنوية مع واقع مالي يتطلب منها المزيد من التحمل والتخطيط لتجاوز عقبات المصاريف الدراسية المتزايدة، التي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياتهم،ولكن، يبقى السؤال مطروحا حول كيفية قدرة الأسر على التكيف مع هذه الظروف الصعبة، وكيف ستتمكن من ضمان استمرارية تعليم أبنائها خاصة مع دوامة الاقتراض والديون؟.

 

وفي حين تقدم العديد من الدول دعما لأولياء الأمور والتلاميذ ، بهدف تخفيف العبء وضمان حصول جميع التلاميذ على حقوقهم في التعليم، نجد أن حكومة الانقلاب وكأنها تريد أن تدمر منظومة التعليم، فبدلا من  تحفيز الطلاب بتخفيف الأعباء عن آبائهم، تجد المسئولين يتفننون في كيفية نهب جيوب المواطنين.

 

ينطلق العام الدراسي الجديد في مصر في عهد وزير جديد للتعليم، ووسط أعباء إضافية على أولياء الأمور راكمتها الأزمة الاقتصادية المستمرة، فضلا عن ارتفاع أسعار المدارس والطلبات المبالغ فيها لمستلزمات الدراسة، وفق شكاوى رائجة لأولياء الأمور ومحاولة لتخفيف تلك الأعباء وغيرها، لكنها دائما تأتي بعكس المتمني.

 

 

وشكا أولياء الأمور من رفع المصروفات الدراسية بشكل مبالغ فيه، مطالبين الوزارة بضرورة ضبط هذه المسألة بحيث لا تتعدى الزيادات حاجز الـ10% سنويا، خصوصا أن الزيادة الكبيرة في المصروفات تؤثر على الأسر المصرية التي لديها أكثر من طفل في المراحل الدراسية المختلفة.

 

ووفق تقارير اعلامية،  يشكو كثير من المواطنين، زيادة مصروفات المرحلة الإعدادية من 13 ألف إلى 30 ألف جنيه مع الإلزام بالدفع قبل العام الدراسي، فيما أفاد آخرون عن زيادة مصاريف المدرسة من مبلغ 17 ألف جنيه إلى 23 ألفا للعام الدراسي المقبل.

 

ردود الفعل

 

استشاط العديد من أولياء الأمور من زيادة المصروفات الدراسية وبعدما وجدوا أنه لا جدوى من مخاطبة المسئولين الذين هم في الأساس من تسببوا في تدميرهم، ليصبوا غضبهم في تغريدات على مواقع التواصل الإجتماعي.

 

فكتب المصري: “لما تجيب وزير تعليم أمه تملك مدارس خاصه و يقرر ينفعها “زيادة مصروفات المدارس الخاصة تعمّق الأزمات المادية لأسر مصرية”.

 

https://x.com/AElMassry/status/1830449192851968340

 

وكتبت سامية سالم: “هل الوزارة لخدمة مدارسك أول حاجة تعملها زيادة مصروفات المدارس الخاصة، بكره هنشوف أن الوزاره في خدمة مدارسك وإذا حصل والله أنت هتكون سببا في فشل الوزارة دي، وبما أن الشعب ده رفض رجل كان هيغير شكل التعليم في مصر طارق شوقي يبقي مفيش غير المزور هو اللي ينفع معاكم”.

 

https://x.com/SamiaSalem22963/status/1809344062702645556

يبلغ إجمالي عدد المدارس الخاصة في مصر 10 آلاف 450 مدرسة، تضم 88 ألفا و644 فصلا دراسياً، يدرس بها نحو مليونين و800 ألف طالب وطالبة، وفق كتيب «مصر في أرقام 2024»، الصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بمصر في مارس (آذار) الماضي.

 

وتشهد المدارس الخاصة إقبالا من الأسر المصرية، خصوصاً الطبقة المتوسطة والعليا، لكونها تقدم خدمة تعليمية بجودة أعلى، وهذا الطلب المتزايد يمنح المدارس المبرر لرفع أسعارها، بحسب الدكتور عادل عامر، الخبير الاقتصادي، رئيس مركز «المصريين للدراسات الاقتصادية والاجتماعية»، والذي أكد أن «ارتفاع تكاليف التشغيل لبعض هذه المدارس مثل أجور بعض المعلمين الأجانب بالعملة الصعبة، يعد سبباً آخر لرفع رسومها».

 

 

زيادة الفجوة الإجتماعية

 

أكد رئيس مركز «المصريين للدراسات الاقتصادية والاجتماعية» عادل عامر أن ارتفاع أسعار المدارس الخاصة، والمدارس الدولية التي تحصل مصروفاتها بالدولار ويتجاوز بعضها مبلغ المليون جنيه، له تداعيات وآثاره السلبية، منها توسيع الفجوة الاجتماعية وتعميق فجوة الدخل بين أفراد المجتمع، فالأسر القادرة على تحمل هذه المصروفات هي التي تتلقى التعليم الجيد، بينما الأسر ذات الدخل المحدود يُحرم أطفالها من فرص تعليمية أفضل، وبالتالي حدوث نوع من أنواع التباين الاجتماعي في المجتمع.

 

ويبلغ متوسط نصیب الفرد من الإنفاق السنوي للأسرة على «التعليم» 5.7 %  من قيمة إنفاقها السنوي، بحسب كتيب «مصر في أرقام 2024» لكن عادل عامر أشار إلى أن نحو 50%  من دخل الأسر المصرية المتوسطة وجّه إلى الإنفاق على التعليم خلال السنوات العشر الأخيرة، وزاد خلال العامين الأخيرين إلى نحو 75 %,,

 

وأوضح أن زيادة المصروفات تمثل عبئاً جديداً أمام الأسر المصرية، في ظل ارتفاع نسب التضخم، ما يمثل حملا كبيراً للغاية على دخل الأسرة، في ظل محدودية الدخل وغلاء الأسعار، وبالتالي سيكون لقرار زيادة مصروفات المدارس تبعات اقتصادية سلبية على الأسر، منه لجوء بعض الأسر إلى سحب أبنائهم من المدارس الخاصة والالتحاق بالمدارس الحكومية، أو المعاهد الأزهرية، وهو ما حدث فعلياً.

 

تقسيط المصروفات الدراسية

 

ونشطت في الآونة الأخيرة خدمة سداد المصروفات الدراسية التي تشهد رواجا حاليا بين البنوك من بنك إلى آخر على مستوى الحد الأقصى، للتمويل وفترة السداد والعمولة المستقطعة، والتي تصل إلى 30% فائدة على تلك المصروفات.

 

وتسارعت العديد من البنوك في عرض خدماتها على أولياء الأمور من أجل تقسيط المصروفات الدراسية لأبنائهم ، كبنك ناصر وبنك القاهرة وبنك الكويت وبنك أبوظبي، واضعين فوائد أو ما يطلقون عليها مصروفات إدارية من 10% إلى 30% على حسب الفترة الزمنية لهذا القرض.

 

ولعل المطلع على بعض القضايا المنتشرة في أورقة المحاكم، ستجد أن الكثير من تلك القضايا تخص أولياء أمور تعثروا في دفع الأقساط المدرسية لتطالبهم البنوك بتعويضات قد تصل لأضعاف ما اقترضوه، ليقع الكثير منهم في فخ الإفلاس وعدم القدرة على الدفع ليزج به في النهاية إلى السجن.