أم الكوارث..التفريط بأصول وأراضي مصر لسداد ديون السيسي للسعودية

- ‎فيتقارير

بيع بيع يا بديع، مزاعم كاذبة رفعها العسكر وأذنابهم من جبهة الإنقاذ وحركة تمرد في وجه الرئيس المنتخب والشرعي محمد مرسي قبيل الانقلاب عليه، دون أن تحمل مثقال ذرة من الواقع.

أما الآن فالبيع على المكشوف وبلا توقف، ودون حدود أو خطوط حمراء، وبلا استشارة للشعب أو لمؤسساته، حيث يواصل السيسي بيع أراضي مصر وبحارها وجزرها ومصانعها وشركاتها… وكل شيء، بلا رقيب، ودون أن تُوجَّه تلك الأموال لبناء أصول اقتصادية جديدة أو حتى التخفيف عن الشعب المصري الذي يئن تحت وطأة الغلاء والفقر والعوز. بل تُوجَّه لسداد ديون السيسي التي أنفقها على قصوره الرئاسية وطائراته الفخمة، وعلى مشاريعه الوهمية التي لا تعود على الاقتصاد بشيء.

 

وكشفت زيارة الوفد الاقتصادي الذي قاده مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، إلى العاصمة السعودية الرياض بداية الأسبوع الجاري للتفاوض حول تحويل ودائع سعودية بقيمة 5.3 مليارات دولار مستحقة على مصر مقابل شراء أراضٍ وأصول عامة، عن تفاقم أزمة الديون الخارجية، مع وجود مستحقات فوائد وأقساط واجبة السداد بقيمة 11 مليار دولار خلال شهر نوفمبر المقبل، بالإضافة إلى ضغوط يمارسها صندوق النقد الدولي لدفع الحكومة إلى الإسراع ببرنامج الطروحات العامة قبل بدء المراجعة الرابعة لأداء الاقتصاد المقررة بداية أكتوبر المقبل.

 

إغراءات للسعودية لإنقاذ السيسي

 

وتباهت حكومة السيسي بإعلانها عزم السعودية ضخ استثمارات بقيمة 5 مليارات دولار، بل قدمت الحكومة المصرية إغراءات للجانب السعودي، تشمل التنازل عن أراضٍ وشركات في صناعات استراتيجية وحل فوري لأزمات مزمنة عالقة مع المستثمرين السعوديين، مقابل التخلي عن الوديعة الدولارية.

من جانب آخر، جاءت الموافقة الأولية للسعودية على تحويل الودائع إلى استثمارات بعد عامين من المفاوضات مع الجانب السعودي، بموافقة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، على ضخ قيمة الودائع في استثمارات مملوكة للدولة. وأكدت مصادر أن هذه الاستثمارات ستركز على تخصيص أراضٍ زراعية وللبناء العقاري، ومشروعات سكنية وفندقية، وأسهم في شركات بتروكيماويات.

 

إملاءات سعودية وخضوع مصري

 

واشترط الجانب السعودي أن تسرع الحكومة المصرية في إنهاء المشاكل التي يتعرض لها المستثمرون السعوديون، والمستمرة منذ سنوات، والتي أدت إلى نزاعات قضائية بين الجهات الرسمية والشركات السعودية، حيث يوجد 14 حالة تتداول في الدوائر القضائية. ما دفع مدبولي إلى مطالبة الوزارات المعنية بإنهائها دون انتظار الفصل في النزاعات بالطرق القضائية. كما دعا إلى انعقاد مجلس الأعمال المصري السعودي خلال شهر أكتوبر المقبل لإعادة تشكيله ومراجعة المشاكل العالقة، والتي عددها الطرف السعودي بنحو 90 مشكلة تحتاج إلى حسم فوري.

بعضها مرتبط باسترداد الحكومة لعدد من الأراضي المخصصة لشركات عقارية سعودية لإقامة منتجعات سياحية، ولم تلتزم بجداول التنفيذ.

