في إفراز طبيعي ونتاج مر لسياسات السيسي الاقتصادية، بات أغلب المصريون يلجأون للطعام الرخيص، لسد جوعهم، حتى ولو كان على حساب صحتهم.
وفي مقدمة تلك الأطعمة ، يأتي شراء الزيت المستعمل، والمعاد تعبئته، كجريمة كبرى بحق الإنسان المصري، لا يتحمل مسئوليتها سوى الحكومة والنظام القائم.
ويقدر حجم مخلفات زيت الطعام المُستعمل أو الهالك سنويا بنحو 500 ألف طن، كما ينمو في مصر سوق مخلفات زيت الطهي المستخدم، تقدّر تجارة زيت الطعام المستخدم في مصر بنحو 14 مليون، حسب تصريحات نور العسال -الشريك المؤسس لشركة تجدد الناشئة المصرية-، والذي أفاد بأن هناك 26 شركة تعمل في زيت الطهي المستعمل داخل مصر حاليًا، مهمتها إنتاج وقود الديزل الحيوي وصناعة الصابون والتصدير.
وانتشرت في مصر ظاهرة جامعي الزيوت المستعملة من المنازل والمطاعم والفنادق، حيث يحصلون عليه بمقابل مالي يصل إلى 30 جنيها للكيلوجرام الواحد في مناطق بالقاهرة، عبر تجولهم في الشوارع وإطلاق نداءات لربات البيوت تسمح لهم بالاستحواذ على كميات من الزيوت المستهلكة بدلا عن محاولة التخلص منها في الصرف الصحي، أيضا انتشرت دعاية واسعة عبر وسائل التواصل الإجتماعي لأفراد أو كيانات تعرض شراء الزيت المستعمل بمبالغ لا تبعد كثيرا عن قيمة سعر الزيت الجديد الذي يباع بالمحال التجارية.
كما أن عشرات الصفحات على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك تعلن يوميا عن حاجتها لشراء زيوت الطهي المستعملة في مقابل مبالغ مرتفعة نسبيا، وهو ما يحفز المواطنين على التعامل معها، بدلا من إهداره دون فائدة. أعلنت صفحة عن برنامجها للشراء عبر إعلان لها توضح فيه أن أسعارها تنافسية، وحثت على بيع الزيت المستخدم لهم بدلا من بيعه لمتجولين مجهولين، موضحة أن منصتهم حاصلة على كافة التراخيص اللازمة لجمع والتخلص الآمن من الزيوت المستعملة.
تهدف تجارة زيت الطعام المستعمل على السوشيال ميديا إلى إعادة تدوير الزيوت وبيعها للمصانع التي تستخدمها في صناعات مختلفة مثل الوقود الحيوي أو الصابون أو الديزل، هذه الفكرة توفر دخلا إضافيا للأسرة وتحمي البيئة من التلوث، وفق تاجر زيت طعام مستخدم.
كوارث صحية
وتعد أضرار الزيت المستعمل ، الذي يجري الطهي به ، أم الكوارث الصحية التي تهدد حياة ملايين المصريين، بالسرطان والفشل الكلوي والكبدي وغيره من الأمراض الأخرى.
تُبرز الدراسات الطبية أن إعادة استخدام الزيت المستعمل، قد يؤدي إلى تسارع ظهور عدد من الأمراض الخطيرة، بما في ذلك السرطان وأمراض القلب.
إذ تتزايد مخاطر الأحماض الدهنية المتعددة غير المشبعة التي تتغير تركيبها الكيميائي عند الطهي المتكرر.
ووفق أساتذة التغذية، فإن الزيوت التي يتم استخدامها أكثر من مرة تبدأ في إنتاج مركبات سامة تؤثر على الصحة.
وعندما يتعرض الزيت لدرجات حرارة عالية، قد يتحلل ويشكل مواد كيميائية تُعزز خطر الإصابة بالأمراض.
يشار إلى أن أغلب الأسر التي تشتري الزيت المستعمل من محال الفلافل أو من مصانع الشيبسي والمقرمشات، هي من الأسر الفقيرة والمعدومة الدخل، وذلك بعد ارتفاعات أسعار الزيوت والأطعمة بنسب تتجاوز الـ600%، منذ مارس الماضي.
ووصل سعر عبوة الزيت لأكثر من 80 جنيها للأنواع الأقل جودة، للعبوة لتر و650 ملجرام.
الفساد وغياب المراقبة
ويرى كثير من المتابعين، أن هناك فسادا في مراقبة نوعية الزيوت المستخدمة في المطاعم والأسواق، حيث تشهد بعض المطابخ الإهمال في جودة الزيت التي تستخدمها.
تقول “دينا سعيد”، ناشطة في مجال حقوق المستهلك: “يجب على السلطات المعنية تفتيش المطاعم بشكل دوري، نحن لا نستطيع المخاطرة بصحتنا بسبب فساد بعض أصحاب الأعمال”.
وتتجاهل بعض الجهات المسؤولة ضرورة وجود سياسات وإجراءات فعّالة لحماية صحة المواطنين.
ويعتمد تجارالزيوت على ثقافة المجتع المصري الضحلة في استعمال الزيوت والأطعمة، إذ إنه من المفترض أن يتخلص المواطن من بقايا الزيوت في أماكن بعيدة عن أيدي العابثين بصحة الشعب المصري وتجار السموم.