“تمخض الانقلاب فولد خيبة كبيرة”…منهج العلوم المتكاملة للصف الأول الثانوي كتاب فقير ومحتواه ضعيف

- ‎فيتقارير

 

آثارت مادة العلوم المتكاملة التي فرضتها وزارة تعليم الانقلاب، في إطار ما يسمى بنظام الثانوية العامة الجديد انتقادات حادة من جانب المعلمين وأساتذة التربية، محذرين من أن منهج العلوم المتكاملة محتواه ضعيف وكتاب فقير بالمحتوى العلمي مقارنة بالكيمياء والفيزياء والأحياء.

وشن المعلمون هجومًا حادًا على منهج العلوم المتكاملة المقرر لأول مرة على طلاب الصف الأول الثانوي للعام الدراسي الجديد 2024-2025والذي طرحته تعليم الانقلاب.

وقالوا: إن “المنهج يحتوي على معلومات عامة متشعبة لا تصلح لتأسيس الطلاب في مختلف فروع العلوم: الأحياء والكيمياء والفيزياء والجيولوجيا”.

وأكد المعلمون أن منهج مادة العلوم المتكاملة غير مدروس وغير منظم، موضحين أن هناك تسرعا غير مبرر من تعليم الانقلاب في وضعه لطلاب الصف الأول الثانوي.

 

كانت وزارة تعليم الانقلاب، قد أتاحت كتاب مادة العلوم المتكاملة المقرر على الصف الأول الثانوي للعام الدراسي الجديد 2024-2025.

ويشتمل كتاب مادة العلوم المتكاملة على محورين، هما: استدامة الحياة في النظم البيئية من منظور التكامل العلمي ويحتوي على أربعة فصول هي: النظام البيئي المائي، والغلاف الجوي، والتربة، ودور العلم في استدامة البيئة.  

فيما يتحدث المحور الثاني عن الطاقة والموارد الطبيعية، ويحتوي على أربعة فصول هي: الموارد البيئية، والطاقة المتجددة وغير المتجددة، وأنماط تدوير الموارد واستثمارها، ومستقبل الطاقة.

 

محتوى ضعيف

 

من جانبه قال أحد معلمي مادة العلوم للمرحلة الإعدادية: إن “منهج العلوم المتكاملة محتواه ضعيف، وكتاب فقير بالمحتوي العلمي من الكيمياء والفيزياء والأحياء”.

وأكد المعلم أن منهج مادة العلوم في الصف الأول الإعدادي أقوي من منهج العلوم المتكاملة للصف الأول الثانوي، مشيرا إلى إمكانية قيام أي مدرس بشرح المادة نظراً لضعف محتواها العلمي.

ونوه إلى أنه بالرغم من صعوبة منهج الكيمياء القديم للصف الأول، إلا أنه كان بالغ الأهمية خاصة للصف الثالث والكليات العملية، مؤكدا أن التطوير المزعوم جعلنا ننتقل من سيء إلى أسوأ .  

واانتقد أحد معلمي مادة الفيزياء بالثانوية العامة محتوى منهج العلوم المتكاملة، مشيرا إلى احتوائه على معلومات عامة ومتشعبة وغير متكاملة على الإطلاق، ولن تؤسس الطلاب في الصف الأول الثانوي.  

وأشار المعلم إلى أن منهج العلوم المتكاملة يعتمد على طالب فاهم قوانين ونظريات لم يدرسها من قبل، مؤكدا أن المنهج غير متناسق مع فكر طالب فى أولى ثانوى ومع المناهج العلمية في الصفين الثاني والثالث.

 

تقسيم المادة

 

وكشف معلم كيمياء في الثانوية العامة أن منهج العلوم المتكاملة كبير جدا وبه تفاصيل كثيرة، وبه صعوبة على طالب في الصف الأول الثانوي، مشيرا إلى احتوائه على جزئيات من الفيزياء والكيمياء والأحياء.

وتساءل كيف يتم تدريس منهج العلوم المتكاملة في محاضرة واحدة أسبوعيا، مؤكدا أن هذا المنهج يحتاج محاضرات أكثر بكثير من ذلك حتى يتم الانتهاء منه .

وقال معلم أحياء: إن “منهج العلوم المتكاملة للصف الأول الثانوي يشتمل على معلومات من مواد الجيولوجيا وعلوم البيئة والأحياء والكيمياء والفيزياء، لافتا إلى أن كل فرع يحتاج تخصصا لتدريسه حتى لا يتوه المعلم والطالب”.

