كشفت أزمة محور صلاح الدين “فلادلفيا” الذي يبلغ طوله 14 كيلومتراً وعرضه 100 متر عن عمالة عبدالفتاح السيسي قائد الانقلاب الدموي مع الصهاينة والأمريكان، والوقوف ضد المقاومة الفلسطينية، حيث لم يعترض السيسي على احتلال الصهاينة لمدينة رفح الفلسطينية ولا السيطرة على محور صلاح الدين ولا اتخاذ موقف رافض لهذه الإجراءات الصهيونية، رغم خطورة ذلك على الأمن القومي المصري .
ورغم إعلان الانقلاب عن رفضه تهجير الفلسطنيين إلى سيناء إلا أنه يعمل على مساعدة الصهاينة في تحقيق هذا الهدف، يؤكد ذلك ما أعلنت عنه الصحف الصهيونية من أن السيسي وعيال زايد في الإمارات وافقوا على المشاركة في قوات حفظ السلام في غزة، كجزء من ترتيبات اليوم التالي لوقف الحرب في قطاع غزة .
ومع البدائل المحدودة، في ظل نهج تنياهو الماكر، الذي أعاد مفاوضات وقف إطلاق النار إلى المربع الأول، تورط نظام الانقلاب أكثر في تعقيدات ناجمة عن اقتراح ممر فيلادلفيا، مما أدى إلى وضع متفجر يمكن أن ينفجر في وجه الجميع.
ويتصور الصهاينة أن وجودهم في ممر صلاح الدين سيكون لصالحهم لكن التكلفة العالية لتأمينه، ومستوى الخسائر المتوقعة، يشيران إلى أنه سيتحول إلى نقطة ساخنة، وربما مستنقع لجيش الاحتلال وكذلك لنظام الانقلاب الذي سيجد نفسه مضطرا إلى دخول الصراع في أي لحظة.
خريطة الصهاينة
بالتزامن مع الأزمة طرح الصهاينة خريطة مقترحة لمحور فيلادلفيا، وهي بمثابة فخ يمكن أن ينفجر في أي لحظة، فهي تعرض المفاوضات للخطر وتفرض واقعاً جديداً على الحدود، وهو ما قد يخلف عواقب وخيمة على الأمن القومي المصري في ظل إصرار نتنياهو على إبقاء المحور تحت سيطرته.
هذه الخريطة التي تبناها مجلس الوزراء الأمني الصهيوني، وصوت ضدها وزير الدفاع يوآف جالانت فقط، ما تسبب في حدوث خلاف بينه وبين نتنياهو، يسمح بإعادة تمركز الجيش الإسرائيلي على طول الممر من خلال نقاط عملياتية وأبراج مراقبة وقوات مسلحة بشكل كبير وغطاء جوي إذا لزم الأمر، وهذا لا يمثل ضغطًا فقط على مجموعات المقاومة الفلسطينية، بل وأيضًا على الجيش المصري.
وتتجاهل الخطة الصهيونية تفاهمات اتفاق فيلادلفيا الذي وقعته إسرائيل مع مصر عام 2005، كملحق أمني لاتفاقية كامب ديفيد، والذي سمح بنقل السيطرة على المنطقة (د)، التي تضم محور فيلادلفيا، إلى السلطة الفلسطينية، وقد تم التوصل إلى اتفاق بعد موافقة الكنيست الإسرائيلي عام 2004 على انسحاب كافة القوات الإسرائيلية من قطاع غزة، وهو القرار الذي دخل حيز التنفيذ في أغسطس 2005.
يشار إلى أن المقاومة الفلسطينية وحركة حماس تصر على الانسحاب الإسرائيلي الكامل من القطاع، الأمر الذي يفرض ضغوطاً استراتيجية على نظام الانقلاب، لأن الممر يشكل منطقة عازلة بموجب معاهدة السلام الموقعة بين مصر وإسرائيل عام 1979.
موقف ضعيف
حول هذه الأزمة قال الخبير السياسي في الشأن الفلسطيني محمد جمال: إن “قرار الاحتلال الصهيوني البقاء في الممر ورسم خرائط تواجد القوات الإسرائيلية، إلى جانب قرار تعيين حاكم عسكري إسرائيلي للقطاع بحجة الإشراف على الشؤون الإنسانية، يشير إلى عدة أمور منها : دولة الاحتلال مستعدة للبقاء في غزة لفترة طويلة، والنية هي تعطيل أي اتفاق لوقف إطلاق النار، وتريد منع صفقة تبادل الأسرى، وتريد فرض واقع جديد على مصر، رغم أن وجود جيش الاحتلال في رفح يتعارض بالفعل مع معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية”.
