هكذا يسميها الإعلام الغربي والعربي المتصهين “فضيحة جنسية”! وسط موجة غربية واسعة من الكذب والتدليس ضد جماعة “الإخوان المسلمون”، في محاولة يائسة لشيطنتها واستعداء الرأي العام عليها وبذر مزيد من الشكوك حولها.
حملة تقودها صحيفة “الإندبندنت” البريطانية وموقع ومحطة “سي إن إن” العربية وعدد من المنصات الأخرى الممولة من أذرع الكيان الصهيوني في عالمنا العربي.
وقد انطلقت تلك الحملة من خبر نُشر عن حادثة اعتداء جنسي وقعت بحق أطفال في إحدى دور الرعاية في ماليزيا، وتحدث الخبر عن القبض على مجموعة منحرفة ارتكبت الجريمة، تحمل اسم مجموعة “غلوبال إخوان” الماليزية.
يومها قال رئيس الشرطة الوطنية الماليزية: إن “السلطات أنقذت 402 من الأطفال، واعتقلت 171 مشتبهًا بهم بعد دهم 20 دار رعاية مرتبطة بمجموعة أعمال إسلامية تدعى ( غلوبال إخوان ) حيث تم استغلال الأطفال والاعتداء جنسيًا عليهم.”.
ولم يصدر عن رئيس الشرطة الماليزية أي كلام يربط بين هذه الحركة وجماعة “الإخوان المسلمون”.
وعلى كل حال، فإن هذه الأخبار لم تلق صدى في ماليزيا، لأن أنشطة هذه المجموعة ممنوعة قانونًا منعًا باتًا في ماليزيا، ويحظر على أي شخص الترويج لنشر أفكارها.
ثم إن الواقعة لا تمس تيار جماعة الإخوان في ماليزيا، لأن من يمثل تيار الإخوان هناك هي “جمعية إكرام” والحزب الإسلامي الماليزي، وهو تيار مشارك في البرلمان والحكومة.
الغريب أنه بمجرد ظهور كلمة “إخوان” في الخبر الخاص بـ “غلوبال إخوان” سارع الإعلام المشبوه بإلصاق الواقعة بجماعة “الإخوان المسلمون” ونسج على منوالها قصصاً كاذبة، ألمحت إلى صب انحرافات تلك المجموعة على جماعة الإخوان ذاتها، وحرصت تلك الحملة على ربط انحرافات تلك المجموعة الماليزية المارقة بحركة حماس التي تتزايد شعبيتها الجارفة بين الجماهير في العالمين العربي والإسلامي والعالم الحر، بعد الصمود المذهل والتاريخي لمقاتليها أمام العدوان الصهيوني المتواصل على امتداد عام تقريباً، في أطول حرب صهيونية على طرف عربي منذ احتلال فلسطين.
لم تكلف صحيفة “الإندبندنت” وموقع “سي إن إن” بالعربية ومنظومة الإعلام المتصهين نفسها بتحري الخبر وتدقيقه قبل نشره وفقاً لقواعد العمل الإعلامي، لكنها سارعت باتهام جماعة الإخوان بعناوين براقة، تم ترويجها في المنطقة العربية، سقطت فيها المهنية الإعلامية من تلك المنصات الإعلامية الدولية، وبالتالي سقطت في أعين وضمائر قرائها ومتابعيها، فأول بدهيات المهنية هي التدقيق والتحري قبل النشر، ولو فعلوا ذلك لاكتشفوا الحقيقة بسهولة، لكنهم صنعوا زفّة كاذبة مقصودة بغية التشويه والشيطنة.
زرت ماليزيا من قبل وتواصلت مع معظم القوى السياسية هناك، ولم أسمع هناك بأن “غلوبال إخوان” تلك هم “الإخوان المسلمون”، كما أنني عدت إلى الأرشيف وتواصلت مع عدد من الأكاديميين والكتّاب الأصدقاء في ماليزيا ومع عدد من المهتمين بالشأن الماليزي خارجها، فاستغرب معظمهم نشر هذا الكلام، لأن من يمثل تيار الإخوان هناك هي جمعية “إكرام ماليزيا” والحزب الإسلامي الماليزي، وهما – بالمناسبة – يشغلان عدداً من مقاعد البرلمان، وهما كذلك جزء من تحالف وطني في ماليزيا.
أما ما حاول الإعلام العربي المتصهين ترويجه بعناوين وقحة وإلصاقه بالإخوان، فهو يتعلق بجمعية “غلوبال إخوان”، واستخدام كلمة “إخوان” شائع مع العديد من الجمعيات والأنشطة للتعبير عن الأخوة الإنسانية، لا أكثر، وكذلك في عدد من البلدان العربية، بعيدًا عن الاسم الرسمي لجماعة الإخوان، ومن بينها “غلوبال إخوان” على شاكلة سلسلة “حلواني إخوان” التي ظنها بعض السُذج عند ظهورها في مصر أنها تمثل الإخوان، وحاول الإعلام المعادي إلصاقها بالإخوان ولكنه فشل.
وهو نفس الإعلام المتصهين في بلادنا الذي حاول شيطنة جماعة الإخوان بربطها بـ “قبيلة الإخوان” التي وقفت ضد توحيد الجزيرة العربية وتم القضاء عليها في حينه، والحقيقة أنهم من منطلق الأخوة القبلية سموا أنفسهم “الإخوان” دون أي تفكير في جماعة الإخوان.
وحتى وقت قريب، كان العديد من الحكام العرب يَرمزون إلى تواصلهم مع نظرائهم من الحكام، ومنهم الرئيس الراحل مبارك، فيقول: اتصلت بالإخوان في كذا وكذا، لكنه توقف في سنواته الأخيرة فيما يبدو منعاً للالتباس.
حتى جماعة “إخوان الصفا وخّلان الوفا”، تلك الجماعة السرية الباطنية التي ظهرت في البصرة في القرن الرابع الهجري والعاشر الميلادي وضمت العديد من الفلاسفة، حيث دمجت بين الفلسفة اليونانية والعقيدة الإسلامية، حاول البعض ربطها بجماعة الإخوان بهدف التشكيك والتشويه والتهوين خدمةً للأنظمة المتصهينة ولكن دون جدوى.
وبالعودة إلى ماليزيا، فإن جماعة “غلوبال إخوان” التي يدور حولها الحديث الكاذب على أساس أنها تمثل الإخوان المسلمين في ماليزيا، تعود جذورها إلى حركة الأرقم أو مركز دار الأرقم للدراسات التي أسسها أحد مشايخ الطرق الصوفية والأشعرية ويدعى أشعري بن محمد.
تقول عنها شريفة زاليها، وهي باحثة في مجال الإسلام السياسي في ماليزيا: إن “أشعري بن محمد كان يؤمن أنه المهدي وأن له قوى خارقة، ومع ذلك كان هناك الكثير من أتباعه الذين استمروا في تأييده وآمنوا بأفكاره.”.
وبعد… يبدو أن كلمة جماعة “الإخوان المسلمون” – باسمها ووجودها على الساحة – ستزيد من صداع الكيان الصهيوني وأزلامه في المنطقة، صداع فجره طوفان الأقصى ولن يتوقف، ألم ينفجر نتنياهو غاضبًا قبل أيام، وهو يعلق على فوز جماعة الإخوان في الأردن؟.