بسبب السيسي وسياساته.. “الكانز” والزجاجات البلاستيك ملاذ موظفي مصر من الفقر

- ‎فيتقارير

 

 

مع غلاء المعيشة وانضمام ملايين من المصريين لدوائر الفقر والعوز الجهنمية، التي لن ينجو منها إلا القليل من المصريين، تزايدت أعداد نابشي القمامة الأصليين، بل انضم إليهم آلاف الموظفين ، بحثا عن أي شيء يصلح لإعادة البيع لجمع أي أموال، تقي الموظفين المحرومين من العيش الكريم ومن الحد الأدنى للأجور والشحاتة أو السرقة.

 

 

ووفق جولات ميدانية، لا تستطيع العين أن تخطئ الكثير من الموظفين، الذين يخرجون من عملهم، ويبتعدون بعض الشيء عن مقار أعمالهم، ليخرجوا من جيوبهم أكياسا سوداء، لالتقاط ما يصادفهم من عبوات المياه الغازية الفارغة “الكانز”، ويصل كيلو  الكانز حاليا نحو  50 لـ 60 جنيها، وفق شهادات بعض الموظفين.

 

 

ووفق شهادات إعلامية لبعض نابشي القمامة والباحثين عن الكانز، لم  يتخيل  أحد الموظفين أنه قد يلجأ إلى هذا الحل من أجل زيادة دخله، الذي يقل عن الحد الأدنى للأجور بنحو ثلاثمائة جنيه، ولكن مع موجات التضخم المتتالية وتصاعد أسعار الخدمات على مدار عامين في مصر، لم يجد بُدًا من محاولة التكيّف.

 

تغيير العادات بحثًا عن بعض جنيهات

 

 

ووفق شهادات إحدى الموظفات، “من سنة واحدة بس مكانش ممكن يجي في بالي إن الأزايز البلاستيك والكانزات اللي بنرميها دي، ممكن تساعدني أنا وجوزي إننا نشتري جزءا من احتياجاتنا”.

 

وتعمل تلك الموظفة ، معلمة رسم بإحدى المدارس  الحكومية بمنطقة جسر السويس في القاهرة، ويبلغ راتبها  4500 جنيه بعد نحو 7 سنوات من العمل، وهو المبلغ ذاته الذي يتقاضاه زوجها مُدرّس التربية الرياضية في المدرسة نفسها.

وبحسب المعلمة، يذهب  أكثر من ثلث راتبيهما في الإيجارللشقة، وباقي مصاريف الأكل والشرب والكهرباء والغاز لا يكاد المبلغ المتبقي يكفي.

 

وارتفعت معدلات التضخم خلال العام الماضي إلى مستويات غير مسبوقة، بلغت ذروتها في سبتمبر الماضي مع تجاوزه مستوى 40%، بسبب انخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار في السوق الموازية، ورغم القضاء على السوق الموازية خلال الأشهر الأخيرة من خلال رفع سعر الصرف الرسمي للدولار بنحو 60%، لا تزال معدلات التضخم فوق مستوى الـ20%.

 

ووفق الموظفة ، وصل  كيلو الزجاجات البلاستيكية 20 جنيها وكيلو الكانز تخطى 80 جنيها، فقررت جمع كل ما هو فارغ في منزلها من زجاجات الزيت أو المياه أو الصابون السائل وغيرها، تجاوز الأمر ذلك، بجمع ما تجده في الشارع وفي طريقها للمدرسة.

 

إحصاءات الجوع

ووسط التضخم وزيادات الأسعار الجنونية،  خفضت 85% من الأسر استهلاكها من اللحوم نتيجة ارتفاع أسعار الغذاء، بينما قللت 75% من الأسر نفسها استهلاكها للدجاج والبيض، وانخفض استهلاك الأسماك والألبان بنسبة 60%، فيما زاد استهلاك الأسر للأطعمة النشوية مثل البطاطس والمكرونة، التي تحتوي قدرا أقل من العناصر الغذائية.

