قبل ساعات من بدء العام الدراسى الجديد ، غدا السبت ، مازالت مشكلة نقص عدد المعلمين من أكبر التحديات التي تواجه العملية التعليمية، والتي تحاول حكومة الانقلاب معالجتها بقرارات عشوائية غير مدروسة، من ذلك تعيين معلمين بنظام الحصة وتحديد قيمة الحصة بـ 50 جنيها، وهذا لا يقبله أي شخص يريد العمل في مجال التعليم .
وفي ظل هذه الأوضاع المستمرة منذ سنوات ، تتفاقم مشكلة العجز من عام لآخر، كما أن عدد المعلمين الذين تم تعيينهم مؤخراً لا يكفي لسد الفجوة الناتجة عن إحالة آلاف المعلمين للتقاعد طوال السنوات الماضية وتوقف التعيينات في تعليم الانقلاب لمدة تصل إلى عشر سنوات، ومن ثم أصبحت مشكلة عجز أعداد المدرسين واحدة من أكبر مشاكل التعليم ، رغم أن خريجي كليات التربية يبحثون عن فرصة عمل.
يذكر أن مصر بها ما يزيد على 25 كلية تربية، تخرج سنوياً حوالي 30 ألف طالب، ولكن بسبب إلغاء تكليف المعلمين منذ عام 1998 توقف ضخ الدماء الجديدة في المدارس، وأصبح خريجو كليات التربية بدون عمل، في حين تعاني المدارس من نقص حاد في أعداد المعلمين يتزايد من عام لآخر.
التعليم الثانوي
وخلال الفترة الماضية زعمت حكومة الانقلاب أنها ستعمل على علاج هذه المشكلة من خلال تعيين 30 ألف معلم وتشغيل مدرسين بنظام الحصة، ثم جاء محمد عبداللطيف وزير تعليم الانقلاب الجديد ليؤكد استمرار المشكلة مع وضع بعض الحلول لها.
وأعلن عبداللطيف عن خطته لتطوير التعليم والتي تمثلت في وضع خطة لإعادة هيكلة مرحلة التعليم الثانوي؛ تتضمن تخفيض عدد من المواد الدراسية ودمج وإلغاء مواد أخرى، وإدراج اللغات الأجنبية الثانية خارج المجموع، كما شملت الخطة التأكيد على سد عجز المعلمين بالمدارس من خلال تعيين 30 ألف معلم سنويًا، بجانب فتح باب التعاقد مع المعلمين بنظام الحصة طبقًا لاحتياجات الإدارات التعليمية مع التأكيد على رفع المقابل المادي للحصة، لتكون 50 جنيهًا، كما وافق مجلس وزراء الانقلاب على زيادة قيمة الحصة للمعلمين بالحصة من خريجي الكليات المُؤهلة للتدريس من 20 جنيهًا إلى 50 جنيهًا.
عجز المعلمين
وقال الدكتور ياسر شحاته، رئيس قسم إدارة الأعمال بكلية الاقتصاد والإدارة وخبير الموارد البشرية والتنمية المستدامة: إن “التعليم المصري يحتاج للعديد من الإجراءات، لأن سياسات العالم تتجه نحو التطوير”.
وأكد شحاته في تصريحات صحفية أن حل مشكلة عجز أعداد المعلمين، يجب أن تكون على قائمة الأولويات، مشيراً إلى أن رفع قيمة الحصة لخمسين جنيهاً أمر جيد، ويشجع على العمل داخل المدارس، مع ضرورة تفعيل دور الرقابة في المدارس والفصول والحضور والاهتمام بالمقررات التعليمية.