وحذر جمال في تصريحات صحفية من أنه إذا نجح نتنياهو في تحقيق هذه الأهداف، فسيضطر نظام الانقلاب إلى الاستسلام للواقع الجديد على الأرض وقبول منطقة مفخخة على طول حدوده، وقد يجد الانقلاب نفسه في مرمى النيران أو في اشتباكات حدودية، وهو ما قد يؤدي على الأرجح إلى تورطه في صراعات مستقبلية، خاصة وأن المقاومة الفلسطينية ستستهدف قوات الاحتلال في ممر فيلادلفيا.
وأشار إلى أن ضعف موقف الانقلاب منذ بداية الحرب على غزة، وتماهيه مع الرغبة الإسرائيلية في القضاء على حماس، التي يعاديها نظام الانقلاب ويزعم أنها منظمة إرهابية، شجع نتنياهو على محاولة خلق واقع جديد في رفح والممر، قد يكون من الصعب تغييره من دون تنازلات سرية وعلنية، قد تكون مرتبطة بعمليات مراقبة مشتركة للمحور أو ربما يدفع الانقلاب إلى الموافقة على المشاركة في إدارة أمن قطاع غزة في اليوم التالي للحرب.
حسم وقسوة
وطالب الباحث السياسي عمرو المصري نظام الانقلاب بالتعامل بحسم وقسوة مع المطامع الإسرائيلية والمحاولات الرامية إلى الاستمرار في احتلال محور صلاح الدين، موضحا أن التكتيكات المحتملة التي يمكن أن يلجأ إليها الانقلاب لمواجهة التعامل مع إسرائيل تشمل خطوات دبلوماسية وعسكرية مثل وقف التنسيق الأمني مع الاحتلال، وتجميد التطبيع بين البلدين، واستدعاء السفير المصري من تل أبيب، واللجوء إلى المحاكم الدولية لاتهام الاحتلال بانتهاك اتفاقية كامب ديفيد.
وأكد المصرى في تصريحات صحفية أن هذه الضغوط، قد تجبر نتنياهو على سحب اقتراحه المثير للجدل حول ممر فيلادلفيا.
وكشف أن المراقبين لا يستبعدون إمكانية موافقة نظام السيسي على المقترح والتكيف معه، بدعم أمريكي، وربما إماراتي أيضاً، مع منح الانقلاب امتيازات سرية عسكرية واقتصادية، وتنسيق أمني واستخباراتي على أعلى مستوى فيما يتعلق بإدارة الممر، وقد تتوافق مثل هذه الصفقة مع مصالح الطرفين، ولو مؤقتاً، شريطة أن تلتزم تل أبيب بالانسحاب من الممر بعد استكمال ترتيباتها في غزة.
أراض فلسطينية
وانتقد الخبير الاستراتيجي اللواء سمير فرج، مزاعم قوات الاحتلال الإسرائيلي بشأن وجود أنفاق بين مصر وقطاع غزة، وموقف محور فيلادلفيا بين الدولتين، مؤكدا أن محور فيلادلفيا هو جزء من الأراضي الفلسطينية ويوجد داخل قطاع غزة.
وقال فرج في تصريحات صحفية: “إسرائيل ظلت محتلة قطاع غزة بالكامل بما فيه محور فيلادلفيا من 1967 وحتى عام 2005، وبعدها خرجت وقامت بتعديل اتفاقية كامب ديفيد لأوضاع قواتها حول محور فيلادلفيا ليكون خاليا من القوات”.
وأكد أن إسرائيل هي من طلبت عدم وجود قوات دولية في محور فيلادلفيا أثناء تعديل اتفاقية كامب ديفيد، لكنها خالفت الاتفاقية واحتلت فيلادلفيا.
وكشف فرج أن حماس تحصل على أموال من قطر شهريا تقدر بـ30 مليون دولار في حماية إسرائيل، وعمرنا ما دخلنا أسلحة ولا ذخيرة لحماس من الحدود، حيث تم تدمير جميع الأنفاق التي كانت على الحدود بالكامل من أجل حماية أمننا القومي.
وأشار إلى أن الجيش الإسرائيلي يسيطر بالكامل على الحدود الفلسطينية ويرفع العلم الإسرائيلي هناك مخالفا اتفاقية كامب ديفيد، محذرا من الموافقة على احتلال إسرائيل لمعبر رفح ومحور فيلادلفيا، وسدد على أن ما حدث هو اخلال بالاتفاقيات المشتركة .