 

أسعار “الخردة”

 

ووفق تقارير إحصائية، استفاد جامعو العبوات الفارغة بصورة غير مباشرة من مستويات التضخم المرتفعة خلال الفترة الماضية، فارتفع سعر كيلو “الكانز” بقوة خلال العام الماضي بالتزامن مع ارتفاع أسعار الألومنيوم ليتراوح بين 100 و120 جنيها، قبل أن ينخفض مجددا مع هدوء وتيرة زيادة التضخم، ليتراوح حاليا بين 50 و90 جنيها، وفق المنطقة الجغرافية.

 

ويقول يسري بكر، صاحب مخزن خردة في قرية قلما، إحدى قرى مركز قليوب التابع لمحافظة القليوبية، في تصريحات إعلامية،  “وقت ما ابتديت كان سعر كيلو أزايز المياه مثلا بـ2 و3 جنيهات، والكانزات ما بين 15 و20 جنيها، دلوقتي أسعارها بقت 3 و4 أضعاف، حاليا  كيلو الأزايز في حدود 15 جنيها وببيعه لتجار الخردة بـ17 أو 18 جنيها”.

ووفق مواطنين :”دلوقتي بتلاقي واحد ماشي يلاقي كرتونة يقوم واخدها تحت إيده عشان يجيب 10 جنيه فطار”.

 

ووفق نابشي قمامة، فقد انضمت طبقات جديدة لمجال جمع العبوات، وخاصة من فئات الموظفين وربات البيوت والشباب، بسبب البطالة وعدم توافر فرص عمل مناسبة.

يشار إلى أن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء  لم يعلن عن بيانات محدثة عن مستويات الفقر في مصر منذ 2019، وهو الجهة الوحيدة المنوط لها جمع هذه البيانات، لكن أحدث البيانات المنشورة تشير إلى أن نحو ثلث المواطنين يقعون تحت خط الفقر.

 

 

ومن ضمن أزمات الفقر بمصر في ظل حكم العسكر، تحول جمع العبوات الفارغة لبيزنس رائج على السوشيال ميديا، إذ تنتشر صفحات شركات تُجمّع البلاستيك وعبوات المياه الغازية من أجل إعادة تدويرها، أو إعادة تصنيعها، وهي الفكرة التي جذبت الكثير من الموظفين وأبناء الطبقة الوسطى، ولسان حالهم،  “محدش نجا من الغلاء الأيام دي”.

 

ووفق خبراء، تعد إعادة التدوير من الأسواق الواعدة، ومن المتوقع أن يصل معدل نموها السنوي إلى 6.7% بين عامي 2023 و2027، ولا يوجد إحصاء رسميا بعدد شركات إعادة التدوير التي تعمل أونلاين في مصر ولكنها تصل للعشرات.

وحسب تقرير لمجلس الوزراء، تنتج مصر حوالي 90 مليون طن مخلفات سنويا، ويبلغ إجمالي حجم المواد القابلة للتدوير 24.3%، وقد جاءت مصر في المرتبة الأولى عربيا والـ14 عالميا، من حيث معدلات إعادة التدوير لعام 2023.

 

ووفقا لقاعدة بيانات ترند إيكونومي، بلغت قيمة صادرات النفايات والخردة الحديدية من مصر 21 مليون دولار في عام 2023، أي أنها ارتفعت بنسبة 368% مقارنة بعام 2022 الذي تم التصدير فيه بقيمة 4.61 مليون دولار، وهو رواج استفادت منه الطبقات المتوسطة.

 

ولعل ما يحزن كل المصريين، أن كثيرا من المستورين ماليا سابقا، تحولوا لنبش القمامة، وشعارهم “أمد إيدي للأرض أحسن ما أمد إيدي لحد” فهل يعلم العسكر ماذا فعلوا بالمصريين؟.