أهداف وهمية غير قابلة للتحقيق.. الثانوية العامة الجديدة تتلاعب بمصير الطلاب والمدرسين وأولياء الأمور

- ‎فيتقارير

 

 

حذر خبراء تربويين من اعتماد خطة إعادة هيكلة نظام الثانوية العامة التي أعلن عنها وزير تعليم الانقلاب محمد عبداللطيف، والتي تضمنت حذف وإضافة مواد دراسية للطلاب، بدايةً من الصف الأول وحتى الثالث الثانوي في العام الدراسي المقبل 2024\ 2025. 

وأكد الخبراء أن الثانوية العامة مرحلة أساسية في تحديد مصير الأبناء ونقطة فاصلة في اختيار المجال الذي سوف يتحدد من خلاله مستقبلهم،  محذرين من أن القرارات الجديدة تربك سوق العمل وتهدد استقرار الأسرة المصرية؛ نظرا لارتباط مجموع الطالب بمستقبله التعليمي، حيث يحدد المجموع، الكلية التي يلتحق بها. 

وقالوا: إن “القرارات الجديدة لا تصب في خانة تطوير التعليم، وإنما هي تغيير في آليات العملية التعليمية، لعلاج مشكلة عجز المعلمين والكثافة الطلابية ومواجهة الدروس الخصوصية بحذف  بعض المقررات”.

واستبعد الخبراء أن تنجح هذه القرارات في تحقيق مثل هذه الأهداف، مطالبين تعليم الانقلاب بالعمل على إعداد مواطن جيد، يمكن الاعتماد عليه لتطوير وتنمية المجتمع، ومواطن مبدع ومثقف يمتلك مخزونا كبيرا من المعلومات في مختلف المجالات. 

 

يشار إلى أن طلاب الثانوية العامة من المقرر أن يدرسوا ٥ مواد بداية من العام الدراسي المقبل ٢٠٢٤/ ٢٠٢٥، بدلًا من ٧ مواد بالعام الماضي، في شعبة علوم ستتم دراسة مواد: اللغة العربية- اللغة الأجنبية الأولى- الأحياء- الفيزياء – الكيمياء، ومادة اللغة الأجنبية الثانية من مواد النجاح والرسوب غير مضافة للمجموع، وفي شعبة رياضة مواد: اللغة العربية- اللغة الأجنبية الأولى- الرياضيات- الكيمياء- الفيزياء، وفي الشعبة الأدبية مواد: اللغة العربية- اللغة الأجنبية الأولى- التاريخ- الجغرافيا- الإحصاء. 

 

 

عجز المعلمين

 

من جانبه قال الدكتور محمد عبد العزيز، الأستاذ بكلية التربية بجامعة عين شمس: إن “القرارات الجديدة للثانوية العامة لا تصب في خانة تطوير التعليم أو منظومة تعليمية جديدة، بل هي تغيير في آليات العملية التعليمية لعلاج مشكلة نقص عدد المعلمين والكثافة الطلابية والتخفيف على أولياء الأمور، فيما يخص المصروفات على الدروس الخصوصية بحذف  بعض المقررات”.

وتساءل «عبد العزيز»، في تصريحات صحفية : هل هذه القرارات ستحل بالفعل المشكلات المتراكمة في التعليم من كثافة الفصول والعجز في أعداد المعلمين وغيرها،  موضحا أن هناك قضايا وتحديات لابد أن تُدرس وتوضع لها حلول حتى نستطيع القول إن هناك تغييرا يحقق أهدافه على أرض الواقع، وهذا سيتبين من التطبيق على أرض الواقع، فإن لم يتحول المناخ المدرسي لمناخ جاذب ستكون النتائج عكسية”. 

وشدد على أن تخفيف المواد الدراسية، يتطلب إجراءات على محتوى المنهج وأداء المعلم في الفصل، لضمان جذب الطلاب للمدرسة، لأنه في حالة أن الطالب لم يجد الخدمة التعليمية الحقيقية لن يذهب للمدرسة. 