ولفت إلى أن منهج العلوم المتكاملة دسم، لكن مدة تدريسة قصيرة، لأن قيام مدرس واحد بتدريس هذه المادة لا يكفي، منوها بأن تقسيم المادة على تخصصات العلوم مسألة صعبة لأنها متداخلة.

 

استعدادات خاصة

 

وقال عاصم حجازي الأستاذ بكلية الدراسات العليا للتربية جامعة القاهرة: إن “التغييرات التي طالت نظام الثانوية العامة كبيرة، لكن الوقت المتاح لتطبيقها لا يتناسب إطلاقا مع حجم التغييرات التي تمت”.

وأضاف «حجازي» في تصريحات صحفية :  كان من الأولى طرح تعديلات بسيطة وإرجاء التعديلات الخاصة بضم المواد وإعادة توزيع بعضها على السنوات الثلاث للمرحلة الثانوية إلى ما بعد إجراء حوار مجتمعي موسع للوصول إلى حلول جذرية وقرارات يرضى عنها الطالب والمعلم وولي الأمر.

وأكد أن التعديلات التي تم عرضها تحتاج إلى تدريب مكثف للمعلمين ونمط جديد من الإعداد في كليات التربية وتدريب تحويلي من خلال الأكاديمية المهنية للمعلمين.  

وأشار «حجازي»  إلى أن ضم المواد العلمية في مادة واحدة وهي العلوم المتكاملة يحتاج إلى استعدادات خاصة، منها ما يتعلق بطريقة إعداد المعلم في كليات التربية مشددا على ضرورة إعادة النظر في تأهيل المعلم ليكون ملما بمحتوى المادة والذي يجمع معارف من ثلاثة مواد تخصصية كالفيزياء والكيمياء والأحياء .

ولفت حجازي إلى أن المعلم لن يكون ملما بكيفية الربط وتحقيق التكامل المطلوب لكي يستطيع نقله لأذهان الطلاب بسهولة، معربا عن اعتقاده أن المعلمين الذين تم تعيينهم لتدريس أحد فروع مادة العلوم لأعوام متتالية لن يكون بإمكانهم تدريس مادة العلوم المتكاملة للطلاب، وسوف تضطر تعليم الانقلاب إلى أن تعهد بالمادة إلى ثلاثة معلمين.

وشدد «حجازي»  على أن تعليم الانقلاب ينبغي أن تدرك أن المعلم لن يؤدي أداء جيدا ولن يكون تعليمه مؤثرًا ومفيدًا، إلا إذا كان لديه دافع قوي ومحفزات تدفعه للعمل لأن التعليم مهنة تعتمد بشكل كبير على دوافع كل من الطالب والمعلم .

 

فلسفة التعليم

 

وقال الدكتور محمد فتح الله الخبير بالمركز القومي للامتحانات: إن “مادة العلوم المتكاملة وهي المفترض عبارة عن تطور لعلوم الكيمياء والفيزياء والجيولوجيا والعلوم البيئية والأحياء، يتم خلالها دراسة الظواهر وهذه فكرة العلوم المتكاملة، متسائلا  كيف يتم  اقتصارها على دمج الفيزياء والكيمياء، ويتم تجاهل مادة مهمة مثل الأحياء، ثم بعد عامين يعود تدريس الأحياء للصف الثالث الثانوي فقط؟”.

وحذر «فتح الله»، في تصريحات صحفية من أن هذا التعديل يعد كارثة، لأن معظم الكليات العلمية قائمة على جميع هذه المواد، موضحا أن الفلسفة القائم عليها التعليم تأهيل الطالب للتخصص، فالتعليم قبل الجامعي تأسيس، والجامعي أكاديمي متخصص .

وأكد أن الدمج ضيع ملامح فلسفة النظام، والأمر يحتاج مجهودا كبيرا لكي يؤدي إلى نتيجة حقيقية، ويحتاج وقتا لإعداد المناهج، متساءلا من الذي يدرس العلوم المتكاملة بهذا الشكل؟.

وتابع «فتح الله»: لا نعلم حتى الآن ما سبب هذا القرار وظروفه، وما مردوده على المنظومة التعليمية والمجتمع، خاصة أن مثل هذه المواد تبني فكر وشخصية الطالب ومعلوماته؟

وقال: “الخطورة أن كم المعارف خاصة في علوم الأحياء والحيوان والنبات تنبني عليه أشياء مؤثرة في المجتمع المصري، وحين نلغي الأحياء من الصف الثاني الثانوي يحدث انقسام تعليمي حتى لو عادت في ثالثة ثانوي، لأنها مادة تراكمية،  وتدريسها في ثالثة ثانوي قبل دخول الجامعة يحدث خللا كبيرا .