وشدد على ضرورة أن يتم التطوير مع مراعاة كافة جوانب العملية التعليمية، بما فيها الطالب والمعلم
سلبيات خطيرة
واعتبر الدكتور مرزوق العادلي أستاذ الإعلام بجامعة سوهاج أن هذا القرار متعجل وغير مدروس وله انعكاساته السلبية على كل الأطراف الطلاب والمدرسين والمجتمع، موضحا أن تحقيق أهداف العملية التعليمية من شروطه شعور المعلمين بالاستقرار والرضا الوظيفي في أماكن عملهم، حيث المرتب الثابت الكافي لتأمين المعيشة والتأمين المالى على الحياة والتأمين الصحي وشمول المعلم بكافة أنواع الرعاية، حتى يستطيع أن يؤدي أداءً تعليمياً جيداً ولا يلجأ للدروس الخصوصية وابتزاز الطلاب لسد احتياجاته واحتياجات أسرته.
وقال «العادلي» في تصريحات صحفية: إن “الـ50 جنيهاً كمقابل للحصة التي يتحدث عنها وزير التربية والتعليم بحكومة الانقلاب لا يستطيع المعلم أن يشتري بها الآن شيئاً”.
وأكد أن أساس نجاح أي عملية تعليمية هو التخصص والإبداع في التخصص، أما موضوع تغيير التخصصات فهذا قرار له سلبيات خطيرة لأن المثل البلدي يقول: «إدي العيش لخبازه» متسائلا : كيف أعطى الجغرافيا لمعلم فرنسي والتاريخ لمعلم فلسفة وعلم النفس لمعلم الإنجليزي والعربي لمعلم جيولوجيا، هذا عبث بالعملية التعليمية لأن فاقد الشيء لا يعطيه، وبالتالي سينعكس كل ذلك على الطلاب والمعلمين والعملية التعليمية وبالتالي المجتمع كله.
وأضاف «العادلي» أن هذه القرارات لن تطور العملية التعليمية ولن تحسن من مستوى المعلمين أو الطلاب، بل ستحدث خللاً لدى كل أطراف العملية التعليمية لأنها قرارات غير مدروسة ولأن التطوير يحتاج إلى إبداع وتخطيط وإرضاء للمعلم والطالب واطلاع على أحدث النظم التعليمية في العالم.
عشوائية
وأوضح أن هذه القرارات ليست في صالح الطلاب وأولياء أمورهم، لأن الطلاب لن يتعلموا بشكل صحيح ولن يشعروا بالانتماء للمدرسة، ولن تتكون لديهم المفاهيم التعليمية بشكل يجعلهم ناجحين ولديهم طموحات مستقبلية .
وحذر من أن هذه القرارات ستنعكس على أولياء الأمور بالسلب لأن أعبائهم ستزداد لإنقاذ أبنائهم من هذا العبث بمزيد من الدروس الخصوصية ليشعروا بأن أبناءهم استوعبوا بشكل صحيح، مشددا على ضرورة إعادة النظر في هذه القرارات ودراستها والتخطيط لها بشكل جيد قبل إقرارها.
وأعرب «العادلي» عن أسفه لأن هذه القرارات لم تأت عن طريق مشورة أهل العلم الذين تكتظ بهم الجامعات المصرية وكان يجب الرجوع إليهم، لأنهم خبرات أكاديمية تستطيع أن تقدم رؤية متطورة لكل عناصر العملية التعليمية معتبرا أنها قرارات متسرعة رغم أنه ما خاب من استشار فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون.
وأكد «العادلي» أن هذه القرارات تعجيزية وعشوائية ولا تصب في مصلحة التعليم وأطرافه المختلفة من طلاب ومعلمين وأولياء أمور، وبالتالي فهي غير مفيدة لمصر مطالبا بدراسة أي قرار قبل إصداره خاصة فيما يتعلق بالعملية التعليمية لأن التعليم كالماء والهواء وهو أمن قومي لمصرنا ولا يجوز على الإطلاق العبث به أو التجريب غير المدروس فيه، ويجب أن يكون القرار فيه مرتبطا باستراتيجيات ثابتة تحقق أهداف الوطن وليس مرتبطا بأشخاص لهم رؤى ذاتية قد تكون غير مفيدة.