وكشف «عبد العزيز»، أن الهدف الرئيسي من القررات هو تقليص عدد ساعات الدراسة لحل مشكلات العجز في المعلمين، وعجز الفصول الدراسية مع زيادة الكثافة في محاولة لاعادة الطلبة لمدارسهم، لافتا إلى أنه فيما يخص جعل أعمال السنة ٤٠٪ لابد أن يستكمل القرار بعدد من الإجراءات لضمان عدم استغلاله من قبل المعلمين، وإلا سيكون هناك مشكلة ولابد أن نعلم أن هذا مسكن وقتي لن يحقق نتائج طالما لم نضع حلولا للتحديات المزمنة من محتوى كتاب مدرسي مليء بالمشكلات، لاسيما وجود كتاب مدرسي، وفي المقابل كتاب خارجي ومدرس خصوصي ومناخ مدرسي غير جاذب. 

 

إعادة هيكلة

 

وقال الخبير التربوي الدكتور مجدي حمزة: إن “ما يسميه البعض نظام الثانوية العامة الجديد؛ ليس نظاما جديدا بل بمثابة إعادة هيكلة لنظام التعليم في الثانوية العامة، لرفع الضغط عن أولياء الأمور، من خلال تقليل حجم الدروس الخصوصية واستغلال بعض المدرسين للمواد المضافة للمجموع، والتي كانت تمثل عبئا كبيرا على كاهل الأسر المصرية”. 

وحذر «حمزة»، في تصريحات صحفية ، من أن إلغاء بعض المواد قد يترتب عليه نتائج مؤثرة في الثانوية العامة وفي التعليم الجامعي أيضا، مؤكدا أن مدرسي المواد التي خضعت للتعديل قلقون مما يمكن أن يحمله لهم المستقبل بعد تطبيق هذا التعديل، خاصة معلمي اللغة الأجنبية الثانية ومعلمي المواد الفلسفية واعتقاد بعضهم أنه سوف يتم إلغاء هذه المواد فىما بعد .

وأشار إلى أنه من الممكن أن يحجم الطلاب عن دخول بعض الكليات المتخصصة، والتي تتطلب الدراسة بها التفوق في هذه المواد، مثل كليات التربية والآداب بأقسامها، حيث إن هذه الأقسام قد تواجه صعوبة في سوق العمل الحالي كمدرسين، مشددا على ضرورة مراعاة هذا البعد أثناء إجراء التعديلات، حيث تكون العملية التعليمة سلسة متصلة الحلقات. 

وانتقد «حمزة»، مطالبة البعض بتسجيل حضور للطلاب عن طريق بصمة ، محذرا من أن تنفيذ هذه الفكرة يحمل دولة العسكر أعباءً إضافية غير ذات جدوى، قائلا: “لدينا في مصر أكثر من ٦٤ ألف مدرسة حكومية، وما يزيد عن ألفي مدرسة خاصة، وتنفيذ قرار كهذا يحتاج إلى ميزانية ضخمة، ناهيك عن عدم التأكد من استيعاب البصمة لهذا الكم الهائل من أعداد الطلاب والمدرسين، وهل سيتم استخدامها بالشكل الصحيح الذي يضمن لها السلامة أم إنها قد تتعرض للكثير من الأعطال مما يكلف دولة العسكر ميزانيات دون داعٍ؟”.

وأكد أن هذا القرار صعب التطبيق في الوقت الحالي حتى وإن كان سوف يساعد على جعل الطلاب ملتزمين بالحضور والانصراف وإنهاء ظاهرة التسرب المدرسي .

 

الدروس الخصوصية

 

وقال الدكتور طلعت عبد الحميد، أستاذ أصول التربية بجامعة عين شمس: إن “تطوير المناهج الدراسية وامتحانات الثانوية العامة ضروري جدا، موضحا أن النظام الجديد كان لابد أن يركز على آليات تحصيل الطلاب للمعلومات والعلم والمعرفة على مدار السنوات الدراسية الثلاثة”.