 

مشاكل أخرى تتعلق بشكوى المستثمرين من عدم القدرة على إعادة رأس المال المستثمر في مصر بالعملة الصعبة، وتذبذب سعر الجنيه، بما يفقد رجال الأعمال قيمة الأصول المستثمرة، مع تراجع حاد بالأرباح في كل مرة يتعرض الجنيه للتعويم، وفقًا لتصريحات رجال أعمال في المجلس المصري السعودي.

 

الأصول مقابل الديون

 

ووفق خبراء اقتصاد، فإن صفقة تحويل الودائع السعودية إلى استثمارات في الشركات العامة تعد عملية بيع أصول مقابل الديون. وهي فكرة اقتصادية تستهدف تنمية الاستثمارات بين البلدين. أما ما تقوم به الحكومة من مبادلة الدين بأصول عامة، فلا علاقة له بالاستثمار المباشر على الإطلاق.

وتُعد هذه الطريقة قائمة على عقود تنازل عن ملكية الأصول التي لا يمكن للدولة أن تتحكم في طريقة استخدامها أو تجبر مالكها على الالتزام بخطط استثمارية محددة، حيث يحق له حرية التصرف في الأصل، وكأنه حكم تغريم للمدين، وليس مبادلة للاستثمار.

 

وهو نفس السيناريو الذي قامت به الحكومة في صفقة بيع رأس الحكمة، حيث منحت صندوق الاستثمار الإماراتي ملكية الأرض دون أن تكون لديها خطة استثمار محددة تضمن قدرة المشروع على توليد دخل بالدولار يحقق التنمية المستدامة.

 

إذ يحق للمالك استخدام الأرض كما يشاء في بناء عقارات أو قصور، بما يضمن له استرداد رأس المال والأرباح، بمجرد طرحه لمشروعه، مع إمكانية الخروج بهذه الأموال قبل اكتمال المشروع، واستعادة ما جناه سواء بالجنيه المصري أو العملات الأخرى، بنفس قيمة العملة الصعبة التي دفعها. بما يعيد دورة الضغط على طلب الدولار من البنوك التي تلجأ إلى البنك المركزي لتدبير العملة الصعبة في حالة عدم امتلاكها للمبالغ المطلوبة من المستثمر الأجنبي.

 

وتشبه صفقات مبادلة الدين مقابل أصول ما يرتكبه البنك المركزي من أخطاء بالاعتماد على الأموال الساخنة في تدبير العملة الأجنبية، حيث استخدم بيع أذون الخزانة قصيرة وطويلة الأجل بفائدة مرتفعة، والبناء على المبالغ التي توفرت من الدولار في دعم الاحتياطي النقدي. وعندما خرجت فجأة عقب اندلاع الحرب في أوكرانيا في فبراير 2022، تسببت في تدهور الجنيه، حيث تراجع من 15.5 جنيهًا إلى نحو 48.5 جنيهًا مقابل الدولار.

وهذا يحدث نتيجة خطأ في توصيف نوعية الاستثمار، حيث تدعي الحكومة أن الأموال الساخنة والتنازل عن الأصول مقابل الديون هي استثمار أجنبي مباشر، دون سند اقتصادي أو علمي.

 

ويعطي تنازل الحكومة عن أصولها الاقتصادية إشارة سلبية للمستثمرين بعدم قدرة الدولة على سداد القروض التي تحصل عليها أو الوفاء بمستحقات المستثمرين الذين يطلبون الخروج من السوق أو استرداد أرباحهم الرأسمالية.

وهكذا تتواصل جهود السيسي في تدمير اقتصاد مصر، ببيع الأصول والأراضي للدائنين، فيما تُنفق أموال الديون على مشاريع وهمية يضطر النظام إلى بيعها مجددًا مع أي أزمة مالية، كما يجري الآن مع العاصمة الإدارية والبرج الأيقوني.