وأضاف «عبد الحميد»، في تصريحات صحفية: أن التعليم ليس هدفه تخريج طلاب ناجحين فقط، بل إعدادهم كمواطنين صالحين تم تنمية مهاراتهم النفسية والفكرية والاجتماعية والسياسية والأخلاقية، بما يجعلهم يساهمون في تنمية المجتمع. 

وأوضح أن هدف التعليم الحقيقي هو تكوين فرد منتج منذ طفولته لكل ما هو جديد في كافة الأمور التي تُوكل إليه، مما يترسخ لديه الفهم والإدراك لكافة الأمور، وأن يكون مبدعًا في مجاله، لافتا إلى أنه من ضمن أهداف التعليم إدارة الذات وتكوين علاقات مع الآخرين بشكل سليم، والتي تحدث أيضًا من خلال الأنشطة التي يمارسها الطلاب في المدارس، ويتعلمونها خلال المراحل الدراسية المختلفة،

وأشار «عبد الحميد» إلى أن الدروس الخصوصية موجودة منذ سنوات عديدة، ويقبل عليها أولياء الأمور والطلاب لمساعدتهم في الحصول على مجموع عال في امتحانات الثانوية العامة للدخول إلى الكليات المختلفة، بسبب اعتماد الكليات على مجموع الطالب كشرط أساسي لقبوله، ولكن في حالة تعميم اختبارات القدرات في كل كلية بجانب الاعتماد على مجموع الطالب في امتحانات الثانوية العامة سيكون أمرا جيدا، ليذهب كل طالب للمجال الذي يمكن أن يكون فيه مواطنا منتجا يُفيد المجتمع.

وشددً على ضرورة تركيز وزارة تعليم الانقلاب على مبدأ إعداد وبناء مواطن جيد، يمكن الاعتماد عليه لتطوير وتنمية المجتمع، ومواطن متكامل ومبدع ومثقف يمتلك مخزونا كبيرا من المعلومات في مختلف المجالات. 

 

اللغة الأجنبية الثانية

 

وقال مدرس لغة ألمانية: إن “إلغاء مجموع اللغة الأجنبية الثانية من المجموع الكلي لامتحانات الثانوية العامة واعتبارها مادة نجاح ورسوب، «كارثة» تضرب بمستقبل الأجيال القادمة، موضحا أن متطلبات سوق العمل في الوقت الراهن أصبحت تعتمد بدرجة كبيرة على اللغات الأجنبية المختلفة، ويبحث أصحاب الأعمال عن خريجي هذه اللغات والمتقنين لها”.

وأكد المدرس الذي رفض ذكر اسمه، أن بداية التأسيس في اللغة يأتي من الثانوية العامة سواء كانت هذه اللغة «الفرنسية- الألمانية- الإيطالية» وغيرها، وبالتالي فإن تهميش هذه اللغة يؤثر بالسلب على مستقبل الطلاب. 

وأضاف : إن قرار اعتبار اللغة الأجنبية الثانية مادة نجاح ورسوب فقط دون إضافتها للمجموع يؤثر على معلمي هذه اللغات سلبًا، متسائلًا: هل يستطيع مدرس اللغة الثانية الاستمرار في مهنته بعد هذا القرار؟ هل سيهتم أولياء الأمور أو الطلاب بالتأسيس الدراسي الصحيح في اللغة؟، مؤكدًا أن هذا القرار ليس في مصلحة المعلمين ولا الطلاب أيضًا، حيث سيتعامل الطلاب بتهاون شديد طوال فترة الدراسة مع اللغة الأجنبية الثانية، ويذهبون للكليات المختلفة دون معرفة شيء عن هذه اللغة أو قواعدها الدراسية الأساسية للتحدث والكتابة، بما يضر بمستقبلهم المهني في سوق العمل.